دعا، أمس الاثنين ببومرداس، أساتذة و مختصون في الاقتصاد و القانون، للتعجيل في إعادة النظر في قانون الإشهار بالجزائر، عبر تحديد ضوابطه و أحكامه، في ظل استفحال ما أسموه بالإشهار التضليلي، الذي أكدوا أن 95 بالمئة من المستهلكين الجزائريين يقعون ضحايا له، في ظل صمت كبير من مستهلك لا يعي حقه في التبليغ، رغم الضرر الكبير. وأجمع منشطو الملتقى الوطني حول الإشهار التضليلي و آثاره على المستهلك و السوق، الذي أشرفت على تنظيمه مديرية التجارة لولاية بومرداس، بالتنسيق مع غرفة الصناعة و التجارة، و كذا جامعة بومرداس و برعاية من وزارة التجارة، تحت شعار "من أجل سوق أكثر نزاهة"، على أن هنالك فراغا قانونيا كبيرا، فيما يتعلق بالإشهار ككل في الجزائر، وليس بالإشهار التضليلي فحسب، حيث أوضحت الدكتورة بكلية الحقوق بجامعة بودواو، حساين سامية في مداخلتها، أن هذا الفراغ قد سمح للمصنعين و المتعاملين الاقتصاديين، بخداع المستهلك عبر الإشهار التضليلي ،الذي يعني حسبها، تقديم رسالة إشهارية خاطئة تؤثر على خيار المستهلك. و أكدت الدكتورة حساين، أن ثمة فراغا قانونيا في تنظيم موضوع الإشهار ككل في الجزائر، إذ لا وجود لقانون يحدد أحكامه و ضوابطه، ما عدا بعض المواد كالمادة 6 من القانون 04/02، و المادة 67 من قانون حماية المستهلك، إضافة إلى مواد أخرى اعتبرتها قليلة و مختصرة جدا في قانون التجارة الإلكترونية، لا تعد كفيلة بتنظيم موضوع مهم كالإشهار. من جانب آخر، أكد أستاذ الإقتصاد و ممثل جمعية حماية المستهلك على مستوى ولاية بومرداس، والي عرقوب، أن الإشهار التضليلي انتشر خلال السنوات الأخيرة بشكل رهيب في الجزائر، سواء كان ذلك عبر مختلف القنوات الإشهارية، أو بشكل مباشر في المحلات و الأسواق، الأمر الذي يجعل حسبه، من الجمعية ملزمة بالتحسيس و التوعية في أوساط المواطنين من أجل التحسيس بخطورة ذلك و تأثيره السلبي على المستهلك و الإقتصاد الوطني، و ذلك عبر حملات تستهدف مختلف الأمكنة كالأسواق و حتى على مستوى المدارس قصد التأثير في المستهلك الصغير و ترسيخ ثقافة الإبلاغ. و في ما يتعلق بشق الإبلاغ، كشف الأستاذ عرقوب أن المواطن الجزائري ما زال لا يعرف حقه في التبليغ عن الإشهار التضليلي و الأضرار التي يتعرض لها نتيجة ذلك، موضحا أن الجمعية أجرت استبيانا مؤخرا، كشف عن أن 89 بالمئة من المواطنين الجزائريين لا يبلغون عن الإشهارات التضليلية، بالرغم من أن 95 بالمئة منهم، كانوا ضحايا لهذا النوع من الإشهار، الذي أوضح، أنه لا يشمل المنتجات كالأغذية فقط، بل حتى الخدمات خاصة الإشهارية و السياحية. الملتقى الذي احتضنته قاعة المحاضرات بمقر ولاية بومرداس، و استهل بوقوف المشاركين لدقيقة صمت ترحما على روح الراحل الفريق أحمد قايد صالح، تضمن عدة محاور و تدخلات حول مفهوم الإشهار التضليلي و المصطلحات الشبيهة، و شرح قانون الممارسات التجارية تحت عنوان "صور الإشهار التضليلي في قانون الممارسات التجارية 04/02"، إضافة إلى كون الإشهار التضليلي ممارسة غير مشروعة على ضوء الشريعة الإسلامية، وكذا موضوع التكيف القانوني للإشهار التضليلي، مع توضيح أركان جريمة هذا الإشهار، و الإجراءات المتبعة من طرف مصالح التجارة عند رفع مخالفات هذا الإشهار، مع شرح طرق مكافحته عبر جمعية حماية المستهلك. و يهدف الملتقى، الذي عرف مشاركة فاعلين اقتصاديين، مختصين و أساتذة جامعيين بحسب ما أفادت به مديرة التجارة لولاية بومرداس السيدة سامية عبابسة، إلى تحذير المتعاملين الاقتصاديين من هذا السلوك، و توجيه المستهلك بعدم الانصياع خلف ما تقدمه الإشهارات دون التأكد من المنتجات و ما تحتويه من مكونات، و كذا الخروج بتوصيات بإمكانها أن تحقق شعار الملتقى بإرساء دعائم سوق أكثر نزاهة.