منتجون ينفون استعمال أدوية لتكبير الحبات دفعت وفرة منتوج الحمضيات بولاية سكيكدة المنتجين إلى تسويقه إلى ولايات الوسط وعلى وجه التحديد البليدة بسبب انعدام مصانع ووحدات التحويل، بينما نفوا بشدة ما يتردد عن استعمالهم لأدوية لتكبير حبات البرتقال، واعتبروا الحمضيات بولاية سكيكدة تستمد شهرتها وجودتها من طبيعتها دون استعمال أي أدوية باستثناء الأسمدة المخصصة لمحاربة الأمراض والحشائش الضارة. مرتبة خامسة وطنيا و17 صنفا يصنع شهرة المنطقة تعد ولاية سكيكدة من أهم الولايات المنتجة للحمضيات، حيث كانت في الحقبة الاستعمارية والفترة التي تلت الاستقلال الى غاية أواخر السبعينيات تصدر كميات هائلة إلى الخارج وبالتحديد إلى فرنسا وايطاليا بسبب جودتها، حيث ورغم مرور السنين وشيخوخة الأشجار لكن بعض البساتين والحقول لا تزال تحافظ على نوعيتها الممتازة ، وتحتل سكيكدة حاليا المرتبة الخامسة وطنيا من حيث نسبة الانتاج وتعرف هذه الشعبة تطورا من سنة لأخرى بفضل برامج الدولة و ميكانيزمات الدعم بمختلف الصيغ من بينها صندوق الوطني للتنمية والاستثمار الفلاحي. تتوقع المصالح الفلاحية حسب رئيس مصلحة بالمديرية رابح مسيخ، أن يصل الانتاج هذا الموسم إلى 550 ألف قنطار بمعدل 200 قنطار في الهكتار ، و تمتد بساتين الحمضيات على مساحة منتجة ب 2600 هكتار من إجمالي 3100 هكتار بعد أن كانت في حدود 1100 هكتار قبل سنة 2000، وتنتج الولاية 17 صنفا من أنواع الحمضيات ( كليمونتين، واشنطن، هاملا، سونقيل، ماتمار، دوبلفين محسنة، برتقال محلي فالنسيا، لافارنيا، مندرين، كليمونس بدون نوى وغيرها)، ويمتد جنيها لغاية شهر جوان ، فإنتاج الولاية تقريبا موجود في السوق طيلة السنة نتيجة لمناخ البحر الأبيض المتوسط الذي تمتاز به المنطقة. وبخصوص ما يشاع عن استعمال منتجين لأدوية كيمائية تساعد في زيادة حجم حبات البرتقال، نفى محدثنا هذا الأمر مؤكدا بأن أطرافا تروج لهذه الاشاعات من أجل ضرب الاقتصاد الوطني وهي مجرد إشاعات لا غير. تجديد 60 بالمئة من الأشجار واهتمام متزايد بالشعبة وأوضح بأن الأدوية الكيمائية التي يستعملها المنتجون عبارة عن أسمدة ومبيدات خاصة بمكافحة الأمراض والطفيليات ومبيدات فلاحية، وهي ضرورية وفق المقادير المطلوبة والأوقات المناسبة مع ضرورة استعمال المنتجين للوسائل الوقائية من أجل الحفاظ على سلامة الأعوان المكلفين بعملية المعالجة، وأيضا بغرض الحماية من التأثيرات السلبية على البيئة والمحيط. وأضاف المتحدث أن عملية تجديد أشجار البرتقال جارية من طرف المستثمرين بالتنسيق مع المصالح الفلاحية، وقد تم غرس أزيد من 60 في المئة من الأشجار الجديدة، حيث تزايد اهتمام الفلاحين بهذه الشعبة وتوسعت زراعتها إلى بلديات ومناطق جديدة على غرار، عين قشرة بالجهة الغربية وبلدية عين شرشار بالجهة الشرقية للولاية، لاعتبارات وعوامل مختلفة لها علاقة بالمناخ ووفرة التساقط، وهذا من شأنه أن يساهم في تطوير هذه الزراعة. النصر ومن أجل نقل واقع هذه الشعبة وانشغالات المنتجين تنقلت إلى بعض البساتين المشهورة بإنتاج الحمضيات، وكانت البداية ببلدية الحدائق، أين التقينا بمنتج أمام بستانه قام بنصب خيمة صغيرة لبيع البرتقال، قال بأنه يفضل بيعه أمام بستانه من أجل تحقيق هامش من الربح عوض تحويله لأسواق الجملة، «فهناك تكون هوامش الربح غير مضمونة لأن بعض الأطراف أو بارونات الأسواق يتلاعبون بالأسعار بما يعود عليهم بالفائدة ولا يبالون بالمنتجين والفلاحين». فلاحون يبيعون الإنتاج بالبساتين تجنبا للخسارة وخلال تواجدنا بالمكان لاحظنا إقبالا كبيرا للمواطنين على شراء البرتقال من مختلف الأنواع سواء من السكان المجاورين للبستان أو من أصحاب السيارات العابرين لهذه الطريق، واعتبروا أن شراء البرتقال من البستان مباشرة امتيازا غير متاح دائما، لأنه يمنح حرية اختيار ما يرغب الزبون في شرائه كما أن الأسعار تكون في المتناول حسب كل صنف بخلاف الأسواق. وعاد صاحب البستان ليتحدث عن المشاكل التي تصادفهم كمنتجين وأصحاب مستثمرات من بينها، صعوبة الحصول و تجديد وثائق الملكية باختلاف كل مستثمرة، بسبب وفاة أصحابها، حيث يجد الورثة مثلما يقول عوائق كثيرة في تسوية هذا الأمر الذي يصعب عليهم تسوية بعض الأمور منها ما تعلق بقضية التعويضات عن شق مديرية الأشغال العمومية لطريق اجتنابي، حيث لا يزال كثيرون ينتظرون هذه التعويضات منذ عشر سنوات. كما يشتكي المنتجون بهذه المنطقة من غلاء الأسمدة، حيث يشترونها من السوق السوداء بصعوبة بمليون سنتيم للقنطار، فضلا عن عدم حصولهم على الدعم من المصالح الفلاحية، مشيرا إلى أن تزويد منزله الكائن بجانب البستان بالكهرباء والغاز كان بأمواله الخاصة حيث كلفه ذلك 30 مليون سنتيم، بينما كان من المفروض أن الدولة هي التي تقوم بتزويده بالكهرباء الريفية والغاز. وتحدث المنتج أيضا عن غياب التأمين الاجتماعي الذي ضاعف من معاناته بصورة كبيرة معتبرا نفسه وبقية المنتجين ضحية التهميش من طرف المصالح الفلاحية التي لم تزر المنطقة لمعرفة انشغالاتهم، مؤكدا بأن النصر الوحيدة التي زارت المنطقة. «التجار سبب تسويق برتقال رديء» وبخصوص ما يشاع عن استعمال المنتجين لأدوية خاصة بزيادة حجم حبات البرتقال نفى المعني هذا الأمر وقال إنه سمع بهذه القضية لكن لا وجود لها في الواقع، كما أرجع مسؤولية بيع البرتقال الرديء المنتشر في بعض الأسواق إلى التجار وليس المنتجين، لأن «الفلاح ليس من مصلحته بيع هذه النوعية ويحرص دائما أن يخرج منتوجه من البستان بجودة عالية» كما يضيف. وفي تعليقهم عن تزايد تشييد المنازل والفيلات داخل البساتين التي أصبحت سمة بارزة بالبساتين المتواجدة بإقليم منطقة الحدائق في السنوات الأخيرة اعتبر بعض المنتجين الظاهرة عادية وايجابية بحكم أنها تساعدهم على الاستقرار في أرضهم وخدمتها في ظروف مناسبة، عكس في حالة إقامتهم بعيدا عن البساتين. وأجمع منتجون بهذه البلدية بأنهم مستعدون لمضاعفة المجهود وتطوير شعبة زراعة الحمضيات في حال تدخلت السلطات العمومية وساعدتهم على تسوية مشاكلهم الإدارية بما يسمح لهم بالاستفادة من الدعم الفلاحي، لأن نوعية المنتوج حسبهم ترتبط بمدى توفر الامكانيات. مشكل سقي بموطن «طومسون» وببلدية صالح بوالشعور وبالتحديد منطقة شعبة زيان التي تشتهر بزراعة أجود أنواع الحمضيات «طومسون» فقد طرح الفلاحون مشكلة السقي بحدة وقالوا إنها تؤثر سلبا على نوعية المنتوج وجودته لدرجة أن الأشجار كادت أن تتضرر من النقص الكبير في السقي، فالبرنامج الذي ضبطته مصالح الري برأيهم بمعدل مرة كل ثلاثة أيام وبساعات قليلة، حصة ضئيلة جدا و لا تكفي بصورة جيدة مقارنة بما تحتاجه الأشجار. كما اشتكوا من قضية التعويضات الخاصة بمرور قناة للري على أراضيهم الزراعية، حيث أن المصالح المختصة تريد تعويضهم كما ذكروا بصفة جماعية دون مراعاة وضعية كل منتج فيما يخص الضرائب وهذا ما يرونه إجحافا في حق الكثيرين، وبالتالي يطالبون الجهات المعنية بإعادة دراسة ملف القضية من جديد ليكون التعويض عادلا وشفافا. وبدورهم نفى المنتجون كل ما يشاع عن استعمال الأدوية الكيمائية لتسمين حبات البرتقال وأكدوا بأن الحمضيات بصالح بوالشعور تمتاز بجودتها العالية وذوقها أحسن بكثير من المستوردة لكونها طبيعية مئة بالمئة. طموحات للتصدير وإنتاج يبحث عن مصانع ورغم أن الإنتاج لم يكن بالوفرة التي كان عليها في الموسم السابق، لكنهم لم يخفوا رغبتهم واستعدادهم للتصدير للخارج من منطلق جودة المنتوج ومطابقته للمعايير والمواصفات الدولية، في حال وجدوا التسهيلات اللازمة من قبل المصالح الفلاحية من أجل الاندماج في النمط الاقتصادي للدولة، و الذي يرتكز على الاستثمار المنتج، خاصة وأن المنطقة تحتل موقعا استراتيجيا بتوسطها طريق الميناء باتجاه محوّل طريق السيار وكذا الطريق الوطني رقم 3 بين قسنطينةوسكيكدة. المنتجون بهذه المنطقة كانوا قد قاموا قبل سنوات باحتجاج كبير عندما تقرر إنجاز طريق الميناء بمحول طريق السيار يعبر برواق البساتين، واعتبروا ذلك انتهاكا للثروة الفلاحية قبل أن يتم تعويضهم من طرف مديرية الأشغال العمومية. ويظل انعدام مصانع ووحدات تحويلية بولاية سكيكدة من أكبر المشاكل التي يعاني منها المنتجون، حيث أن مصنع سيجيكو لإنتاج العصائر الكائن برمضان جمال كان يتكفل بشراء منتوج الفلاحين، لكن توقفه في السنوات الأخيرة دفع بغالبية المنتجين أمام الوفرة، إلى تسويق الإنتاج لولاية البليدة وآخرون يأتون من ولاية جيجل لإعادة بيعه لأصحاب مصانع التحويل مستغلين انخفاض الأسعار في السوق المحلية، حيث تراوحت هذا الموسم بين 60 و200 دج حسب نوعية وجودة السلعة. و في هذا الإطار عبر بعض المنتجين في حديثهم لنا عن رغبتهم في إنجاز مشاريع استثمارية لفتح مصانع تحويلية إذا ما وجدوا التسهيلات اللازمة من طرف السلطات الولائية، خاصة وأن مشاريع من هذا النوع من شأنها أن تفتح مناصب شغل كثيرة لشباب المنطقة من جهة، وتضمن حماية المنتوج من التلف من جهة أخرى.