النتائج السلبية تصدر في نفس اليوم و 24 ساعة للإيجابية شرع أمس، فريق ملحقة معهد باستور بقسنطينة في استقبال عينات مأخوذة من الأشخاص المشتبه بإصابتهم بفيروس كورونا من الجهة الشرقية للبلاد، على مستوى مخبر البيولوجيا المجهرية بالمركز الوطني للبحث في البيوتكنولوجيا، و المزود بتجهيزات متطورة من المستوى الأمني الثاني لحماية الطاقم الطبي من الإصابة ومنع وقوع «تلوث بيولوجي» بتسرب الفيروس إلى خارج المخبر، بينما خضع الفريق لتكوين نظري وتطبيقي على يد أعضاء فرقة الأمن البيولوجي التابعة للمركز. و دبت حركة غير معتادة خلال الفترة الصباحية من يوم انطلاق العمل على مستوى مركز البحث في البيوتكنولوجيا بعلي منجلي، فقد وجدنا فريق معهد باستور ومدير المركز وطاقمه عند وصولنا حوالي الساعة العاشرة والنصف يعكفون على ترتيب وسائل العمل ووضع اللمسات الأخيرة من التحضيرات من أجل الانطلاق في تحليل العينات المفترض وصولها من جميع الولايات الشرقية، كما كان مدير ملحقة باستور يتأكد بنفسه من جميع الوسائل ويوجه فريقه. وقد مُنع الدخول إلى القاعة التي تضم تجهيزات تحليل العينات ويتطلب ولوجها عبور باب معدني مزدوج، بينما استطعنا دخول الرواق المفتوح واكتفينا بملاحظة عمل أعضاء الفريق الذين كانوا يرتدون بزات خاصة ويضعون الكمامات من وراء الزجاج، كما أن جميع طاقم مركز البيوتكنولوجيا يستعمل المواد والوسائل الخاصة به، و التي كانت على مستوى المخبر في غرفة جانبية. ولاحظنا على الباب الرئيسي للمخبر، المؤدي إلى الرواق المفتوح، علامة الخطر الصحي، ورمز «BSL2»، الذي يعني المستوى الثاني للسلامة البيولوجية، أعلى عبارةِ «مخبر البيولوجيا المجهرية» مدونة باللغة الإنجليزية، في حين وضعت عبارة أخرى تشير إلى «منع دخول أي شخص لا ينتمي لفريق المخبر». ولاحظنا شريطين أحمرين يمتدان لأكثر من عشرة أمتار من باب الرواق على الأرض، حيث أخبرنا أحد أعضاء الفريق أنها المسافة التي سيمنع على أي شخص أن يتخطاها عند الشروع في استقبال العينات والعمل عليها، في حين وجدنا عضوا آخر في الفريق يقوم بوضع أشرطة متوازية بصورة متقطعة من أول منفذ نحو موقع المخبر انطلاقا من بهو المركز، وقد علمنا أنها المسافة التي يوصى بعدم تخطيها في الأيام القادمة، أو ما يشبه المنطقة «البرتقالية». «سنعمل على تحليل كل العينات التي تصلنا من المستشفيات» وصرح لنا مدير ملحقة معهد باستور لولاية قسنطينة، البروفيسور فضيل خليفة، أن فريقه ينتظر وصول العينات الأولى المأخوذة من الحالات المشتبه في إصابتها، موضحا أنهم لم يتلقوا أيا منها إلى غاية وقت تواجدنا معهم، بينما أكد أن الملحقة ستغطي كافة الولايات الشرقية. واعتبر نفس المصدر في رده على سؤالنا حول عدد العينات التي يمكن للملحقة أن تقوم بتحليلها، أنه لا يمكنه تحديد سقف، مشيرا إلى أن الفريق سيعمل على تحليل جميع العينات التي تصل إليه من المستشفيات، في حين أوضح أن النتائج السلبية ستصدر في نفس يوم تلقي العينات، بينما تستغرق الإيجابية أربعا وعشرين ساعة لأنها تتطلب إعادة التأكد منها مرة ثانية نظرا لخطورة أن تكون إيجابية. وشرح لنا البروفيسور خليفة سبب اقتصار العمل على إجراء تحاليل الكشف عن الإصابة بفيروس كورونا، بالقول أن الفيروس المذكور سريع الانتقال ويعدي بصورة كبيرة، ما يفرض أن يكون المخبر الذي تتم فيه العملية مزودا بالإمكانيات اللازمة لحماية الطاقم، أي أن يكون مؤمنا بحيث لا يمكن أن يتسرب الفيروس منه أو يكون مطابقا لما يعرف بالمستوى الأمني الثاني. وأضاف نفس المصدر أن الهاجس الأمني هو السبب الأول، مشيرا إلى أن القيام بهذا التحليل في مخابر لا تتوفر على الشروط المذكورة قد يؤدي إلى انتقال «كوفيد 19» إلى الطاقم العامل فيه. المصابون بالزكام مطالبون بالبقاء في منازلهم و وضع الكمامات ودعا مدير الملحقة المواطنين إلى الالتزام بتعليمات الحجر الصحي التي أوصت بها السلطات، معبرا عن استغرابه وتفاجئه من أعداد المواطنين الذين ما زالوا يجوبون الأزقة والشوارع غير مبالين بخطورة الوضع، فيما أشار إلى ضرورة بقاء الأشخاص الذين تظهر عليهم أعراض الزكام مثل سيلان الأنف، في منازلهم وعدم نزع الكمامات من وجوههم، فقد أوضح محدثنا أن أعراض الإصابة بفيروس كورونا والزكام يتداخلان ويتشابهان في البداية، في حين يتميز كوفيد 19 عن الزكام بالتسبب في فقدان حاستي الذوق والشم والصداع الحاد. ورد البروفيسور حول سؤالنا عما إذا كان ينبغي على المصابين بأعراض الزكام التوجه إلى الجهات الصحية المختصة، بالتأكيد على أنه في حال عدم ظهور مشاكل تنفسية أو الأعراض الأخرى المذكورة فإنه يجب الالتزام بالبقاء في المنزل فقط و وضع الكمامة حتى لا يقع اكتظاظ كبير في المستشفيات. تكوين فريق معهد باستور في الأمن البيولوجي وذكر مدير المركز الوطني للبحث في البيوتكنولوجيا، عمار عزيون، في تصريحه للنصر، أن احتضان عملية التحليل جاء بمبادرة من المركز، مشيرا إلى أن الإدارة اقترحت فتح أبوابها بعدما علمت أن الاختبارات المخبرية للكشف عن المرض ستكون على مستوى ملحقة معهد باستور، كما نبه إلى أن مخبر البيولوجيا المجهرية مجهز ومهيأ بحسب المعايير العالمية، فضلا أن اقتراحه يأتي من باب الأمن الصحي لفريق العمل وللمواطنين. وأضاف نفس المصدر أن الباحثين التابعين للمركز قد وُضعوا تحت تصرف ملحقة معهد باستور في حال برزت الحاجة إلى جهودهم، فيما أشار المعني إلى أن «سي أر بي تي» يضم الفرقة المحترفة الوحيدة في الجزائر في مجال الأمن البيولوجي، حيث خضع أفرادها لتكوين في الولاياتالمتحدةالأمريكية لمدة سبع سنوات وحصلوا على شهادات مُدرِّبين. وخضع فريق معهد باستور لتكوين في الأمن البيولوجي وطرق الحفاظ على سلامتهم من انتقال الفيروس إليهم وسلامة الحيز المحيط بهم، حيث استفادوا من تكوين نظري أول أمس، بينما تم تكوينهم تطبيقيا في الفترة الصباحية من يوم أمس حتى صاروا على استعداد للانطلاق في العمل بحسب المدير. ولم يخصص المركز ميزانية للعملية بحسب نفس المصدر، حيث أكد لنا أن توفير أدوات التحليل يقع على عاتق معهد باستور، بينما طلبت إدارة مركز البيوتكنولوجيا تزويدها بكميات إضافية من أدوات التحليل لتقديم يد المساعدة، كما أوضح محدثنا أن المركز طلب في البداية التكفل بعملية الكشف عن العينات المأخوذة من الحالات المشتبه بإصابتها، قبل أن يضم جهوده إلى نشاط معهد باستور الذي بادر إلى إلحاق التحليل بفرعه في قسنطينة. أول تجربة لمركز البيوتكنولوجيا في مجال الفيروسات وسألنا مدير المركز عن موضوع نشاط المخبر الذي وضع تحت تصرف معهد باستور، حيث أكد لنا أنه كان يستغل للبحث في عدة تخصصات، من بينها البيولوجيا المجهرية نفسها أو في مجالات الصحة والتغذية ودراسة المحيط، موضحا أن الدراسات التي تمت فيه من قبل شملت البكتيريا، بينما لم يتم العمل فيه على الفيروسات قط. واعتبر محدثنا هذا الأمر تجربة أولى بالنسبة للمركز، قبل أن يقول «يمكن اعتبارها أول تجربة لنا في مجال علم الفيروسات إن صحت التسمية، نظرا للضرورة المستعجلة لإجراء هذا النوع من التحليل». وقال السيد عزيون أن العمل على فيروسات من شاكلة الفيروس التاجي «كوفيد 19» «يتطلب على الأقل مخبرا للحجر من المستوى الأمني الثاني مثل الذي سخره المركز»، ضاربا أمثلة على التجهيزات الأمنية التي وفرت لفريق باستور من بينها وحدة الأمن الميكروبيولوجي «PSM» وغطاء التدفق الرقائقي الذي يحمي المستعمل. ويدرج عمار عزيون مبادرة المركز إلى وضع المخبر تحت تصرف معهد باستور ضمن الفعل التضامني الوطني، مشيرا إلى أن الدولة استثمرت في إنشاء المركز وجميع المنتمين إليه موظفون لديها، لذلك ينبغي تسخير جميع الجهود في ظل الظروف التي تمر بها البلاد، مثلما أكد.