بعد استطلاع قامت به حول جهود الطاقم الطبي بقسم كوفيد-19 بالمستشفى الجامعي بقسنطينة في محاربة فيروس كورونا، تواصل «الشعب» العمل الجواري وغايتها تقديم إعلام موضوعي يساهم في مرافقة مستخدمي الصحة العمومية في معركة الحياة. محطتها اليوم، مركز البحث العلمي والبيوتكنولوجي الذي فتح أبوابه للقيام بالكشف والتحاليل عن حالات الإصابة بالفيروس والمشتبه فيها من خلال الحوار الحصري مع مديره، عمار عزيون. الشعب: بعد تطبيق لامركزية عمل الهياكل الصحية بشأن التشخيص والتحليل التي فرضها كورونا، ما رأيكم في التجربة؟ عمار عزيون: نثمن اللامركزية التي طبقت مؤخرا جراء انتشار وباء كوفيد.19، حيث أن عملية التشخيص تخص كل الكفاءات، سواء موظفي قطاع الصحة أو البحث العلمي. بطبيعة الحال، معهد باستور لا يستطيع بمفرده وسط هذا الوباء تولي مهام التحاليل الهائلة وطنيا. وكان فتح مثل هذه الهياكل والتي تترجم إرادة قوية للعمل الجاد في التصدي لفيروس خطير. عند سماعنا لخبر فتح ملحق معهد باستور بحي الدقسي، قمنا بالاتصال بمدير المعهد بالجزائر العاصمة وقدمنا له اقتراحا للعمل على مستوى المركز لتوفره على الإمكانات اللازمة لضمان التشخيص الجيد وسلامة الفريق المخبري. تجهيزات ومؤهلات لتسيير المخاطر البيولوجية - ماذا تقرر عمليا وكيف؟ مدير معهد باستور تنقل وعاين مركز البحث، حيث وقف على تجهيزات ومؤهلات مركزنا المقترح للتحليل وتشخيص المرض، والآن فريق معهد باستور يعمل بالتوازي، ومختصو مركز البحث العلمي في البيوتكنولوجيا يؤدون هذه الوظيفة باقتدار، خاصة ما تعلق منها بمسألة تسيير المادة البيولوجية سواء التحليل، العدوى، وتقديم التحليل الأولي غير معدي بما معناه تسيير المخاطر البيولوجية تكون على عاتق فريق مركز البحث العلمي. - كيف هي ظروف العمل؟ كباحثين، نرى المهمة صعبة نوعا ما، باعتبار أن الفيروس حالة مرضية جديدة على المختصين بقطاعي الصحة والبحث العلمي؛ بما معناه لم نكن نتوقع هذا الوباء، الأمر الذي جعلنا نغير برنامج عملنا كباحثين فيما يخص طبعا مشاريع البحث العلمي. أما الرسالة فهي نفسها. الحمد لله، فمع الباحثين والمهندسين وكل الطاقم العامل بالمركز بمختلف مهامه، نحن متواجدون حسب ضرورة العمل ومقتضيات الظرف الصحي الطارئ، هدفنا ضمان المدوامة والحفاظ على صحة وسلامة الفريق والاستمرار في التصدي ورفع تحدي القضاء على الوباء من خلال التشخيص السريع والصحيح ضمن الشروط الصحيحة والمعمول بها. - كيف تنظرون إلى العمل المشترك بين مختصي الصحة والتعليم العالي في مواجهة الوباء؟ لأول مرة وأقولها بكل صراحة وفخر، أنها أول تجربة يعمل فيها قطاعا الصحة والتعليم العالي جنبا إلى جنب في نفس المخبر وبتناسق كبير وبشهادة البروفيسور خليفة. وبما أن قرار فتح مخابر جهوية بوهران وقسنطينة والتي هي في الأصل ملاحق لمعهد باستور، لتخفيف الضغط على العاصمة، إلا أنني وعند سماعي خبر فتح ملحق الدقسي، حاولت الاتصال بالبروفيسور خليفة وتحدثت معه حول اعتماد مركز البحث بديلا لهذه النشاط الحيوي الذي يستدعي سرعة في الكشف والتحاليل، تحدّ من انتشار فيروس مستجد خطير على الصحة العمومية. نظرة استشرافية لمواجهة الأخطار والطوارئ - بالنسبة لملحقة باستور بقسنطينة، ما موقعها في التحدي الصحي الراهن؟ أتمنى من العاملين بملحق باستور بقسنطينة أن يأخذوا العبرة ويعملوا على جعل الملحقة جاهزة بكل الإمكانات اللازمة لمجابهة أي وباء يهدد السكان. ما يعني أن تكون نظرة إستشرافية لما سيأتي وما اللازم لتعزيز قطاع الصحة وغيره من القطاعات. نتمنى أيضا من الجهات المعنية أن تعمل على هذا. كما أن عملنا ومعهد باستور يعتبر مبادرة تضامنية، لأن البحث العلمي هو في خدمة المواطن. قمنا بفتح المركز وقدمنا الإمكانات المادية والكفاءات البشرية المتوفرة مرافقين معهد باستور لمجابهة وباء «كوفيد-19» وإيمانا منا بأن المركز هو ملك للدولة الجزائرية وفي خدمة الوطن ومسؤولية المركز في العمل والمشاركة في مد يد العون لفريق باستور في الظروف الطارئة. - عمليا كيف يجرى تحليل العينات وتشخيص المرض؟ الوضع تحديدا يقف عند استقبال كافة العينات من المستشفيات الجهوية الشرقية. بعد اتصال المريض الذي تتوفر فيه الأعراض ونقله للمستشفى تؤخذ العينة وترسل بعد حفظها بطريقة تمنع تسربها أو جفافها، توثق قبل أن تستقبل من المركز، الذي يتوفر على امكانيات القيام ب500 تحليل يوميا او أكثر. النتائج لا تخرج في نفس اليوم، لأن العينات تصلنا متفرقة وشروط التحاليل لابد من وضع من 50 إلى 60 عينة في جهاز الكشف مدة ساعتين لتكون النتائج جاهزة وتوجه للمستشفى للقيام بالعمل المطلوب. استقبل المركز منذ شهر، حوالي ألفي تشخيص، ونحن نوصي الفريق الطبي بالحذر في تطبيق عينات التحليل واحترام المعايير المعروفة والآمنة على فريق الكشف. اقترحنا على فريق معهد باستور تغيير طريقة العمل الحالية، لأنها تخص فقط الأشخاص الذين لديهم أعراض حمل الفيروس أو الأشخاص الذين كان لديهم تعامل مع مصاب إيجابي، لكن الأشخاص دون أعراض وحاملي الفيروس وليس لديهم تواصل، لا نقوم بتشخيصهم وهو المشكل الكبير، من هنا نقترح تغيير طريقة العمل لتكون مهمتنا ذات فعالية وجدوى أكبر. - مع تزايد الإصابات، كيف يتم التعامل مع الوضع وتداعياته؟ إن نسبة الإصابات بمدينة قسنطينة تتزايد وتتصاعد في منحى خطير. ففي ظرف مضى كان العدد قليلا واليوم العدد ارتفع بسرعة وهو المشكل عندما يكون حاملا للفيروس يقوم بنشر العدوى ولا تظهر عليه الأعراض. هنا لابد من إعادة النظر في طريقة العمل وتوسيع عملية التشخيص، مثلما أشرت سابقا، سيما وأن الحجر الصحي لم يتم احترامه من قبل مواطن مستخف غير واعٍ بالخطر يستمر في خرجات لا طائلة منها للتنزه والسمر. لهذا، نجدد دعوتنا للحذر والإلتزام بالجحر الصحي والمنزلي وعدم المغامرة في الشهر الكريم الذي يأتي في ظروف خطيرة للحيلولة دون انتشار العدوى، سيما وأننا لا نملك القدرات للقيام بتشخيص كل المواطنين. - هل هناك صعوبات تعترض نشاطكم وما هي النقائص المسجلة منذ بداية العمل؟ بكل صراحة لم نسجل أي نقائص تستحق الذكر والقليل منها تكون بالمواد الأولية التي لا تضر عملية التشخيص، وبالنظر لفريق المركز المتخصص في صناعة المعقمات وباعتباره مكلفا بالعمل وفريق معهد باستور بعملية تحليل العينات وكشف الإصابات لا يجد الوقت لذلك، إلا أنه توجد جهات، على غرار جامعة قسنطينة، جمعيات قامت بتزويدنا بالمعقمات والكمامات ونحن نثمن مجهودات هؤلاء. واليوم أنا أحيّي الفريق الذي هو في الصفوف الأولى والعمل المنسق هو سر نجاح الحرب ضد فيروس كوفيد-19 ودائما مع المواطن الذي بيده تغيير المعادلة.