يرى رئيس مصلحة الأمراض المعدية بمستشفى تمنراست وعضو لجنة رصد ومتابعة فيروس كورونا بالجزائر إلياس أخاموك، بأن التزام الجزائريين وتقيدهم بكافة الإجراءات والتدابير سيجعلنا نقضي على الوباء في غضون 4 إلى 6 أسابيع، مشيدا في حواره مع النصر بالقرارات الجريئة والسريعة للدولة الجزائرية التي جنبتنا حسبه سيناريوهات كارثية، كما حدث في بلدان كبرى، على غرار فرنساوإيطاليا وإسبانيا، كما فند محدثنا كافة الأخبار التي تتحدث عن امتلاء المستشفيات، بعد استقبالها عددا كبيرا من المصابين، مؤكدا بأنه لا تزال هناك أسرة شاغرة قادرة على استيعاب أعداد أكبر، ولو أنه نصح بتفادي الاستهتار خلال الأسبوعين الأخيرين من شهر رمضان، كوننا قد ندفع الثمن غاليا حسبه. أجرى الحوار : مروان/ ب - بصفتك مختصا في الأمراض المعدية بمستشفى تمنراست وعضو لجنة رصد ومتابعة فيروس كورونا بالجزائر، ما رأيك في الأرقام المسجلة لحد الآن؟ أولا بعد أزيد من شهرين كاملين، منذ بداية الوباء بالجزائر نستطيع الجزم بأننا تجنبنا كارثة حقيقية، عكس بعض البلدان الأخرى التي أصابها فيروس كورونا، على غرار فرنساوإيطاليا وإسبانيا وحتى الولاياتالمتحدةالأمريكية، وأما القراءة الثانية للأرقام المسجلة، فلسوء الحظ أننا لم نصل بعد إلى الذروة ومنحى الوباء لم يبدأ بالهبوط، وهذا جراء استهتار واستخفاف بعض المواطنين في التعامل مع إجراءات الحجر الصحي التي طالبت بها الدولة مرارا و تكرارا، ولكن هناك رقم جد إيجابي يخص عدد الوفيات الذي هو في تناقص يومي، إذا ما قارناه بالأسابيع الأولى من تعرضنا لهذا الفيروس الخطير، وهو المعيار الأهم بالنسبة لمصالح الإنعاش التي تقوم بمجهودات جبارة في هذا الخصوص لإنقاذ الأرواح. - هل يمكن تفسير تراجع عدد الوفيات في الجزائر بنجاعة الهيدروكسي كلوروكين المعتمد منذ عدة أسابيع لمجابهة هذه الجائحة ؟ هناك فرق كبير بين مرحلة بداية الوباء والآن، ففي الأيام الأولى من انتشار فيروس كورونا بالجزائر لم يكن لدينا أي سلاح لمجابهة هذه الجائحة، ولكن بعد اتخاذ عديد القرارات الجريئة والسريعة من قبل السلطات العمومية تغير الوضع، وباتت الأرقام المسجلة تحت السيطرة، والفضل في هذا يعود إلى استخدام «السكانير»، خاصة مع عدم توفر تحاليل الدم في بعض الأحيان، إلى جانب الاستعمال الفوري لبروتوكول الهيدروكسي كلوروكين الذي أثبت نجاعته، بدليل أن نتائجه كانت جد ايجابية بشهادة الأطباء والمختصين، كما لا يجب أن نغفل عن الحجر المنزلي لأنه تسبب في كبح التسارع الرهيب لهذا الفيروس، وبالتالي كان للأطقم الطبية الجزائرية بعض الأريحية في التعامل مع الحالات الصعبة بالتحديد. - هناك نقاش حاد بخصوص عدم وصولنا إلى الذروة رغم مرور شهرين كاملين من تسجيل أول حالة، بماذا تعلق في هذا الشأن ؟ لكي نوضح الأمور مفهوم الذروة يختلف من بلد لآخر، فهناك بعض الدول وصلت إلى ذروة الإصابات، وبعدها بدأ عدد الحالات يتناقص تدريجيا، فيما كانت هناك حالة من الاستقرار لدى بلدان أخرى، ولهذا يمكن القول بأننا لن نصل إلى الذروة في الجزائر، وستكون هناك حالة من الاستقرار، غير أن الكرة في مرمى المواطنين كما يقال، فإن لم يتبعوا التعليمات ولم يتقيدوا بإجراءات الحجر الصحي، قد يكون هناك ارتفاع جديد في عدد المصابين، ولو أنني أرى بأنه سيكون هناك انخفاض ضئيل جدا إلى غاية زوال هذا الوباء الذي تسبب في عديد الأزمات لجل بلدان العالم. - الإصابات انحصرت مؤخرا ما بين 150 و200 حالة يوميا، ما هي توقعاتكم بالنسبة للأسابيع المقبلة، خاصة مع القرارات الجديدة المتخذة من قبل الدولة ؟ يجب أن ندرك أيضا بأن الارتفاع في الأسابيع الأخيرة ناجم عن فتح عديد المخابر عبر الوطن، ففي بداية الوباء لم يكن بالمقدور إجراء أكثر من 100 كشف ومعهد باستور بالعاصمة كان الوحيد المتكفل بهذه العملية، ولكن مع مرور الأسابيع تغيرت الأمور مع فتح فروع بقسنطينة ووهران وولايات أخرى، ما جعلنا نسجل قرابة 200 إصابة يوميا، ولو أننا قادرون على التحكم في الوضع باحترام الغالبية لإجراء الحجر الصحي، كونه السبيل الوحيد وراء هبوط منحى الوباء، وبالتالي علينا بالحيطة والحذر، فمنذ فتح بعض المحلات التجارية، بالنظر للوضع الاقتصادي الصعب للبلاد، لاحظنا عدة سلوكيات سيئة كانت وراء ارتفاع عدد المصابين، لا يجب أن نحمل السلطات العمومية المسؤولية كونها كانت مجبرة على ذلك، فبلدان كبرى مثل فرنسا وجدت نفسها مرغمة على تخفيف إجراءات الحجر، وتستعد في الأيام القليلة المقبلة لإمكانية رفع الحجر الصحي. - متى سيزول الوباء في الجزائر حسب متابعتكم للوضع ؟ صدقوني لو نلتزم بكافة الإجراءات والتدابير التي توصي بها الدولة ومنظمة الصحة العالمية يمكن أن نقضي على الوباء في الجزائر في غضون أربعة إلى ستة أسابيع، ولكن الأمر ليس هينا، ويتطلب الكثير من التضحيات من قبل المواطنين. - حسب آخر تصريحات وزير الصحة، فإن الدولة قد ترفع إجراءات الحجر الصحي في حال استعمال الجميع للكمامات، ما رأيك فيما قاله ؟ إذا التزم أغلب المواطنين بالتعليمات والإجراءات الوقائية، وارتدوا الكمامات عند نزولهم للشارع حتى إن كانت الأخيرة من صنع أيديهم أي بمعنى من القماش(الأقنعة في هذه الحالة تحمي الآخرين أكثر مما تحمي مرتديها )، فإن الدولة الجزائرية قادرة على رفع الحجر الصحي أو تخفيفه في أقرب وقت ممكن. - بصفتك عضوا في لجنة رصد ومتابعة فيروس كورونا بالجزائر، هل تنصح بتمديد الحجر أو رفعه بحلول تاريخ 14 ماي الجاري؟ لم يتبق عن هذا التاريخ سوى أيام معدودات، ونحن كلجنة متابعة لآخر تطورات هذا الوباء بالجزائر نتوقع تمديد الحجر أو تخفيفه على الأقل، لأنه لا يعقل رفعه بشكل نهائي، في ظل المعطيات المسجلة لحد الآن، والمتمثلة في إصابة قرابة 200 شخص يوميا، كما لا يجب أن تنسوا بأن لدينا بعض العادات في شهر رمضان، على غرار السهر في الشارع والتجمعات لساعات متأخرة من الليل قد تقودنا نحو الكارثة، ولذلك سنواصل الحجر إلى نهاية شهر رمضان وبعدها سيكون للجهات المعنية رأي آخر في الموضوع، ولو أن كل شيء متوقف حول التقارير المقدمة من طرف المختصين، كونهم الأدرى بالمصلحة العامة للبلاد. - بحكم اختصاصك، هل أنت متفائل باكتشاف لقاح لهذا الفيروس أم ما حدث مع سارس وميرس سيتكرر مع «كوفيد 19 «؟ أقولها وأعيدها الالتزام بالحجر الصحي والتباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات على نطاق واسع هي عوامل ستقضي على الوباء وليس الدواء، فهذه العائلة من الفيروسات معروفة منذ القدم، وعجز الإنسان عن إيجاد لقاح لها، رغم كثرة الأبحاث والدراسات، وبالتالي سنستغرق وقتا طويلا لإيجاد دواء ناجع إن وُجد بطبيعة الحال، فالصين مثلا تقوم مؤخرا ببعض الاختبارات السريرية على القردة، ولكن هل ستنجح في حال اكتشفت اللقاح في توفيره لكافة سكان المعمورة، خاصة إذا ما علمنا بأن الكثافة السكانية لهذا البلد تفوق المليار و400 مليون نسمة، وبالتالي علينا أن لا نتأمل كثيرا، وأن نسير المرحلة الحالية بذكاء. - ما رأيك في الإجراءات المتخذة من قبل الحكومة الجزائرية في التعامل مع الوباء؟ الدولة اتخذت إجراءات جريئة وسريعة، إذا ما قارناها بدول أخرى، فنحن مثلا اعتمدنا بروتوكول الكلوروكين قبل فرنسا التي ذهبت ضحية نقاشات حادة حول هذا الأمر، ومازلت تعاني الهرج والمرج في هذا الشأن، إضافة إلى إيطاليا التي انهارت منظومتها الصحية بسبب تأخر المسؤولين في اتخاذ القرارات المناسبة، وأرى بأن الخطوات المتخذة من قبل دولتنا أتت بثمارها رغم خطورتها بشهادة الجميع، وفي مقدمتهم الأطباء الذين أثبتوا فعالية الكلوروكين بالقطار وبوفاريك، ناهيك عن استعمال الأشعة أو السكانير الذي كان حلا إيجابيا، في ظل نقص الإمكانيات لإجراء التحاليل على جميع الحالات المشكوك في إصابتها بفيروس كورونا، وهذا ما يفسر أن عدد الحالات التي تعالج أكبر من عدد الحالات المؤكدة، كما لا يجب أن أغفل عن وضع البليدة تحت الحجر الشامل، رغم صعوبة الأمر، وهنا أشكر سكان هذه الولاية على تفهمهم وتعاملهم الجيد مع المعطيات المذكورة، التي جنبتنا أرقاما كارثية مثل إيطاليا التي سجلت 1000 وفاة يوميا، وهو ما لا يمكننا أن نخفيه في الجزائر التي تراجع عدد وفياتها بشكل كبير جدا. - هل مستشفياتنا لا تزال قادرة على أن تستوعب أعدادا أكبر من المصابين بعد الأرقام المسجلة مؤخرا ؟ أؤكد لكم بأن مستشفياتنا لم تمتلئ عن آخرها، ولا تزال قادرة على استيعاب أعداد أكبر من المصابين ب"كوفيد 19"، على عكس ما يشاع هنا وهناك، ونحن في تمنراست وأتحدث عن المدينة وليس الولاية ككل لدينا قدرة على استقبال 120 مريضا، ولكننا لم نسجل أي حالة لحد الآن وكافة الأسرة لا تزال شاغرة، وهنا أنبهكم لنقطة مهمة في هذه المسألة، وهي أن الخطر يكون أكبر على مستوى مصالح الإنعاش، كونها المتكفلة بإنقاذ الأرواح، لأن التعامل مع الحالات البسيطة يكون مغايرا، من خلال السماح للبعض بالعلاج في المنزل، شريطة احترام الحجر الصحي، مع استعمال الهيدروكسي كلوروكين باستشارة الطبيب بطبيعة الحال. - بصراحة، هل بإمكانكم الوثوق فيمن يعالجون بالمنزل، خاصة وأن فئة كبيرة تفتقد للحس بالمسؤولية، ما تعليقك ؟ أتفق معكم في هذه النقطة، فهناك فئات في مجتمعنا للأسف لا يُوثق بها، وقد تكون سببا في نشر الفيروس في حال أبقيناه بالمنزل، لأنها لن تحترم إجراءات الحجر الصحي، ولن تنجح في تطبيقه بحذافيره، حتى وإن جدنا للبعض أعذارا، في ظل عدم امتلاكهم للإمكانيات المطلوبة، على غرار غرفة منفردة، إضافة إلى عيشهم ضمن أسر تتألف من ستة أشخاص على الأقل، وكلها أمور تُصعب الوضع على الأطباء، وتجعلهم مطالبين بمعرفة عدة معلومات عن الأشخاص قبل السماح لهم بالعلاج ببيوتهم كما يحدث في جل البلدان الكبرى في ما يتعلق بالحالات البسيطة، وهنا أود أن أضيف شيئا مهما. - تفضل... في الموسم الماضي سجلنا 900 إصابة بالملاريا في ولاية تمنراست، رغم امتلاكنا 24 سريرا فقط، وفي بعض الأحيان تكون لدينا 27 حالة يوميا ، وهنا نقوم بالتعامل مع الوضع بذكاء، حيث لا نستقبل كافة المرضى بالمستشفى، لأنه يستحيل علينا التعامل معهم جميعا، وبالتالي العلاج بالمستشفى ينحصر في الحالات الخطرة فقط، فيما ننصح البقية بتناول الدواء بالمنزل، وبالتالي علينا التكيف مع الحالات والمعطيات، والحمد لله لا يوجد تسونامي للإصابات بكورونا قد يضعنا في مأزق صعب ويعقد من عمل الأطباء الذين لم يبخلوا بشيء لحد الآن. - ما رأيك في السبل المنتهجة من بعض البلدان، على غرار إيطاليا وإسبانيا التي سمحت لمواطنيها بالنزول للشارع، هل هو تعايش مع الوضع أم استسلام لهذا الفيروس الذي لا يبدو بأنه سيزول عن قريب ؟ أرى بأن كل ما تم اتخاذه كان خطة مسبقة، و استراتيجية تبنتها تلك الدول للتعامل مع طبيعة هذا الفيروس الذي تشير كافة الدراسات لاستمراره، وبالتالي كان عليها أن تتقبل العيش مع هذا الفيروس وتتعامل معه كأنه سيدوم لأشهر عديدة إلى غاية وصول مناعة المجتمعات إلى 60 أو 70 بالمائة، كون ذلك الأمر الوحيد الذي سيجعل الوباء يزول فيما بعد، ولهذا الهدف الأول من الحجر ليس القضاء على «كوفيد 19»، بل تخفيف الضغط على الأطباء، والحجر كما تعلمون لا يمكن أن يدوم لأشهر عديدة، كونه قد يتسبب في أزمات كبيرة، وخاصة في ما يتعلق بالجانب الاقتصادي، وهنا كان لزاما على دول مثل إيطاليا وإسبانيا القيام بتخفيف الحجر والسماح لمواطنيها بالنزول للشارع في محاولة للتعايش وتخفيف الضغط. - هل هناك موجه ثانية مرتقبة بالجزائر أم ما يقال مجرد تخمينات بعيدة عن الواقع؟ لتبيسط المفاهيم الموجة الثانية تأتي بعد القضاء على المرض كما حدث في دولة الأردن مثلا، ونحن في الجزائر لم نتخلص من هذا الوباء، وبالتالي لا يمكن الحديث عن هذا الأمر، وهنا أقول حذار ثم حذار، خاصة وأن هناك من الناس من بدأ بالاستهتار بمجرد فتح بعض المحلات التجارية، علينا أن نعلم بأننا في وضع جد حساس بعد استقرار منحنى الوباء، فهناك احتمالين، فمثلما يمكن أن يتناقص المرض ونقضي عليها بمرور الأسابيع، هناك فرضية أخرى لارتفاع عدد المصابين، خاصة وأننا مقبلون على الأسبوعين الأخيرين من شهر رمضان، والاستعدادات المسبقة لعيد الفطر المبارك، وهناك ستكثر الحركة في الشارع، وبالتالي فالتراخي قد يجعلنا ندفع الثمن غاليا من خلال ارتفاع عدد المصابين إلى 300 أو 400 حالة يوميا، وهناك سنفقد السيطرة، وسنضع المستشفيات في ورطة، خاصة مصالح العناية المركزة والإنعاش التي تعاني الإرهاق جراء عملها المتواصل منذ أزيد من شهرين كاملين. - بماذا تعلق على مبادرات بعض الطاقات الشبانية لاكتشاف أدوية ومستخلصات لعلاج كورونا؟ هناك مبادرات واقتراحات في جل البلدان وليس الجزائر فقط، وفي مدغشقر مثلا تم مؤخرا اقتراح مستخلص لعلاج كورونا، ويقوم البعض بتجريبه، ولكن علينا أن نعلم بأن الاكتشافات والاختراعات في المجال الطبي تختلف عن باقي الميادين الأخرى، ففي مجال الطب تمر عبر عدة مراحل، بداية بالمقال العلمي الذي ينشر في المجلات العلمية والخبراء يقدمون رأيهم في هذا الأمر، وبعدها نصل للمرحلة التجريبية على الحيوان ثم الإنسان، فعلى سبيل المثال هناك عدة أدوية تقضي على الإيبولا، غير أنها تترك آثار جانبية، ولهذا فالحديث عن الدواء لا يتم سوى في مخابر معترف بها وبعد إجراء عدة اختبارات، رغم إقراري بوجود بعض الأعشاب التي تقوي المناعة، ولكنها لا تعالج المرض ولا تقضي على الفيروس. - بماذا تريد أن تختم الحوار ؟ الكمامة باتت مطلبا أساسيا، وأشاطر من يقول بأنها غير متوفرة بشكل كبير عبر الصيدليات، ولكن هناك حلول لإعداد كمامات منزلية تقي الآخرين من العدوى، والفيديوهات عن كيفية صنعها تملأ اليوتيوب ومواقع التواصل الاجتماعي.