* اكتشفنا طريقة جديدة لعلاج مرضى كورونا يكشف أخصائي الطب الباطني وأمراض الرئة والإنعاش بأمريكا، الدكتور أمين بوربيع، عن اعتماد طريقة جديدة تسمح بعلاج مرضى «كوفيد 19» دون الحاجة إلى وضع أنابيب التنفس، وذلك على مستوى مستشفيات كينساس سيتي التي يزاول فيها عمله منذ 6 سنوات، كما يتحدث ابن قسنطينة في حوار للنصر عن عدة نقاط تتعلق بانتشار الجائحة والوقاية منها، ويتطرق إلى مشاريعه التي ينوي نقلها للجزائر ومن بينها إدخال آخر التقنيات في مجال تشخيص سرطان الرئة. * حاورته: ياسمين بوالجدري - في البداية، هلاّ عرفت القراء من هو الدكتور بوربيع أمين ولماذا اختار الولاياتالمتحدةالأمريكية خلافا للكثير من الأطباء الجزائريين الذين عادة ما يفضّلون أوروبا؟ أنا ابن مدينة قسنطينة، من مواليد سنة 1985. تحصلت على شهادة البكالوريا سنة 2002 بمعدل سمح لي بالتسجيل في كلية الطب بقسنطينة. كنت أحب اللغة الانجليزية منذ المرحلة الثانوية وقد اخترت دراستها منذ البداية قبل اللغات الأخرى، خصوصا أن أبي وأمي وهما مهندسان، درسا من قبل في انجلترا، زيادة على أن هناك أفرادا من العائلة يعيشون في انجلتراوكندا. كل هذه العوامل جعلتني أقرر مزاولة الطب في كندا، ولأنني نلت شهادة البكالوريا في عمر 17 سنة، كان لزاما علي دراسة السنة النهائية في التعليم الثانوي بكندا ثم درست في الجامعة البيولوجيا والكيمياء لمدة 4 سنوات، وبعدها الطب ل 4 سنوات أخرى. عقب ذلك درست الطب الداخلي والعناية المركزة بالولاياتالمتحدةالأمريكية لمدة 3 سنوات ثم تخصص أمراض الرئة وهذا عامي الأخير في هذا التخصص موازاة مع عملي على مستوى 3 مستشفيات في مدينة «كينساس سيتي». - ما الفرق بين ممارسة ودراسة الطب بين أوروبا وأمريكا؟ لا توجد فروقات كبيرة وهذا ما اكتشفته خلال مشاركتي في ملتقيات علمية بدول أوروبية، فنحن نعتمد تقريبا نفس الإجراءات ونتعاون مع زملائنا هناك. - تُعدّ الولاياتالمتحدةالأمريكية أكثر بلدان العالم تأثرا بفيروس "كوفيد 19". كيف تعيش أجواء العمل هناك؟ عندما بدأنا في علاج مرضى «كوفيد 19» لأول مرة، كان هناك شعور بالقلق وسط مقدمي الرعاية الصحية والمرضى وأحبائهم. ومع ذلك، كلما زاد عدد المرضى الذين نعتني بهم، كان الشعور بالراحة يزيد لدينا كأطباء من خلال علاجهم. - ما هو روتين العمل اليومي الذي فرضته الجائحة؟ يبدأ يومنا النموذجي مبكرًا بمراجعة شاملة لجداول بيانات مرضى وحدة العناية المركزة، ثم نشارك في جولات متعددة التخصصات. وبغض النظر عن وضعية «كوفيد 19» فإن أولويتنا الأولى هي دائمًا معالجة المرضى الأكثر تضررا أولاً. بعد ذلك نقوم بجولة على المرضى غير المصابين بالفيروس ثم المصابين به، وهو ترتيب نحرص عليه لتقليل فرص انتقال العدوى. بعد الحضور لمعاينة جميع المرضى وصياغة خططنا، نتواصل مع عائلات المصابين ونزودهم بالجديد بخصوص الوضعيات الصحية لذويهم عبر الهاتف على اعتبار أنه لا يُسمح لهم بالزيارة أثناء الوباء، وهكذا نستمر في رعاية مرضانا طوال اليوم، بما في ذلك إدخال مرضى جدد إلى وحدة العناية المركزة، ونقل من تحسنت حالاتهم إلى الجناح العام. قد نكمل مناوبة العمل لمدة 24 ساعة، وإذا لم يكن الأمر كذلك، فسوف نخرج عند نهاية المناوبة بعد تسليم المهام للفريق الليلي. - كيف تكيّفت عائلتك مع الوضع؟ كانت عائلتي وأصدقائي داعمين لي للغاية خلال هذه الأوقات، وقد كان هناك قلق مبدئي من إمكانية إصابتي بالعدوى وبالتالي إصابة زوجتي في المنزل، ولحسن الحظ لم يحدث هذا حتى الآن، حيث ما زلت أتخذ إجراءات احترازية خلال العمل باستخدام واقي للوجه، وقناع N95، وثوب وقفازات. عندما أدخل المستشفى في الصباح أحصل على رداء نظيف، لأتركه في المستشفى قبل أن أغادر، كما أفعل نفس الشيء مع حذائي حيث أترك زوجا لاستخدامه في المستشفى. نظافة اليدين وتقليل الاتصال الجسدي وكذلك التباعد الاجتماعي جد مهمين أيضا. - أعلِن عن أول حالة وفاة في ولاية كنساس حوالى منتصف شهر مارس وبعدها بقرابة أسبوعين أعلن الرئيس الأمريكي بأنها منطقة كوارث إلى جانب آلاباما. كيف كان وقع أول حالة وفاة عليكم كأطباء وكيف تطورت الأمور بتلك السرعة والخطورة في ظرف أسبوعين؟ كأطباء، نسعى دائما إلى بذل قصارى جهدنا لمساعدة مرضانا. يكون الأمر صعبا دائمًا عندما نفقد مريضا، خاصة إذا كانوا صغارا في السن ويعانون من حالات مرضية بسيطة سابقة أو لا يعانون منها أو لهم أمراض مصاحبة. بالنظر إلى موقع مدينة كانساس سيتي، كنا نتوقع تأخرا في وصول المرض، ومع ذلك، أدت سرعة انتقال الفيروس من المصابين الذين لم تظهر عليهم الأعراض انطلاقا من النقاط الساخنة في البلاد، إلى انتشار المرض ما أعاق عملية احتوائه. - هلا قدمت لنا توضيحات بخصوص أساليب الرعاية التي قمتم باعتمادها؟ لاحظنا أن الوضعيات الصحية لبعض مرضى «كوفيد 19» المقيمين لدينا تتدهور بسرعة بعد زيادة حاجتهم إلى الأكسجين، وقد اعتدنا على وضع أنابيب التنفس لهؤلاء المرضى بمجرد وصول كمية الأوكسجين التي يحتاجها الجسم ل 6 إلى 7 لترات لكل دقيقة و إلا قد يفارقون الحياة، لكن مع تراكم خبراتنا، لجأنا إلى طرق أخرى لمنع همود الرئة (انهيار الحويصلات الهوائية في الرئة) مثل تركهم مستيقظين وهم مستلقين على البطن، مربوطين بأجهزة توصيل الأكسجين عالية التدفق. بالمقابل، كان علينا أن نضع في اعتبارنا أن بعض المرضى قد لا يتحملون هذه الوضعية وسيحتاجون إلى أنابيب التنفس. ومع ذلك، تمكنا من تجنب وضع الأنابيب لعدد من المرضى الذين خرجوا في نهاية المطاف من وحدة العناية المركزة. - قبل ظهور الفيروس التاجي كانت هناك أوبئة أخرى قاتلة مثل متلازمة الالتهاب الرئوي الحاد (سارز) وأنفلونزا «أتش1 أن1» ثم فيروس «إيبولا»، وهي أمراض لم تُحدِث ما أحدثه «سارس كوف2» أو «كوفيد 19». برأيك، ما سبب هذا الأثر «التدميري» لكورونا المستجد على الرئتين تحديدا؟ أعتقد أن «كوفيد 19» مؤذ في المقام الأول بسبب طبيعته المعدية وقدرته على الانتشار عالميًا بمعدل متسارع. لا يزال التحقيق جار بخصوص إمراضيته، ولكن يُعتقد أن الفيروس يدخل الخلايا عبر مستقبلات ACE2 (الإنزيم المحول للأنجيوتنسين 2) و الموجودة في الرئتين ما يتسبب في ضيق شديد في الجهاز التنفسي (متلازمة الضائقة التنفسية الحادة ARDS)، كما أنه يسبب قصور القلب والجلطات والصدمة والتي يعتقد أنها ناتجة عن الاستجابة الالتهابية المفرطة للفيروس. - هل تعتقد أن العالم لم يفهم خطر كورونا مبكرا؟ أعتقد أن العالم يدرك الأضرار المحتملة لفيروس «كوفيد 19»، ومع ذلك فإن طبيعته المعدية تستفيد من الترابط بين الدول والسلوك الاجتماعي الفطري للبشر؛ مما صعّب احتواءه. - يرى باحثون أن ارتفاع درجات الحرارة من شأنه وقف الجائحة، بينما يتحدث أطباء عن التأثير الجيد لشرب المياه الفاترة. ما تعليقك؟ لم أصادف أي بيانات أو دراسات مثبتة تُبيّن أن الحرارة أو الماء الفاتر له تأثير على علاج المرض أو إيقافه. مع ذلك، من المهم أن يبقى الجسم في حالة تمييه جيدة. - في الجزائر، تخطى عدد الإصابات بالفيروس التاجي 8500 مع تسجيل أزيد من 600 وفاة. ما هي أفضل الطرق لمحاصرة الجائحة بهذا البلد؟ أفضل طريقة لمنع انتشار «كوفيد 19» في الجزائر هي ممارسة التباعد الاجتماعي، إذ من المستحسن الحفاظ على مسافة آمنة تبلغ حوالي مترين، وارتداء واقيات للوجه في الأماكن العامة. نوصي أيضًا بمواصلة تنظيف اليدين وبذل جهد للتقليل من لمس الوجه، إلى جانب اتباع نظام غذائي متوازن والإبقاء على إماهة الجسم بشكل جيد. مع احتفالات العيد التي تغري المواطنين لزيارة الأصدقاء والعائلة والانخراط في التجمعات الاجتماعية، نوصي بالحذر والالتزام بالمبادئ التوجيهية الحكومية للحد من انتشار الفيروس. - بالعودة للولايات المتحدةالأمريكية، ما هي توقعاتك بشأن تطور الجائحة هناك؟ أعتقد أن التباعد الاجتماعي واتباع إرشادات مؤسسة مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها CDC، ستستمر في المساعدة على احتواء الفيروس، ومع ذلك، لا يزال هناك تهديد حقيقي بخصوص عودة المرض مع رفع القيود وعودة الحياة في المجتمع. بالمقابل، هناك العديد من التجارب السريرية الجارية في الوقت الحالي والتي تقوم بتقييم فائدة عدة أدوية مضادة للفيروسات والعوامل المضادة للالتهابات وكذلك اللقاحات. لقد أثبتت اللقاحات فعاليتها ضد الفيروسات في الماضي كما يتضح من لقاح الإنفلونزا السنوي. لذلك، يجب أن يكون تطوير لقاح ضد «كوفيد 19» أولوية. - ما هي نصائحك لذوي الأمراض المزمنة بخصوص الوقاية والتعامل مع الإصابة؟ هناك العديد من الظروف التي قد تُنتج في حال حدوثها، خطورة على المصاب بفيروس «كوفيد 19»، والتي تشمل أمراض القلب والأوعية الدموية وداء السكري، وارتفاع ضغط الدم وأمراض الرئة والكلى المزمنة، وكذا السرطان والسمنة والتدخين. بالنسبة للمرضى الذين يحملون حالة واحدة أو أكثر من الحالات المذكورة سابقا، من المهم للغاية الاستمرار في تناول الأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة بما في ذلك الأنسولين لمرضى السكري والحصول على إمداد بها يكفي لمدة أسبوعين على الأقل. يجب التأكد أيضا من أن اللقاحات محيّنة وعدم التردد في طلب الرعاية الطبية في حالة وجود أية مخاوف قد تكون مرتبطة بالمرض الأساسي. - ماذا عن المصابين بالأمراض التنفسية؟ المرضى الذين يعانون من أمراض الرئة المزمنة مثل الربو والانسداد الرئوي المزمن، يكونون أكثر عرضة للإصابة بأمراض حادة إذا انتقلت إليهم عدوى فيروس «كوفيد 19». ننصح هؤلاء المرضى بشدة بالاستمرار في استخدام أجهزة الاستنشاق الخاصة بهم بما في ذلك أجهزة الاستنشاق الستيرويدية. يجب عليهم أيضا تجنب التدخين ومحاولة تحاشي المحفزات التي من شأنها أن تؤدي إلى تفاقم أمراض الرئة الكامنة. - بعد عدة سنوات من ممارسة الطب في أمريكا، هل أنت على استعداد لنقل خبراتك التي اكتسبتها من هناك، إلى الجزائر؟ بكل تأكيد، لقد تخصصت في تشخيص سرطان الرئة وهو أحد تفرعات تخصص أمراض الرئة الذي تطور في السنوات الأخيرة بالولاياتالمتحدةالأمريكية ولا أعلم إن وصل إلى الجزائر، لذلك أتطلع إلى إيصاله للجزائر في ما يتعلق بالتكنولوجيا المستعملة، خاصة أن زملاء لي من فلسطين نجحوا في القيام بأمر مماثل. يمكن أيضا أن أساعد في استقدام أطباء من الجزائر للقيام بتربصات، وأن أعمل مع الشركات المصنعة للعتاد الطبي على إدخال آخر التكنولوجيات الخاصة بتشخيص سرطان الرئة إلى بلادي.