يعرف استعمال الدراجات النارية و الهوائية على نحو خاص، انتشارا واسعا في الشوارع و الطرقات الجزائرية مؤخرا، في خطوة فرضتها قيود الحجر الصحي، لتشكل منعرجا مهما في وسائل النقل و تقدم نتائج إيجابية قل تسجيلها في زمن كورونا. حراك جديد في استعمال وسائل النقل لدى الجزائريين، فرضته جائحة كورونا بعد حظر استعمال وسائل النقل الجماعي، و منع تنقل السيارات الخاصة خلال أوقات معينة، مما شكل قيودا لدى المواطنين و عطل الكثير من الأشغال و الالتزامات، ليجد هؤلاء متنفسا في وسائل نقل بديلة لطالما كانت حكرا على فئة من يعشقونها أو أولئك الذين لم تسمح لهم ميزانيتهم باقتناء سيارات سياحية خاصة. فصورة الشوارع و الطرقات الجزائرية تعرف تغيرا لافتا من حيث من يغزوها هذه الأيام، فمع منع عمل وسائل النقل الجماعي، برز نوع قديم جديد في الوقت ذاته من وسائل النقل، حيث نسجل تزايدا في عدد الدراجات الهوائية و حتى النارية المنتشرة بالشوارع و الطرقات، يركبها الشاب و العجوز، أطفال و حتى شابات التقينا إحداهن في شوارع ولاية سكيكدة رفقة والدها قالت بأنها لم تجد وسيلة نقل بديلة للخروج و الترفيه عن النفس في ظل القلق من الحجر المنزلي الذي فرضته إجراءات السلامة من وباء كورونا المستجد، لتقرر ركوب المغامرة على متن دراجة نارية رفقة والدها، دون أن تأبه للانتقادات من الشارع. للدراجات النارية نصيب مع كورونا النصر اقتربت من بعض من وجدناهم على متن دراجات نارية، حيث يقول صبري البالغ من العمر 38 عاما أنه أقتنى دراجة نارية بمبلغ 17 مليون سنتيم، و ذلك لضمان توفر وسيلة نقل تقله إلى مقر عمله بولاية مجاورة، يضيف صبري أنه و بحكم عدم توفر المال الكافي لشراء سيارة سياحية للتنقل بها، فقد وجد البديل في دراجة نارية تجنبه التأخر عن العمل أو الغيابات و تضمن أيضا قضاء حاجياته و حاجيات أفراد أسره. كما يبدو أن جائحة كورونا قد وسعت من نطاق استعمال الدراجة النارية، حيث يسجل كل من يخرج إلى الشارع هذه الأيام تزايد أعدادها مقارنة مع الأيام العادية، واقع فرض مشاهد جديدة خاصة خلال شهر رمضان و حتى يومي العيد، فإستعمالها لم يقتصر على قضاء الحاجيات الخاصة، بل تعدت ذلك لتجمعات سجلناها على مستوى الطريق السيار شرق غرب في شطر المريج بولاية قسنطينة، و أخرى بولاية سطيف و أخرى بين ولايتي البويرة و بومرداس، فيما يشبه سباقات لركوب الدراجات النارية، في وقت كانت المركبات السياحية قليلة جدا مقارنة بأعدادها. و مع تزايد استعمالها، يقول عمي أحمد الذي تشكل الدراجة النارية وسيلة تنقله الوحيدة بولايته منذ أكثر من 30 سنة، أنه و بعد أن أصبحت بديلا مفروضا هذه الأيام على شريحة أوسع، فيجب عدم إغفال إجراءات السلامة لدى استعمالها، إذ يبقى التقيد بالسرعة المسموحة و ارتداء الخوذة مهمان جدا للمحافظة على سلامة الأشخاص بحسب تعبيره، داعيا الجميع لحماية أنفسهم و الاستفادة من هذه الوسيلة في قضاء حاجياتهم و التمتع بركوبها في الوقت ذاته. الدراجات الهوائية.. ضرورة و متعة و يقول ماهر 42 سنة، أنه قام بشراء دراجة هوائية قبل شهر رمضان، و تحديدا تزامنا و صدور قرار منع حركة وسائل النقل الجماعي، يقول أنها باتت وسيلته للوصول إلى العمل و لقضاء كل التزاماته، و هي الخطوة يضيف التي قام بها الكثير من زملائه في العمل و كذا أقاربه و جيرانه، معبرا عن سعادته بها خاصة و أنها سهلت عليه حياته مثلما جعلته يعود لممارسة رياضة ركوب الدراجة التي هجرها منذ سنوات طويلة. تجارة رائجة في زمن الركود أما عن باعة هذا النوع من الدراجات، فيوضح حسان صاحب محل لبيع الدراجات النارية و الهوائية ببلدية عزابة ولاية سكيكدة، أنه و في الوقت الذي توقف نشاط أغلب المحلات تزامنا و فرض الحظر، فإنه لم يتوقف عن ذلك سوى لأيام قليلة، حيث يؤكد تلقيه لعدد كبير من الطلبات من الزبائن بشأن توفير دراجات هوائية، و بنسبة أقل الدراجات النارية بالرغم من أنها تبقى كبيرة مقارنة بالأيام العادية. و يضيف التاجر أنه باع عددا كبيرا منها لزبائن تعود التعامل معهم و آخرون يشترونها لأول مرة، مضيفا أنهم جميعا توجهوا إليها في زمن كورونا لتسهيل تنقلاتهم من جهة، و هروبا من ضغوطات الحجر الصحي و الضجر الناتج عنه في المنازل و كذا الغرامات التي قد تترتب عن خرق الحجر و الخروج بسيارة سياحية، أما بالنسبة للأسعار، فيوضح السيد حسان أنها تتفاوت بحسب نوع الدراجة، فالهوائية منها يتراوح سعرها بين 20000 دينار إلى 60000 دينار بحسب نوع و مدى قدم الدراجة، بينما قد يصل سعر الدراجات النارية سقف 100 مليون سنتيم و يكون أقل إلى 15 مليون سنتيم بحسب الماركات و سنوات صناعتها. أما السيد إدريس المتقاعد، فيقول أنه يمتلك سيارته الخاصة، و بسبب قرار حظر استعمالها مثل المعتاد، فقد فضل شراء دراجة هوائية، يؤكد أنها باتت المفضلة له و إن تسنى له ركوب سيارته، كما أنها ساعدته على ممارسة الرياضة التي يرافقه فيها ابنه و بعض جيرانه، مضيفا أنه و على الرغم من ضغوطات الحجر الصحي، إلا أن كورونا قدمت شيئا إيجابيا للأشخاص و البيئة على نحو سواء، بعد أن ساهمت في التقليل من الدخان المنبعث من المركبات و قلصت تكاليف البنزين.و في الوقت التي راحت العديد من الدول الغربية لتشجيع المواطنين على استعمال وسائل نقل صديقة للبيئة بديلا للمركبات، يبقى الفرد الجزائري يجتهد على طريقته و إن كانت حسابات مكاسبه المادية تتفوق على التفكير في الحفاظ على البيئة من التلوث، في انتظار مكاسب جديدة قد تجنيها البشرية من جائحة لم تقدم سوى الضحايا من المرضى و الوفيات و الركود الاقتصادي و لم ترتسم بعد ملامح انفراجها. إيمان زياري