لا علاقة لزيارتي إلى الجزائر بالرئاسيات الفرنسية سيكون ملف الهجرة والتغييرات التي اقترحتها باريس على اتفاقية 1968 على رأس الملفات التي سيناقشها وزير الداخلية الفرنسية، كلود غيون، خلال زيارته للجزائر، اليوم، إضافة إلى ملفات التعاون في مجال مكافحة الإرهاب في الساحل، والوضع في الدول المجاورة ولا سيما الوضع الليبي، وتأتي هذه الزيارة قبل توجه وزير الخارجية إلى باريس الأربعاء المقبل للتباحث مع وزير الخارجية الفرنسي، حول مستقبل العلاقات بين البلدين، كما سيعرض مدلسي أمام البرلمان الفرنسي، الخطة الإصلاحية التي اعتمدتها الجزائر. يحل اليوم بالجزائر، وزير الداخلية الفرنسي، كلود غيون، في زيارة هي الأولى من نوعها منذ تعيينه في هذا المنصب، حيث سبق له زيارة الجزائر، بصفته كاتب عام الاليزيه مرتين في فيفري وجوان 2010. وستكون ملفات الأمن في الساحل والوضع في ليبيا، إضافة إلى ملف الهجرة على رأس القضايا التي يناقشها المسؤول الفرنسي، خلال اللقاءات التي ستجمعه مع المسؤولين الجزائريين. ومن بين الملفات التي ستدرج في جدول الزيارة، قضايا الهجرة، والتي تضعها الحكومة الفرنسية على رأس أولوياتها، خاصة قبل أشهر قليلة عن الانتخابات الرئاسية الفرنسية. كما ترغب فرنسا أيضا في إعادة بعث المفاوضات حول مراجعة اتفاقيات 1968 حول إقامة الجزائريين في فرنسا. كما سيتحادث كلود غيون مع عدد من المسؤولين الجزائريين حول الملف الليبي، ومسار التطبيع بين الجزائر والسلطات الليبية الجديدة، إضافة إلى قضية مكافحة الإرهاب التي تقودها دول المنطقة. خاصة وان زيارة وزير الداخلية الفرنسي تأتي في وقت يعرف فيه الوضع الأمني في منطقة الساحل تصعيدا خطيرا، خاصة مع حالات الاختطاف المتتالية للرعايا الأوروبيين خلال الأسابيع الأخيرة. وقال وزير الداخلية الفرنسي، في تصرح لموقع "كل شيء عن الجزائر" أن زيارته تأتي بدعوة من نظيره دحو ولد قابلية، مشيرا بأن الزيارة ستسمح بمناقشة عديد الملفات التي تهم التعاون بين البلدين، ومنها التعاون الإداري والدفاع المدني، إضافة إلى التعاون اللامركزي من خلال اتفاقيات التوأمة بين مدن جزائرية وأخرى فرنسية، وهي الاتفاقيات التي تسمح في نظره بتقريب شعبي البلدين. كما شدد المسؤول الفرنسي، على ضرورة تعزيز التعاون والتنسيق بين البلدين في المسائل التي تتعلق بمكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية. ونفى المسؤول الفرنسي، وجود أي نية لدى الحكومة الفرنسية للتضييق على المهاجرين، وقال بأن التدابير التي أقرتها السلطات الفرنسية، منها منع إقامة الصلاة في الشوارع، وفرض حصص للمهاجرين، هي تدابير يراد منها التحكم في التدفقات البشرية نحو فرنسا، وضمان اندماج المهاجرين في المجتمع الفرنسي، مع وجوب احترام مبادئ الجمهورية الفرنسية، مضيفا بأن هذه الإجراءات تم اتخاذها لمواجهة تنامي العنصرية في المجتمع الفرنسي.وكان المسؤول الفرنسي، قد أعلن في تصريحات سابقة، أن فرنسا لن تسمح للمهاجرين أو مجموعات إثنية بوضع قيم عيش وحياة خاصة بها أو فرضها على المجتمع الفرنسي، وقال غيون، أنه ''يتعين على المهاجرين أن يندمجوا في المجتمع الفرنسي وأن يحترموا قوانين الدولة الفرنسية''. وأكد الوزير الفرنسي أن ''طريقة دخول المهاجرين إلى فرنسا في الوقت الحالي ليست مقبولة، وليس من المقبول أن تتعارض قيم مجموعة مهاجرة مع قيم العيش في المجتمع الفرنسي''، ما يلمح بوضوح إلى سعي الحكومة الفرنسية إلى تشديد إجراءات دخول المهاجرين وقبول إقامتهم فيها، وفرض شروط غير مسبوقة بهذا الشأن. كما تطرق المسؤول الفرنسي، للتدابير التي اتخذتها حكومة بلاده بخصوص "التجميع العائلي"، في إطار اتفاقية 1968 التي هي قيد التفاوض بين البلدين من اجل تعديل بعض بنودها، وقال كلود غيون، أن الهجرة العائلية "تمثل حاليا نحو 80 ألف شخص يدخلون فرنسا سنويا منذ 2007"، مشيرا بأن السلطات الفرنسية تنوى اتخاذ تدابير جديدة لتشديد إجراءات الزواج المختلط بغرض الإقامة في فرنسا، إلى جانب الإجراءات الأخرى لتشديد إمكانية الحصول على الجنسية الفرنسية، بحيث سيفرض على أي طالب للجنسية الفرنسية، الالتزام بالمبادئ الفرنسية، وإتقان اللغة. وقال: ''عندما يأتي المهاجر إلى فرنسا، يجب أن يعتمد الطريقة الفرنسية للحياة، وليس استيراد قيم العيش من مكان آخر''.بالمقابل، نفى وزير الداخلية الفرنسي، وجود أي علاقة بين زيارته، والانتخابات الرئاسية العام القادم في فرنسا، وشط مخاوف وسط الحزب اليميني، من فقدان قصر الاليزيه لمرشح الحزب الاشتراكي، ورغم هذا النفي، إلا أن المتتبعين للعلاقات بين البلدين، يجمعون على رغبة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في الحصول على أصوات الجالية المغاربية في الانتخابات المقلبة، وهو ما دفع به إلى إرسال وزيره للداخلية وإعطاء إشارات توحي بأن القرارات الفرنسية الأخيرة لا تستهدف بشكل خاص الجالية الجزائرية. وجدد المسؤول الفرنسي، دعم بلاده للإصلاحات السياسية التي تقوم بها الجزائر، وقال بأن بلاده لا تبدي أي أحكام حول وتيرة الإصلاح الخاصة بكل دولة، موضحا بأن الإصلاحات في الجزائر لا يمكن أن تستنسخ من التجارب التي تعرفها الدول الأخرى في المنطقة، بل يجب أن تكون مستمدة من رغبة الشعب الجزائري، كما نفى وجود مخاوف لدى الحكومة الفرنسية من تنامي دور التيار الإسلامي في المنطقة على ضوء نتائج الانتخابات التي عرفتها كل من تونس والمغرب والتي أفرزت فوز الإسلاميين بأغلبية الأصوات.كما تأتي هذه الزيارة، قبل توجه وزير الخارجية مراد مدلسي، حيث سيزور فرنسا الأربعاء المقبل، من أجل إجراء محادثات مع نظيره الفرنسي آلان جوبييه، كما أنه ستستمع له لجنة الشؤون الخارجية في المجلس الوطني الفرنسي. وستكون جلسة الاستماع للوزير مدلسي من طرف لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان الفرنسي مخصصة لعرض الإصلاحات السياسية التي أطلقتها الجزائر، إضافة إلى الوضع في العالم العربي، والساحل. ومن المنتظر أن يتطرق مدلسي خلال رده النواب الفرنسيين لمستقبل العلاقات الجزائرية-الفرنسية.