نجح شباب عين ياقوت في مواصلة تسلق الهرم الكروي الوطني بخطوات ثابتة، لأن الصعود إلى وطني الهواة عبر بوابة المجموعة الشرقية لقسم ما بين الرابطات جاء ليواكب «النهضة» الكروية التي تشهدها المنطقة في السنوات الأخيرة، سيما وأن الفريق حقق الصعود الثالث في ظرف 4 سنوات، مما جعل «الياقوت» تبصم على «ثورة» كروية بفضل سلاح الإرادة والنيف، في ظل شح مصادر التمويل، مادامت تكلفة هذا الإنجاز لم تتعد المليار سنتيم، وهي الأضعف بالمقارنة مع أندية أخرى تنشط في نفس الفوج. روبورتاج : صالح فرطاس مواصلة عين «الياقوت» التدفق على وقع «ديناميكية» الصعود وبلوغها مجرى وطني الهواة، يعد تصنيفه في خانة المفاجآت المدوية، لأن الفريق الذي رأى النور قبل 52 سنة ظل عاجزا عن الخروج من شرفي باتنة لقرابة ثلاثة عقود من الزمن، وتواجده في الجهوي الثاني كانت في منتصف العشرية الماضية، لكن رهان الصعود إلى الجهوي الأول اصطدم بحاجز جعل الشباب يكتفي دوما بمركز الوصافة، في «سيناريو» تكرر لأزيد من 10 مواسم متتالية، قبل أن يكون التغيير الذي حصل على مستوى تسيير الرابطة الجهوية لباتنة بمثابة المنعرج الذي فك عقدة أبناء «الياقوت»، بدليل أن خروجهم من الجهوي كان بتحقيق الصعود مرتين متتاليتين، ليحط الفريق رحاله في قسم ما بين الرابطات. وإذا كان الشباب قد فقط ثمار الاستقرار الكبير الذي عرفه من الناحية الإدارية، بتواجد لزهر عموري على رأس النادي منذ 2012، مع تحقيق الصعود الثالث في ظرف 4 مواسم، فإن كلمة السر في هذه «الملحمة» تبقى روح المجموعة، لأن نصف التعداد يبقى من أبناء المنطقة، فضلا عن المراهنة على عناصر شابة تسعى لإبراز قدراتها، الأمر الذي ساهم بصورة مباشرة في تشكيل فريق منسجم ومتكامل، رغم الافتقار للإمكانيات المادية التي تكفي للعب الأدوار الأولى حتى في الجهوي. وقد كانت الثورة الكروية التي شهدتها عين ياقوت كافية لكسر جدار الصمت في معاقل الأنصار، بدليل أن الفريق اكتسب قاعدة جماهيرية كبيرة، وأصبحت مبارياته في ملعب الشهيد محجوب تجرى أمام مدرجات مكتظة عن آخرها، الأمر الذي أجبر مصالح البلدية على تسجيل مشروع لتوسعة طاقة الاستيعاب، تحسبا للموسم القادم، ولو أن «الموج الأزرق» أصبح يرافق التشكيلة في تنقلاتها، وكان له دور كبير في تحقيق الحلم «المعجزة»، والذي تجسد بعد أزيد من نصف قرن من المعاناة في الأقسام السفلى. التعداد الرسمي للفريق لموسم 2019 / 2020: حراس المرمى: عبد الكريم بن ناصر – الربيع عليكة محمد مسعود دبيح. الدفاع: علي بوخالفة – عمار بوخالفة – بلال يحيى باي – أشرف بومعزة – محمد لمين سعيدون – محمد الشريف جدول رابح دريس عبد المومن رميشي يوسف بوحملة. وسط الميدان: حسين حاجي – سامي خوالدي – عبد الرحمان بن ناصر – عباس صحراوي أنور مهناوي أيمن رجم. الهجوم: زكرياء حاجي- عبد السلام شاوش شفيق أحمد قايد – حسام خلفة – عيسى مديني رمزي زكري فارس سيدي. رئيس النادي: لزهر عموري. المدرب الرئيسي: راسم رماش. رئيس الفرع: عبد العزيز سعدي. الكاتب العام: عبد الرحمان بوعصيدة. أمين المال: عيسى بلخيري. طبيب الفريق: فرحات مغشوش. المسيرون: سليم عموري – محمد لخضر زبير - محمد الصغير عليوة سمير مسعودي – رابح بركات– حسين بن شريف – عبد الغاني عليكة عبد الغاني بوقرن عبد العزيز حمزة رضوان حركات محمد زروال عبد الوهاب عيشوش حمنة علاق السلفي عاشورة. رئيس النادي لزهر عموري: تكلفة الصعود لم تتجاوز المليار سنتيم *ما تعليقك على الإنجاز الذي حققه الفريق باقتطاع إحدى تأشيرات الصعود إلى وطني الهواة؟ هذا الإنجاز كان الهدف الذي سطرناه قبل انطلاق الموسم، لأن صيغة المنافسة التي تم اعتمادها وضعت أندية ما بين الجهات بين خيارين لا ثالث لهما، وذلك إما بالمراهنة على الصعود إلى تجرع مرارة السقوط إلى الجهوي، وعليه فإننا حاولنا منذ البداية توفير الأجواء الكفيلة بتجسيد هذا الحلم، وهذا باستغلال الخبرة القصيرة التي امتلكناها في هذا المستوى، بعدما كان موسمنا الأول في هذه الحضيرة صعبا، ونجحنا خلاله من ضمان البقاء في آخر جولة، ورفع «كوطة» الصعود من كل مجموعة إلى 8 فرق أجبرتنا على النظر إلى وطني الهواة من زاوية التفاؤل، رغم إداركنا المسبق بأن المهمة ليست سهلة، في وجود أندية عريقة في المجموعة الشرقية. * إلا أن اللافت للانتباه أن الشباب ظل محافظا على مقعده في النصف الأول من سلم الترتيب طيلة الموسم، فما سر ذلك؟ ليس هناك أي سر، وكل ما في الأمر أن الإصرار على رفع التحدي كان الدافع الوحيد الذي جعل اللاعبين، المسيرين والأنصار يتشبثون بكامل الحظوظ في الصعود، سيما وأن نصف تركيبة التعداد كانت من أبناء المنطقة، والاستقرار الذي يعيشه النادي في السنوات الأربع الأخيرة أتى بثماره، لأن هذا الصعود هو الثالث من نوعه خلال العهدة الأولمبية الجارية، على اعتبار أن الشباب كان ينشط في الجهوي الثاني لرابطة باتنة، وفي ظرف زمني وجيز تمكن من الارتقاء إلى وطني الهواة، وهو حلم لم يكن أكبر المتفائلين في عين ياقوت ينتظره، لكنه وجد طريقه إلى التجسيد الميداني، وقد شاءت الصدف أن يتحقق هذا الهدف بحضور أحد مؤسسي النادي محمد منصوري، الذي وافته المنية قبل أسبوع فقط، وبالتالي فقد عايش لحظة ترسيم الصعود بعد صدور قرار المكتب الفيدرالي أواخر شهر جويلية الفارط. *من هذا المنطلق يمكن القول بأنكم قمتم بثورة كروية في عين ياقوت،، أليس كذلك؟ المتمتع في مسيرة الشباب يقف للوهلة الأولى على الانتفاضة الكبيرة التي سجلناها في السنوات الأربع الأخيرة، لأن فريقنا تأسس سنة 1968، وظل قابعا في الشرفي لقرابة نصف قرن، على اعتبار أن الصعود إلى الجهوي الثاني كان قد تحقق سنة 2005، وقد لعبنا الأدوار الأولى بحثا عن تذكرة الصعود إلى الجهوي الأول، لكن الأمور على مستوى رابطة باتنة الجهوية كانت العقبة الوحيدة التي اعترضت طريقنا، وقد وجدنا أنفسنا مجبرين على انتظار الثورة التي كنا قد ساهمنا فيها على مستوى الرابطة الجهوية، بعد تغيير الطاقم المشرف على هذه الهيئة، لقطف ثمار العمل الذي كنا نقوم به في الفريق، بدليل أننا حققنا الصعود إلى الجهوي الأول، وبعدها بموسم واحد خرجنا من جهوي باتنة، وما تجسد في ظرف سنتين كان كافيا للتأكيد على أن شباب عين ياقوت كان يتعرض لكثير من «الحقرة» من طرف المسؤولين السابقين للرابطة الجهوية، والتواجد في قسم ما بين الرابطات لم يكن بالأمر الهيّن، ومع ذلك فإننا نجحنا خلال الموسم الأول في المحافظة على المكسب المحقق، بضمان البقاء، ولو بصعوبة كبيرة، بسبب تراجع النتائج في مرحلة الإياب، لكن تلك التجربة أعطتنا نظرة واضحة بخصوص مستوى المنافسة، وساهمت في تأقلم الفريق مع معطيات ما بين الجهات، فكان الصعود ضمن «الثمانية» الأوائل كهدف رئيسي سطرناه هذا الموسم، ليكون المشوار ناجحا، بدليل عدم خروجنا من المراتب الأربع الأولى منذ انطلاق البطولة، رغم أن المجموعة صعبة للغاية، والصعود هو الثالث لنا في ظرف 4 مواسم، وهذا إنجاز تاريخي. *وماذا عن الوضعية المالية وانعكاساتها على مستقبل الفريق في وطني الهواة؟ يمكنني أن أصل إلى درجة الجزم بأن شباب عين ياقوت يعد أفقر فريق في قسم ما بين الرابطات، لأننا نعاني من شح مصادر التمويل، حيث أن البلدية عاجزة، وحصة النادي من الميزانية السنوية هذا الموسم لم تتجاوز 200 مليون سنتيم، بينما تحصلنا على دعم من الصندوق الولائي بقيمة 150 مليون سنتيم، إضافة إلى عقد «سبونسور» مع إحدى الشركات العمومية بمبلغ 200 مليون سنتيم، وهذه الأرقام تجبرنا دوما على انتهاج سياسة «التقشف» في التسيير، انطلاقا من عملية استقدامات اللاعبين، لأننا نراعي الإمكانيات المادية للنادي عند ضبط التعداد، والمراهنة تكون كل موسم على أكبر عدد ممكن من أبناء المنطقة، لتقليص حجم المصاريف، كما أن روح المجموعة تبقى سر النجاح، لأننا نعمل دائما على تشكيل فريق منسجم، مع وضع الجانب المادي جانبا، لتفادي الاصطدام بمشكل المستحقات، والتكلفة الإجمالية للصعود لم تتعد عتبة المليار سنتيم، مع بقاء قرابة 500 مليون سنتيم كديون إجمالية على النادي، لأن استراتيجية العمل التي ننتهجها مبنية بالأساس على التخلص من إرث الديون السابقة في بداية كل موسم، والحديث عن مستقبل الشباب في وطني الهواة صعب للغاية، ويتطلب المزيد من الدعم المادي، خاصة وأننا نحوز على النواة الأساسية للتعداد، فضلا عن تخلصنا من إشكالية الملعب بعد شروع مصالح البلدية في إنجاز الشطر الثاني من المدرجات. ص/ف مدرب الفريق راسم رماش: «المجموعة» كلمة السر في النجاح المحقق *في البداية، هل كنت تنتظر النجاح في تحقيق الصعود مع الشباب إلى وطني الهواة؟ تواجدي على رأس العارضة الفنية للشباب كان في منتصف مرحلة الذهاب، والحقيقة أنني وجدت الفريق جاهزا، لأن زميلي برحلة كان قد قام بعمل جبار، ولمستي كانت بالأساس على الجانب البسيكولوجي، على اعتبار أن التشكيلة كانت قد مرت بفترة فراغ، كما أن تجربتي في بداية الموسم مع نجم تازوقاغت ساعدتني على أخذ فكرة واضحة عن مستوى المنافسة في هذه المجموعة، وقد كان هدفنا الوحيد هو التواجد ضمن قائمة الفرق الصاعدة، لأن الحسابات في فوج الشرق كانت جد معقدة، والمعطيات تتغير من جولة إلى أخرى، ولم يكن من السهل على أي فريق المحافظة على مقعده ضمن كوكبة الصدارة، لكن نتائجنا داخل الديار كانت المفتاح الذي طرقنا به بوابة وطني الهواة، لأننا لم نهدر سوى 4 نقاط بملعبنا، وذلك بالتعادل مع كل من شباب الذرعان وترجي قالمة، فكنا أقوى فريق داخل القواعد. *نفهم من هذا الكلام أن تركيزكم كان منصبا على اللقاءات بعين ياقوت لتجسيد هدف الصعود؟ كما سبق وأن قلت فإن المجموعة الشرقية صعبة للغاية، وليس من السهل على أي فريق تحقيق نتائج إيجابية خارج القواعد، خاصة وأن الأمور ازدادت صعوبة في مرحلة الإياب، حيث طغى العنف، وأصبحت الكثير من المقابلات تشهد استعمال المسيرين لأساليب «لارياضية» بحثا عن النقاط الثلاث تحت طائلة التهديد، وهذا ما عشناه في الذرعان، ولو أن مشوارنا في مرحلة الذهاب كان كافيا لرسم المعالم الأولية لطريق الصعود، لما أنهينا النصف الأول من البطولة في مركز الوصافة، لكن قيامنا بثلاثة تنقلات متتالية في بداية مرحلة العودة كاد يخلط حساباتنا، لأننا اكتفينا بحصد نقطة واحدة في 3 جولات، ولم تكن لدينا خيارات أخرى سوى عدم التفريط في النقاط بملعبنا، وتوقف المنافسة بسبب جائحة كورونا لا يعني بأن الصعود كان عبارة عن هدية تلقيناها من المكتب الفيدرالي، بل أن حسابات الجولات الخمس المتبقية كانت تخدمنا، إذ كان يكفينا الفوز بلقائين داخل القواعد لترسيم الصعود، بينما كانت رزنامة باقي الأندية التي تتأخر عنا في الترتيب متشعبة، وتتضمن مواجهات مباشرة، ورصيد 46 نقطة كان يكفي لتحقيق الصعود . *وكيف تنظر إلى مستقبلك مع الفريق الموسم القادم؟ شخصيا فإن تجربتي مع شباب عين ياقوت كانت مميزة، واستخلصت منها درسا استثنائيا، لأن النادي لم يكن يتوفر على الامكانيات المادية التي تسمح له بالتنافس على إحدى تأشيرات الصعود، لكن الحقيقة الميدانية كانت مغايرة تماما، بعد النجاح في تشكيل مجموعة منسجمة ومتناسقة، تتفهم الظروف التي يعيشها الفريق، مع سعي اللجنة المسيرة لتوفير التحفيزات المادية وفق الإمكانيات المتاحة، مع الوفاء بالوعود المقدمة، مما خلق جوا من الثقة المتبادلة بين كل الأطراف، دون تجاهل الدور الكبير الذي لعبه الأنصار، لأن حلم الصعود كبر مع تقدم المنافسة، فأصبحت الجماهير تساند التشكيلة حتى في تنقلاتها، وقد سبق لي أن حققت الصعود مرتين مع تازوقاغت، إلا أن الظروف المادية كانت مختلفة تماما، وعليه يمكن القول بأن تواجد عين ياقوت في الهواة كان بفضل سلاح الإرادة و»النيف»، لأن الرغبة الكبيرة في رفع التحدي ساهمت في تخطي كل العقبات، ليبقى الحديث عن المستقبل سابقا لأوانه، سيما وأن الرؤية مازالت غامضة بخصوص معطيات الموسم القادم، ومهما تكن الظروف فإن تجربتي الناجحة مع الشباب علمتني الكثير، خاصة في الشق المتعلق بروح المجموعة. ص/ف