أحيت منذ أيّام الجمعية الجزائرية للدراسات الفلسفية – فرع برج بوعريريج الذكرى الأولى لوفاة الدكتور بشير ربوح و الدكتور محمّد الصادق بلم، في حادث مرور أليم أودى بحياتهما، وهما متجهان نحو جامعة باتنة1، اِنطلاقا من مقر سكنهما برأس الوادي. ورصد مكتب الجمعية بهذه المناسبة مجموعة من الأنشطة الثقافية التي من شأنها اِستحضار المرحومين في ذكرى وفاتهما الموافق ليوم 30 أكتوبر الفارط، باِعتبارهما رمزين ومكسبين للمدينة و للساحة الثقافية الجزائرية ككلّ، حيث سهر أصدقاء الجمعية على تجهيز عشر مقاه بمكتبات للقراءة في المدينة، يتم اِفتتاحها -لاحقًا- بحضور نخبة من الأساتذة و الباحثين والطلبة وأصدقاء الفقيدين. هذه الفكرة كان بشير ربوح ينوي تجسيدها في المقاهي والساحات العامة، لولا أن الموت كان أسرع، وبالتالي فإنّ هذا العمل يأتي اِستكمالاً لمشروع بشير ربوح ومحمّد الصادق بلم. كما تمّ بالمناسبة أيضًا، الإعلان عن إطلاق جائزة باِسم المرحومين، وهي الجائزة التي تُعتبر الأولى من نوعها في مجال البحث الفلسفي، و تحاول سد الفراغ الثقافي الرهيب في الساحة الوطنية لتتويج الأقلام المبدعة في مجال الاِجتهاد الفلسفي، فهي فريدة في هذا الباب، تشقُ نسقًا تخصُّصِيًّا مُهمًا يُحرِّض على الفِكر والإبداع الفلسفيين، ولأنّها كذلك؛ تحمل اِسم مبدعين كبيرين، ويُراد من خلالها حفر اِسميهما في عُمق الفِعل الفلسفي الفعّال، فلقد ضرب الفقيدان مثلاً في بذر الفلسفة على مستوى الفضاءات اليوميّة للإنسان الجزائري، لتحملهما الأقدار إلى فضاء الخلاص الأبدي، كما ورد في أرضية الجائزة. وقد اِختار القائمون على الجمعية الجزائرية للدراسات الفلسفيّة –فرع برج بوعريريج- أن تكون الجائزة مُخصصة، حصريا، لطلبة الدكتوراه، لذلك كان شِعارها هو الّذي طالما ردّده الدكتور بشير ربوح «الطلبة هُم فخر الوطن»، وتشجيعًا وتحفيزاً للباحثين، يتم تقديم مكافآت للفائزين من أجل تحقيق أهداف الجائزة (العلميّة، الحافزية، التواصلية، الفعليّة). وتقترح اللجنة العلمية والاِستشارية المشرفة على الجائزة محورين رئيسين للمشاركة يتوافقان واهتمامات المرحومين أولاً: سؤال النقد في الخطاب الثقافيّ المعاصر (المفاهيم – الإشكالات – الاِتجاهات). ثانيًا: سؤال العلمانية بمناظير معرفيّة جديدة (المسوغات – الإسهامات – الرهانات). المؤكد أنّ الجائزة ذات منطلق علمي واعد، وفي روحها فِعلٌ ثقافيٌّ وعمليّ طموح؛ يسهم في تنمية القيم الوطنية بالمعرفة والثقافة، وهي أيضا بمثابة نافذة للتواصل العلميين الباحثين من خلال القضايا المفتوحة والمقترحة للبحث، وإثارة الأسئلة الرَّاهنة التي تعمل على تفعيل دور الثقافة في التنميّة الفكرية والاِجتماعية الوطنية والعالمية. وكذا الوعي بقيمة الفِكر ودوره في التغيير والإنجاز والإبداع. وقد كان من المقرر في 30 و31 أكتوبر 2020 ، المتزامن مع الذكرى، اِنعقاد الملتقى المغاربي الدولي الثاني حول فلسفة الفِعل بمدينة رأس الوادي، اِحتفاءً بالمنجز الفلسفي لبشير ربوح ومحمّد الصادق بلم، غير أنّ الظرف الوبائي وتصادف تاريخ الملتقى مع اِستفتاء تعديل الدّستور، دفع باللجنة العلمية والتنظيمية للملتقى، إلى تأجيله إلى غاية توّفر الشروط المناسبة. ويُنتظر أن يكون الملتقى المزمع تنظيمه حدثًا فلسفيًّا كبيراً، يتناول بالدرس و التحليل المنجز الفلسفي لبشير ربوح ومحمّد الصادق بلم، من طرف الباحثين والأكاديميين من الجزائر ومن المغرب الكبير.