أصبحت الجولات الراجلة وسط جبال الأطلس البليدي، تستهوي العديد من المواطنين، خلال السنوات الأخيرة، قصد ممارسة رياضة المشي و التنزه وسط الطبيعة الخضراء الهادئة، و الملاحظ أن الكثير من هذه الجولات تؤطرها جمعيات، فتستقطب المئات من المواطنين من مختلف الفئات العمرية، كما أن النساء لا يتخلفن عن الجولات العائلية الراجلة وسط الجبال، بحثا عن الراحة والهدوء، وهروبا من ضغط المنازل و ضجيج المدن. ساهمت في انتشار هذه الظاهرة، نصائح الأطباء للمواطنين و حملات التوعية والتحسيس التي تشدد على ضرورة الإكثار من ممارسة رياضة المشي لما لها من فوائد كبيرة على الصحة، إلى جانب الوقاية من عدة أمراض. وتنظم العديد من المجموعات والجمعيات بولاية البليدة جولات راجلة بشكل دوري وسط جبال الشريعة والمناطق المجاورة، و البعض منها تنظم جولات لمسافات طويلة تزيد عن 20 كيلومترا، و قد ساهمت هذه الجولات في اكتشاف مناطق جبلية عذراء ساحرة الجمال، خاصة و أن منظميها تعودوا على التقاط صور و الكشف لأول مرة عن مناظر طبيعية خلابة، عبر نشرها بمواقع التواصل الاجتماعي، في إطار الترويج للمواقع السياحية المميزة ببلادنا. ولا تقتصر الجولات الراجلة على فئة الشباب فقط، فحتى الكهول يختارون هذا النوع من الرياضة للوقاية من الأمراض و التنزه و الاستمتاع بجمال الطبيعة، و أشار في هذا السياق أحد الأطباء، بأن فوجا من الأطباء يداوم على تنظيم جولة راجلة كل يوم جمعة بعد صلاة الفجر، تنطلق من مدينة البليدة إلى الشريعة، حيث يقطعون مسافة 19 كلم. و أضاف بأن هذه الجولات الراجلة ينظمها الأطباء منذ سنوات، ولم ينقطعوا عنها، للوقاية من الأمراض و الحفاظ على سلامة الجسم و التخفيف من ضغوطات أيام الأسبوع التي يقضونها في العيادات و المستشفيات لفحص ومعالجة مرضاهم. و الملاحظ أن هذه الجولات تحولت إلى ما يشبه النشاطات المنتظمة التي تنظمها مختلف الجمعيات المهتمة بالنشاط السياحي والرياضي بولاية البليدة ، و منها جمعية الهواة المشاة لمدينة البليدة، جمعية أصدقاء الشريعة، جمعية الجوالة ومكتشفي الطبيعة للأطلس البليدي، و كثيرا ما توجه الدعوات لشخصيات ومواطنين من خارج الولاية، للمشاركة فيها، وتسعى هذه الجمعيات من خلال الجولات الراجلة، إلى الترويج للمناطق السياحية المختلفة و اكتشاف المناطق الطبيعية العذراء التي تزخر بها الجزائر. و تستغل هذه الجولات من طرف الجمعيات، للتحسيس بمواضيع معينة، كالوقاية من بعض الآفات الاجتماعية، أو التضامن مع فئات معينة، على غرار الجولة الراجلة التي تنظمها جمعية البدر سنويا في الشريعة بمناسبة أكتوبر الوردي للتضامن مع النساء المصابات بسرطان الثدي، و تعرف مشاركة مئات المواطنين، كما تستغل لتنظيم حملات تشجير. و ذكر في هذا الإطار رئيس جمعية المشاة الهواة لمدينة البليدة، بأن الجمعية تنظم أسبوعيا جولة راجلة عبر مختلف جبال الأطلس البليدي، و في بعض الحالات تنتقل إلى ولايات مجاورة كتيبازة و تيسمسيلت، من أجل اكتشاف المناطق الجميلة، مضيفا بأن هذه الجولات تكون الدعوة فيها عامة لكافة المواطنين. و أشار إلى أنه يتم نشر الإعلان في الصفحة الرسمية للجمعية في فايسبوك، و يحدد مكان اللقاء وموعد الانطلاق، و بعد التجمع ينطلق الفوج في الرحلة وسط الجبال، وتتراوح المسافة التي تقطع خلالها بين 05 إلى 10 كيلومترات، مضيفا بأن جل الجولات تنطلق في الصباح، و ينقل المشاركون معهم وجبات الإفطار، و عند الوصول يتم تناول هذه الوجبات في الغابات، وسط مناظر جميلة وساحرة، و بعد أخذ قسط من الراحة يعود المشاركون إلى نقطة الانطلاق، بعد أن يكونوا قد قضوا يوما جميلا. قال رئيس جمعية المشاة الهواة لمدينة البليدة، بأن الجمعية لا تنظم رحلات للرجال فقط، بل تنظم كل نهاية أسبوع جولة راجلة خاصة بالعائلات، و ذلك بعد الإعلان عنها عبر الصفحة الفايسبوكية الخاصة بالجمعية، أسبوعيا. و أوضح المتحدث أن الجولة الخاصة بالعائلات من موقع سيدي سالم بأعالي بوعرفة، على مسافة تصل إلى 4 كيلومترات، قبل أن يعود المشاركون أدراجهم إلى نقطة الانطلاق، مشيرا إلى أن فكرة تنظيم الجولات الخاصة بالعائلات، جاءت بعد ملاحظة أعضاء الجمعية أن بعض العائلات تقصد الغابات لقضاء أوقات جميلة، لكن جلها تختار مواقع للجلوس لتناول وجبات الإفطار أو قهوة المساء، دون أن تتحرك من مكانها أو تفكر في التجوال على الأقدام. و حتى وإن فكرت بعض العائلات في جولات راجلة وسط الجبال، فإنها تخشى المشي وسط غابات معزولة، وانطلاقا من ذلك، فكرت جمعية المشاة في تنظيم هذه الجولات المخصصة للعائلات، بقصد التنقل جماعيا و توفير لجل العائلات المرفقة بأبنائها، أجواء من الأمن و الطمأنينة، مؤكد بأن الجولات الراجلة الخاصة بالعائلات ، تعرف مشاركة واسعة للعائلات التي تبحث عن الراحة والسكينة في الهواء الطلق، وسط الطبيعة الخضراء، بعيدا عن ضجيج المدن، خاصة وأنها تنظم في نهاية الأسبوع. rالطبيب فتحي بن أشنهو يجب المشي 40 دقيقة يوميا أوضح الطبيب فتحي بن أشنهو للنصر، بأن الجولات الراجلة وسط الجبال، لها أهمية كبيرة على الصحة العمومية، مشيرا إلى أن منظمة الصحة العالمية تركز حاليا على ممارسة رياضة المشي، للوقاية من مختلف الأمراض . و أضاف بأن العلماء اتفقوا على أن المشي لمدة 40 دقيقة يوميا، له فوائد صحية كبيرة، حيث تنشط رياضة المشي الدورة الدموية، و تحافظ على العمود الفقري، كما تفيد كثيرا مرضى السكري، مشيرا إلى أن حركة الجسد أثناء المشي، لها نفس وظيفة الأنسولين، مع الالتزام بالمشي يوميا. و ينصح الدكتور بن أشنهو المواطنين بضرورة الإكثار من المشي و التقليص من استعمال السيارات، داعيا إلى تفادي استعمال المصاعد في العمارات و استعمال السلالم، مضيفا بأن الحفاظ على الصحة لا يقتصر على المشي، بل يرتبط أيضا بالتغذية السليمة الغنية بالخضروات و الفواكه الطبيعية.