تعرف سوق التجهيزات الكهرومنزلية، ركودا غير مسبوق منذ بداية السنة الجارية، فتبعات الحجر الصحي و الزيادات المحسوسة في الأسعار على مستوى المصانع، انعكست سلبا على العملية التجارية، وخلفت تراجعا محسوسا، قدره تجار التقت بهم النصر، بالنصف، مشيرين إلى أن الزيادات التي فرضها المنتجون في الأسبوعين الأخيرين، بحجة ارتفاع نسب الضرائب و استمرار تعليق رخص الاستيراد غير منطقية، خصوصا وأن السوق تعاني عجزا كبيرا في العرض و الطلب، سواء فيما يتعلق بالمنتج المحلي أو المستورد الذي بات حلما بعيد المنال. لا بيع و لا شراء هذه الأيام لاحظنا خلال جولة استطلاعية قادتنا إلى عدد من نقاط بيع التجهيزات الكهرومنزلية بقسنطينة، ضعف الحركية التجارية بالغالبية العظمى من المحلات، سواء على مستوى منطقة « الكانطولي» أو بحي «لوناما»، فلا بيع و لا شراء هذه الأيام، كما عبر التجار، و السبب، حسبهم، ليس راجعا بالأساس إلى تبعات الحجر الصحي و الإغلاق الطويل الذي ميز الأشهر الماضية، بل يعود إلى ارتفاع الأسعار بشكل جنوني و غير متوقع في ظرف وجيز. رياض، صاحب محل بحي الكانطولي، أكد للنصر، بأن خسائر التجار بسبب جائحة كورونا كبيرة، فأغلبهم سددوا إيجار سنة كاملة، و لم يفتحوا محلاتهم طيلة تلك الفترة، وهو ما كبدهم الكثير، خصوصا و أن إيجار المحلات لا ينزل شهريا عن 4 إلى 5 ملايين سنتيم، و الدفع يكون سنويا في العادة، و حتى محاولات تعويض الخسائر عن طريق عروض التخفيضات الخاصة بنهاية السنة، باءت بالفشل، على اعتبار أنها كانت بسيطة جدا و غير مغرية، ناهيك عن كونها شملت فئة جد محدودة من التجار بسبب نقص السلع. إن المصانع، كما قال ، متوقفة أو تشتغل بالحد الأدنى من طاقتها، و بالتالي فإن المنتوج غير متوفر أو جد شحيح، وهو وضع يستحيل معه إطلاق أية عروض قد تتناسب فعلا مع مستوى القدرة الشرائية للمواطن الجزائري. محدثنا أوضح، بأن المنتجين فرضوا على تجار التجزئة منطقهم لتعويض الخسارة، و باتوا يلزمونهم بأخذ سلعة غير مطلوبة، مقابل الحصول على السلع الأكثر مبيعا، مشيرا إلى أنهم أدرجوا كذلك زيادات معتبرة في تكلفة كل منتج، وهو ما رفع هامش الربح على مستوى المحلات و أحرج الزبون، وهي معادلة، قال، بأنها انعكست بشكل كارثي على العملية التجارية التي تراجعت بنسبة تزيد عن 60 بالمئة منذ بداية السنة الجارية. إن الزبون لم يعد يقبل، كما أخبرنا التاجر، على التجهيزات الثقيلة كالغسالات و الثلاجات و غيرها، وكل ما يباع هذه الأيام هي الأجهزة الصغيرة التي لا تزيد أسعارها عن 2000 إلى 5000 دج ، على غرار الخلاطات الكهربائية و مجففات الشعر و غيرها. تراجع الطلب على المدافئ مقابل المكيّفات أما مسعود ، و هو صاحب محل بحي لوناما، فأكد أنه مصدوم من الوضع، مشيرا إلى أنه كان يتوقع انتعاش الحركية بعد تخفيف إجراءات الحجر، لكنه فوجئ بركود غير مسبوق، قائلا بأنه لم يبع ثلاجة واحدة منذ ثلاثة أشهر. الغريب في الأمر، حسبه، هو توقف الطلب على أجهزة التدفئة وكأن الشتاء رحل باكرا هذه السنة، كما عبر، بالمقابل برز اهتمام متزايد بالمكيفات و أجهزة التبريد، و يعود ذلك، كما قال، لتجنب الزيادات الدورية في الأسعار، فالبعض على سبيل الاحتياط و الحذر يشترون المكيفات في الشتاء، قبل أن تلتهب أسعارها صيفا، خصوصا وأن الزيادات تقدر حاليا ب 6000 دج، مقارنة بالعام الماضي. مشكلة محدودية الطلب على أجهزة التدفئة، طرحها أيضا عامر، صاحب محل بحي المنية، مشيرا إلى أن زيادة أسعارها تسببت في تراجع الإقبال عليها، فسعر أبسط مدفأة 28 ألف دج، بينما يصل سعر بعض الأنواع الأخرى إلى 42 ألف دج. 5000 دج إلى 20 ألف دج زيادات حسب التجار، فإن الأشهر الأخيرة عرفت زيادات متعاقبة في الأسعار، وذلك بمعدل زيادة كل شهرين، و قد تراوحت منذ بداية السنة الحالية بين 5000 دج إلى 15000 دج على بعض المنتجات، مرجعين السبب في ذلك إلى ارتفاع نسب الضرائب، بما في ذلك الضريبة على الطاقة التي تم إقرارها في الثاني من فيفري الجاري، كما أخبرنا التاجر رياض، مشيرا إلى أن الأعباء التي تدخل في تحديد السعر النهائي للمنتج تشمل الرسوم الجديدة على الأجهزة المستوردة و المصنعة محليا والتي تشتغل بالكهرباء والغاز، ويدفع هذا الرسم عند الجمركة بالنسبة للأجهزة المستوردة وعند الخروج من المصنع بالنسبة للأجهزة المصنعة محليا، ويطبق حسب الصنف الطاقوي. بالنسبة للأجهزة المصنعة محليا، يتم فرض هذا الرسم بصفة تصاعدية، حسب الكفاءة الطاقوية للتجهيزات، من 5 بالمئة للأكثر كفاءة، إلى 40 بالمئة بالنسبة المنتجات الأقل كفاءة، و التي تتسبب في نسبة تلوث أكبر، كما أنها تتسبب في إضاعة نسبة أكبر من الطاقة، و هو ما يتسبب بالمقابل في زيادة أسعار المنتجات الكهرومنزلية بما يتراوح بين 5 و40 بالمئة، بما في ذلك المنتجات محلية الصنع، علما أن الرسم على المنتج المستورد هو ضعف الرسم على المنتج المحلي. و الملاحظ هو أن هناك تجهيزات محلية زادت تكلفتها بشكل كبير جدا، فتلفزيون إيريس 50 بوصة، عرف زيادة قدرها 20 ألف دج ، ليصعد سعره من 50 إلى 70 ألف دج. أما جهاز التسخين «مايكرو ويف» فقفز سعره من 12ألف دج إلى 30 ألف حتى 50 ألف دج. التقسيط لمواجهة الركود أما الثلاجات من نوع «آلجي» فلا يقل سعرها عن 100 ألف دج، و السبب راجع أيضا إلى تكاليف النقل التي تضاعفت منذ بداية الجائحة، فتكلفة نقل الثلاجة الواحدة من المصنع نحو محلات التجزئة تقدر ب 20 ألف دج، بعدما كانت قبل ظهور الفيروس لا تتجاوز 5000دج. محدثونا قالوا، بأن المنتجات المستوردة شحيحة جدا، أما المحلية فيختلف الطلب عليها، حسب النوع، علما أن أكثر ما يفضله الزبائن في المنتج المحلي التلفزيونات و الغسالات، التي أصبحت تشترى بالتقسيط، باعتباره بات السبيل الوحيد لمواجهة الركود الحاد، وحتى وإن كان التعامل لا يشمل كل الزبائن و يحتكم لشروط، إلا أن هذه الطريقة هي الوحيدة لضمان البيع و تجنب كساد السلع، و بالتالي الإفلاس و غلق المحلات نهائيا، كما عبر بعض محدثينا. أما عن آلية التقسيط، فتكون شهرية عن طريق صك بريدي، على ألا يقل القسط عن مبلغ 5000 دج، علما أنها عملية تضمن هامش ربح مضاعف، مقارنة بسعر السلعة الأصلي، فغسالة الملابس التي تباع دون تقسيط مقابل 42 ألف دج، تصل إلى 52 ألف دج عند اعتماد التقسيط، والسبب، حسب التجار، هي المدة التي تحجز خلالها المنتجات. * رئيس جمعية التجار حاج طاهر بولنوار الجائحة خلّفت ركودا وخسائر تتعدى 50 بالمئة حسب رئيس الجمعية الوطنية للتجار حاج الطاهر بولنوار، فإن سوق التجهيزات الكهرونزلية، عرفت مع بداية 2021 زيادات معتبرة، لكنها لا تصل إلى 30 بالمئة، كما يروج له، وهي زيادات قال بأن المتعاملين يرجعونها إلى جملة من العوامل أبرزها، محدودية العرض في ظل تراجع الإنتاج الوطني، مقارنة بالطلب المتزايد، إضافة إلى انخفاض قيمة الدينار و ما لذلك من انعكاس مباشر على الأسعار و القدرة الشرائية، خصوصا و أن السوق تنقسم إلى نوعين من المنتجات، الأول مستورد والثاني محلي، لكن بالاعتماد على مواد أولية مستوردة، وعليه فإن أسعار هذه الأجهزة، تتحدد على مستوى المصانع و تشمل في العادة بعض الأعباء الإضافية المتعلقة بقيمة الضرائب. بولنوار أكد، بأن آثار الجائحة كبيرة أيضا، و قد مست كل القطاعات، بما في ذلك سوق التجهيزات الكهرومنزلية، إذ خلف الإغلاق ركودا كبيرا و تراجعا للنشاط الاقتصاد، ما أدى بالمقابل إلى ارتفاع الأسعار و فقدان الكثيرين لوظائفهم، مضيفا أن هناك تجار اضطروا إلى تسريح بعض العمال الناشطين بمحلاتهم، لتخفيف الأعباء المالية و تقليص الخسائر و تجنب الغلق، مشيرا إلى أن رقم أعمال هذه السوق تراجع بنسبة 50 بالمئة، وهو تحديدا حجم الخسائر المسجلة طيلة الفترة الماضية.