تنتشر في الآونة الأخيرة عبر ولايات شرق و وسط البلاد، أكلة "المردومة"، التي يتم طهيها "تحت الأرض"، في درجة حرارة عالية، بوضع الفحم أو الحطب داخل حفر بمحاذاة أو داخل المطاعم، و يتهافت على اقتنائها المواطنين، غير مبالين في الغالب بطريقة و شروط تحضيرها، لأنها ذات مذاق و "بنة" لا تقاوم، كما قال للنصر العديد من عشاق "المردومة"، في حين تحذر المنظمة الوطنية لحماية المستهلك من التجاوزات المرتبطة بطهيها في حفر على الأرصفة من قبل بعض أصحاب المطاعم. نورالدين ع هذه الأكلة تعد من الأكلات التقليدية التي تصنف ضمن التراث الجزائري، لكنها كانت تشتهر بها أكثر المناطق الصحراوية، كأدرار و تيميون، قبل أن تفرض نفسها ببعض ولايات الشرق الجزائري كباتنة، بسكرة و خنشلة، ثم اجتاحت تدريجيا عديد الولايات الشرقية الأخرى، و ولايات الوسط، حتى أضحت بمثابة "موضة" تستقطب عشاق الأكل المميز، في كل مكان. علما بأن الأكلة تشمل طهي كل أنواع اللحوم، في درجة حرارة عالية جدا، لتكتسب مذاقا لذيذا، و لاحظنا خلال إجراء هذا الروبورتاج، أن بعض المطاعم تحافظ على الطريقة التقليدية في تحضير هذه الأكلة، حيث تستغل حفرا تحدثها خصيصا لذلك بفضاءاتها الداخلية، في حين يستغل أصحاب مطاعم أخرى الأرصفة المحاذية لمداخلها، لإحداث حفر عميقة، يحضرون داخلها أكلة المردومة، و ذلك دون الحصول على رخصة من الجهات الوصية، حيث أن الحفر تشكل خطرا على الراجلين الذين يضطرون إلى اقتسام الطريق مع السيارات، بعد استيلاء أصحاب المطاعم على الأرصفة. تحضر بمناطق أغلبها بعيدة عن التجمعات السكانية تشتق "المردومة" من كلمة الردم، و يقصد بها ردم الطعام تحت التراب، كما أنها تحضر بطرق تقليدية في فرن تقليدي بمطاعم، أغلبها كائنة بمناطق غير حضرية بعيدة عن التجمعات السكانية، حيث يتم حفر حفرة تحت الأرض، و يردم الطعام تحت التراب و خلال ساعتين ونصف ينضج. و لم يبق تحضير هذه الأكلة التقليدية مقتصرا على المطاعم التقليدية بالمناطق الصحراوية، أو المطاعم الموجودة عبر الطرقات الرئيسية بين الولايات، فحتى المطاعم بالمدن الكبرى أصبحت تحضر هذا الطبق، لكن بعض هذه المطاعم تحضرها، وفق ظروف و شروط مختلفة تماما عن الطريقة التقليدية، التي كانت تحضر بها. إن الأكلة التي تعد بالمناطق الصحراوية أو الريفية، تحضر تحت الأرض، حيث يتم وضع أطباق اللحوم و الدجاج، تحت الأرض، وتغطى بالرمال أو التراب، حسب طبيعة المنطقة، ويطهى الطعام بطريقة طبيعة عن طريق الحرارة المنبعثة من الفرن التقليدي. في حين تحضر بالمطاعم الحضرية، بطريقة مختلفة عن التقليدية، حيث يتم إحداث حفرة داخل المطعم أو بفنائه بالنسبة للمطاعم الكبيرة، أو تجهيز حفرة على مستوى المطاعم الصغيرة، ويتم وضع الأطباق داخل الحفرة وغلقها باستعمال غطاء حديدي، و تتم تهيئة هذه الحفر بالإسمنت، فهي ليست ترابية، كما لا يغطى الطعام بالرمل أو التراب، مثل الأكلة التي تحضر في المناطق الصحراوية أو الريفية ببعض ولايات الشرق و الوسط. يمكن القول أن الاختلاف بين المردومة التي تحضر بالمناطق الصحراوية والريفية و تلك التي تحضر في المطاعم الحضرية، هي أن الأولى تحضر باستعمال الحطب والفحم فقط، ويتم تغطية الحفرة بالتراب، في حين في المطاعم الحضرية تحاط بالإسمنت، كما أنها مغطاة بغطاء حديدي، و كثيرا ما يضيف أصحاب المطاعم مواد سريعة الاشتعال، لتشتعل النار في الفحم أو الحطب بسرعة و بقوة. "بوزلوف" و لحوم الخرفان و البقر و الدجاج تسيل لعاب الزبائن تشهد المطاعم المتخصصة في تحضير هذا الطبق إقبالا كبيرا للزبائن، بسبب طريقة تحضيرها التي تتم بطريقة طبيعية و "صحية"، ولا يستعمل في طهيها، حسب صاحب مطعم " مردومة الأحباب " بالشعيبة بولاية تيبازة ، سوى بعض التوابل و الثوم. كما تشمل المردومة، كما قال للنصر، تحضير كل أنواع اللحوم، من لحم الخروف و البقر، والدجاج و الأرانب، ورٍأس الخروف(بوزلوف) و تتميز بمذاق خاص ويطهى اللحم بشكل جيد، داخل الحفرة لمدة ساعتين ونصف، ويطهى بحرارة الفحم و الحطب العالية، مضيفا بأن عشرات الزبائن أصبحوا يقصدون محله من أجل اقتناء هذا الطبق. أوضح المتحدث بأنه قام بحفر حفرة بفضاء المطعم، بعيدا عن الطريق العمومية، لطهي اللحوم، و يتم تحضيرها على الساعة التاسعة صباحا ، لتنضج قبل منتصف النهار، وذلك حتى لا ينتظر الزبائن طويلا، مشيرا إلى أن الأطباق المختلفة، تحضر مسبقا ويتم وضعها في رفوف حديدية، ثم يتم وضعها داخل الحفرة، باستعمال سلسلة حديدية، و تغلق بعدها الحفرة، وبعد ساعتين ونصف يتم فتحها، و إخراج الأطباق، لتوزع على الزبائن، وفق رغباتهم. في بالمناطق الصحراوية و الريفية، يتم ردم الأطباق بالتراب، دون اتباع الخطوات التي ذكرها صاحب المطعم السالف الذكر. منظمة حماية المستهلك تندد بالظاهرة انتقدت المنظمة الوطنية لحماية المستهلك أصحاب المطاعم الذين يحضرون أكلة المردومة بطريقة غير قانونية، فهذه الظاهرة، كما وصفتها المنظمة، تشهد انتشارا واسعا في الآونة الأخيرة، بطرق فوضوية، كما جاء في بيان نشرته عبر صفحتها الرسمية بموقع التواصل فايسبوك، متسائلة عن الجهات التي منحت التراخيص لأصحاب المطاعم لاستغلال الأرصفة، و حفر حفر لتحضير هذا الطبق. و ذكر البيان تأثير هذه السلوكيات على المارة، و كذا قرب هذه الحفر من الطريق، وانبعاث غازات السيارات وغيرها، ومدى تأثير ذلك على الصحة العمومية، ودعت المنظمة إلى تنظيم الظاهرة و محاربة كل الأشكال التي تؤثر سلبا على حياة المواطنين. مديرية التجارة بتيبازة ترصد صاحب مطعم حفر الرصيف لطهي المردومة من جهة أخرى أوضح مصدر مسؤول بمديرية التجارة و ترقية الصادرات لولاية البليدة، للنصر، أنه تم رصد مطاعم تقوم بتحضير الأكلة بالولاية، لكن المديرية لم تسجل أي تجاوزات تتعلق بطريقة تحضيرها، و تحدث عن قيام أصحاب مطاعم بحفر حفر في الفضاءات الداخلية للمطاعم، لتحضير هذه الأكلة، وهذا الأمر غير مخالف، حسبه، للقانون، كما لم تسجل أي مخالفات تتعلق بشروط النظافة أثناء تحضير هذا الطبق، كما أكد. وهو ما ذهب إليه مصدر آخر بمديرية التجارة وترقية الصادرات بتيبازة، مشيرا إلى انتشار الظاهرة في المطاعم الكبرى بالولاية، و ذكر أنه تم تسجيل حالة واحدة لصاحب مطعم، استغل الرصيف لحفر حفرة لطهي الأكلة ، مشيرا إلى قيام مصالح مديرية التجارة ، بالإجراءات القانونية اللازمة ضد صاحب هذا المطعم، و أجبر على ردم الحفرة و إعادة تهيئة الرصيف. * الطبيب فتحي بن أشنهو الأكلة صحية لكن يجب احترام شروط النظافة في تحضيرها أكد الدكتور فتحي بن أشنهو، أخصائي الصحة العمومية و التغذية، للنصر، بأن الأكلة تعتبر من الأكلات الصحية المعروفة منذ القدم، بعدة ولايات في الوطن، و عملية طهيها تتم بشكل طبيعي بدرجة حرارة عالية ، مشيرا إلى أن الحرارة العالية تقتل كل الجراثيم، و بذلك فهي أكلة صحية. و ينصح الأطباء، كما قال، بتناول الأكلات التي تحضر بهذه الطريقة، في حين يبقى التساؤل، حسبه، حول طريقة تحضير الأكلة، من حيث احترام شروط النظافة، خاصة الأواني المستعملة، و المكان المخصص لعملية الطهي والتراب المستعمل في الردم وغيرها، مضيفا أن معطيات كثيرة تدخل في تحضير هذه الأكلة ليتم بطريقة صحية. و يدعو الدكتور بن أشنهو مصالح وزارة التجارة، إلى ضرورة التدخل و مراقبة أصحاب المطاعم، و إلزامهم باحترام شروط النظافة في تحضير هذه الأكلة، التي بدأت تعرف انتشارا واسعا في بعض المطاعم الكبرى.