إلغاء سحب رخصة السياقة خفّف الضغط على المواطنين * العمل برخصة السياقة بالتنقيط تسبقه إجراءات أخرى ضرورية * يجب إعادة النظر في منظومة تكوين السائقين * امتحان نيل رخصة السياقة يجب أن يتضمن اختبارا نفسيا أكد رئيس الأكاديمية الوطنية للسلامة المرورية والأمن عبر الطرقات علي شقيان بأن قرار إلغاء سحب رخصة السياقة خفف الضغط على المواطنين، مضيفا بأن نجاعة هذا القرار متوقفة على مدى تحلي المواطنين بالثقافة المرورية والمسؤولية واحترام قانون المرور، ودعا شقيان في هذا الحوار الذي خص به النصر إلى تسريع العمل برخصة السياقة بالتنقيط لما لها من أهمية كبيرة في مواجهة إرهاب الطرقات. حاوره: نورالدين عراب النصر: شرع مؤخرا في العمل بقرار إلغاء سحب رخصة السياقة والاكتفاء بالغرامات الجزافية، كيف ترى العمل بهذا الإجراء الجديد؟ شقيان: نحن كنا قد شاركنا سابقا في إثراء هذا القانون على مستوى المجلس الشعبي الوطني بناء على دعوة كانت قد وجهت لنا، وكنا قد طالبنا بتعجيل العمل برخصة السياقة بالتنقيط، لأنها تحمل عدة أمور إيجابية، منها أن السائق لما يرتكب مخالفة مرورية يقوم بتحيين معلوماته عن طريق رخصة السياقة بالتنقيط . أما بخصوص العمل بالإجراء الجديد المتضمن تعليق سحب رخص السياقة الذي شرع في العمل به ابتداء من الفاتح فيفري فإنه يخفف الضغط على المواطنين، الذين عانوا كثيرا من الإجراء خصوصا حين تسحب الرخصة خارج ولاية السائق، حيث يفوق في بعض الأحيان وقت تحويل رخصة السياقة مدة العقوبة المسلطة على السائق، كما سجلت حالات لرخص سياقة ضاعت ما بين اللجان الولائية والولايات، وبالتالي فإن هذا الإجراء جاء لتخفيف الضغط على المواطنين من الجانب الإنساني، لكن نتائجه متوقفة على مدى مواكبة المواطنين وتحليهم بالثقافة المروية والمسؤولية واحترام قانون المرور، كما أن نجاعة هذه الإجراءات مرتبطة بالعمل برخصة السياقة بالتنقيط، وهذه الرخصة تحمل جانبين هامين هما الجانب البيداغوجي والردعي، بحيث يشكل الجانب البيداغوجي كل الأهمية، ففي حالة سحب النقاط المقدرة ب 24 نقطة بالنسبة لرخصة السياقة العادية و12 نقطة بالنسبة لرخصة السياقة الاختبارية، يذهب السائق دائما إلى تحيين معلوماته، ويقوم بالرسكلة عن طريق التوجه إلى المراكز الخاصة بالتربية المرورية من أجل تحيين المعلومات، ما يكسبه معلومات وثقافة مرورية. وبالموازاة مع ذلك هناك الجانب الثاني وهو الردعي، من خلال ردع السائق وإلزامه بتسديد الغرامات المالية، وبذلك تعطي رخصة السياقة بالتنقيط نجاعتها بتخفيف الضغط على السائقين فيما يخص الإجراءات التي كان معمولا بها سابقا عند سحب رخصة السياقة خاصة عند ضياعها، وتعطيل مصالح المواطنين، كما تمثل رخصة السياقة بالنسبة لبعض السائقين مصدر رزق، لكن نؤكد مرة أخرى بأن هذه الإجراءات تعطي نجاعتها لما يتحلى المواطنون بالثقافة المرورية والمسؤولية ويواكبون هذه الإجراءات بالتحلي باحترام قوانين المرور. النصر: لماذا تأخر إصدار رخصة السياقة بالتنقيط، خاصة وأن لها أهمية كبيرة في محاربة إرهاب الطرقات وفق ما ذكرته؟ شقيان: نظرا لأهمية رخصة السياقة بالتنقيط كنا قد طالبنا بضرورة الإسراع في العمل بها، ويتطلب دخولها حيز الخدمة إجراءات أخرى، وهي إصدار رخصة السياقة البيومترية، والبطاقة الرمادية البيومترية، ثم الانتقال إلى أهم شيء في هذه العملية وهو إصدار البطاقية الوطنية للمخالفات، وهذه البطاقية تكمن أهميتها في أنها ترصد مخالفات كل سائق، فمثلا لما نقول بأن السائقين الذين تتراوح أعمارهم ما بين 20 و38 سنة يتسببون في 65 بالمائة من حوادث المرور ننتقل إلى دراسة سلوكيات السائق، كما أن هناك سائقين متهورين، ولنصل إلى معلومات دقيقة حولهم يجب أن نذهب إلى إعداد بطاقية وطنية للمخالفات، والتي من خلالها يمكن أن نعرف السائق الذي يرتكب 4 مخالفات في الشهر أو مخالفتين في الأسبوع، وكذا السائق المتهور الذي يرتكب مخالفة ويسدد الغرامة، وبعد يومين يرتكب مخالفة ثانية ويسدد الغرامة مرة أخرى، وهؤلاء يجب أن تكون لهم معالجة خاصة، حتى درجة العقوبة تكون مختلفة عن السائق المتهور، وهنا نتوجه إلى إعادة النظر في بعض القوانين لتتماشى مع البطاقية الوطنية للمخالفات، وذلك وفق دراسة حقيقية ومعمقة. النصر: يعد تكوين السائقين حلقة هامة في الوقاية من حوادث المرور، هل من اقتراحات تقدمتم بها في هذا المجال؟ شقيان: لما نتحدث عن العنصر البشري، يجب أن نتوجه دائما إلى إعادة النظر في منظومة التكوين، وكنا قد اقترحنا سابقا إنشاء ديوان وطني للمسابقات من أجل الانتقال من الطرق البدائية في إجراء الامتحانات ومنح رخص السياقة، وهنا نتحدث عن ضرورة عصرنة العملية، كما يجب إبرام اتفاقية مع وزارة التكوين المهني لاستغلال المقرات وتوحيد دورات التكوين وطنيا، ويجب استعمال كل الوسائل التكنولوجية وإبعاد كل عامل بشري قد يؤثر على العملية. وفي نفس الإطار وكما أشرت إليه يجب تحديد عدد الدورات في السنة لمنح رخص السياقة وفق اتفاقية بين وزارة الداخلية ومدارس تعليم السياقة، إلى جانب إعداد نظام وطني وفق آلية رقمية من أجل الحفاظ على مصداقية هذه الامتحانات، وبذلك فإن كل هذه الأمور سترفع من مستوى التكوين، كما لا ينبغي أن نغفل أيضا المرور على أخصائي نفساني يوم الامتحان، بالإضافة إلى تكوين الموطنين ودعمهم، وبالتالي إعادة النظر في منظومة التكوين عن طريق آليات رقمية وبيداغوجية. ويجب أن لا نغفل أيضا شهادة الكفاءة المهنية بالنسبة لسائقي النقل الجماعي ونقل البضائع، وهذه الشهادة تجعل السائقين يتفادون ارتكاب مجازر كبرى، هذا إلى جانب السائق المرافق بالنسبة للمسافات الطويلة، لكن بما أن قطاع النقل يمثل 85 بالمائة فيتطلب جهودا أكبر من طرف كل الفاعلين، بحيث يمكن التحكم فيه في القطاع العام ، في حين يصعب ذلك في القطاع الخاص، ما يستدعي تبني سياسة وطنية و سن قوانين جديدة، إلى جانب مساهمة الجميع، كما يجب الاهتمام أكثر بجانب قطع الغيار التي يجب أن لا تكون مغشوشة، وكذلك الأمر بالنسبة للمركبات التي يجب أن تستجيب لمعايير السلامة المرورية، وأهم ما جاء به القانون رقم 17 - 05 هو العلبة السوداء التي تعتبر جهاز مراقبة السرعة بالنسبة للسائقين، وهذه العلبة تجعلهم دائما تحت الحماية، وكان وزير نقل سابق تحدث عن تزويد كل وسائل النقل الجماعي والبضائع بجهاز مراقبة السرعة، وهذا يجعل السائق دائما تحت المراقبة لتفادي السرعة الفائقة والتجاوز الخطير خاصة بالنسبة للمسافات الطويلة. كما أن وضعية الطرقات، تمثل دورا كبيرا في السلامة المرورية، ففي السابق أنشئت لجان ولائية بقرار وزاري رقم 16-12 ينص على معالجة السياسة المحلية، وكل ولاية لها سياستها المحلية، وكانت وزارة النقل هي التي تتابع هذا الملف، وكان من المفروض إزالة النقاط السوداء والممهلات الموجودة بطرق عشوائية، بحيث أن 87 بالمائة من هذه الممهلات غير مطابقة للمقاييس، والمندوبية الوطنية التي هي في طور الإنشاء لها دور كبير مستقبلا لما ينطلق عملها الميداني، وعليها معالجة السياسة المحلية في كل ولاية و رفع التقارير فيما يخص النقاط السوداء والطرقات المهترئة، والمناطق الداخلية التي تكثر فيها حوادث المرور نظرا لعدم وجود طرق ازدواجية، وكل ولاية عليها أن تسهر على المعالجة الحقيقية للسياسة المحلية عن طريق الاستثمار في العنصر البشري. النصر: ما هو الدور المنتظر من الأكاديمية الوطنية للسلامة المرورية في مجال الوقاية من حوادث المرور؟ شقيان: نحن لا نكتفي بالحملات التحسيسية ولدينا اتفاقيات شراكة مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ونعمل على رفع عدد مخابر الأمن المروري ، والذهاب إلى تكييف البحث العلمي و إجراء دراسات أكاديمية حقيقية، ونمر إلى إبرام اتفاقية مع وزارة التكوين المهني لإعداد برامج للخروج من إطار الحملات التحسيسية، كما يجب الانتقال إلى إنجاز تطبيقات إلكترونية ، وفي نفس الوقت نعمل بالتنسيق مع وزارة التربية للاستثمار في سفراء للتربية والسلامة المرورية، ووصلنا إلى مرحلة أننا لا نستطيع توعية الآباء، لكن نستطيع توعية الأطفال ليكونوا أحسن سفراء لأسرهم والمجتمع ومتشبعين بالثقافة المرورية، كما ننسق مع قطاعات الثقافة والتضامن الوطني والشؤون الدينية، لأن كل هذه القطاعات لها دور أساسي في مواجهة هذه المخاطر. وتحتاج المندوبية إلى دعم بترقية المندوب الوطني إلى رتبة وزير منتدب يسير مديريات عامة تكون لها صلاحيات أوسع وإعطاء مكانة حقيقية للمجتمع المدني باعتباره شريكا أساسيا ولا يبقى الأمر منحصرا على القطاعات الأمنية فقط، ويجب أيضا أن يكون المجتمع المدني وسيطا أساسيا في معالجة حوادث المرور، ويجب غرس ثقافة التبليغ لدى المواطنين لأن الإجراءات الجديدة لن تكون لها نجاعة إذا لم يتسلح المواطن بثقافة التبليغ ويرافق هذه الإجراءات ويكون له وعي وثقافة تتجلى في احترام قوانين المرور، حتى يكون الجميع يدا واحدة في مواجهة إرهاب الطرقات، ونحن لا نعاني من نقص القوانين بل لدينا ترسانة من القوانين، وما نحتاج إليه هو تطبيقها فعليا. ن ع