تسبّب خطأ في تسليم جثتي شابين بمصلحة حفظ الجثث بالمستشفى الجامعي في قسنطينة، نهاية الأسبوع في إعادة استخراج إحداهما بعد دفنها بالمقبرة المركزية يوم الجمعة وتأخر دفن الثانية. ويتعلق الأمر بجثتي شابين أحدهما من بلدية عين سمارة عمره 22 سنة توفي بصعقة كهربائية بحي بوالصوف، وآخر من حي بوذراع صالح قضى في حادث عندما كان يقود دراجة نارية. ووفق ما رواه أحد أقارب الضحية الأولى للنصر، فإن أفراد من العائلة اكتشفوا أن الجثة التي سلمت لهم ليست جثة ابنهم، ليخبرهم العاملون بالمصلحة بأنها سلمت لعائلة أخرى، لتعيش العائلتان فترة عصيبة من الانتظار انتهت أمس باستخراج الجثة المدفونة وتشريحها قبل تسليمها للعائلة بعد أن دفنت بهوية خاطئة. و قامت النصر بتقصي الحقيقة لمدة يومين متتالين، بانتقالها إلى مصلحة حفظ الجثث وتواصلها طيلة الفترة مع عائلة المدفون خطأ. و خلال تواجدنا بالقرب من مصلحة حفظ الجثث بالمستشفى الجامعي خلال اليومين الماضيين، حدثنا شقيق الضحية الذي يعد أول من تفطن لحدوث خلط في تسليم الجثتين، رغم الحالة المعنوية السيئة التي كان يتواجد عليها. و قال شقيق الضحية أمس، أن شقيقه البالغ من العمر 22 سنة، لقي مصرعه بعد تعرضه لصعقة كهربائية يوم 18 مارس، بحي بوالصوف، نقل على إثرها إلى المستشفى الجامعي من طرف مصالح الحماية المدنية، التي حاولت إسعافه إلا أن الموت كان أسبق. و أضاف أنه في اليوم الموالي أي صبيحة الجمعة، تنقل إلى مصلحة حفظ الجثث رفقة عدد من أفراد العائلة، من أجل تسلم الجثة و دفنها، و علم حينها بأنها ستعرض على الطبيب الشرعي من أجل تشريحها قبل تسليمها، إلا أنه تقدم من أجل إلقاء نظرة على شقيقه الأصغر، ليتفاجأ بأن الملامح تبدو مختلفة قليلا. و واصل الشاب سرد القصة موضحا أنه بعد أن كشف عن وجه الجثة، اتضح له أنها لا تخص شقيقه، و قرر رفع كل الغطاء من أجل التأكد خاصة و أن ملامح الوجه كانت غير واضحة بسبب الحادثة، ليكتشف أن الجثة ليست جثة شقيقه، بعد أن عاين الرجل الأولى و التي لم تكن بها آثار عملية جراحية كان شقيقه قد أجراها قبل فترة، فيما لم يكن هناك وشم على الرجل الثانية، رغم أن شقيقه كان يحمل وشما. ليدخل المتحدث في حالة هستيريا وسط المصلحة، حسب سرده للواقعة، و يطالب فورا بجلب جثة شقيقه، ورد الطاقم العامل في المصلحة بأن عائلة أخرى قامت بأخذ جثة ضحية تعرض لحادث مرور بالدراجة النارية، و ربما حدث خلط في تحديد هوية الضحيتين، و أكد الشاب والدموع تغمر عينيه أن عائلته عاشت ضغطا رهيبا خلال اليومين الماضيين، محملا العاملين في مصلحة حفظ الجثث مسؤولية تأجيل دفن شقيقه لمدة ثلاثة أيام. و اتصل الشاب و عائلته القاطنة في بلدية عين سمارة بعائلة الضحية الثانية القاطنة في حي بودراع صالح، من أجل إعلامهم بحدوث خلط بين الجثتين، لتخطرهم العائلة الأخرى أنها قامت بدفن الجثة في المقبرة المركزية ولم تتفطن لهذا الخطأ. و تنقل أفراد من عائلة الضحية الذي توفي على إثر حادث مرور إلى مصلحة حفظ الجثث، أول أمس السبت، من أجل تصحيح الخطأ و إعادة تسليم الجثة التي تم دفنها و إعادة دفن جثة فقيدها، وطرحت العائلتان القضية على إدارة المستشفى، بغية اتخاذ الإجراءات اللازمة من أجل إخراج الجثة من القبر واستلام الجثة التي بقيت حبيسة غرف التبريد بمصلحة حفظ الجثث. و أكد أمس، والد ضحية بودراع صالح، أنه لم يحضر إلى المصلحة أثناء التعرف على الجثة، لأن حالته النفسية كانت صعبة، و وكل شقيقه أي عم الضحية للقيام بالمهمة، إلا أنه لم ينتبه إلى الخطأ، بسبب تشابه ملامح الضحيتين من جهة و بسبب تغير في ملامح الوجه من جهة ثانية، خاصة وأن كلتا الضحيتين تعرضتا لحادث، الأول بصعقة كهربائية و الثاني كان على متن دراجة نارية و أصيب على مستوى الرقبة والوجه. و أضاف المتحدث الذي بدا جد متأثر من فقدان فلذة كبده و هو في سن الزهور، مؤكدا أن والدة الضحية لم تتعرف هي الأخرى على ابنها رغم أنها ألقت نظرة أخيرة عليه قبل الدفن، بل قامت باحتضانه ظنا منها أنه ولدها.و ظلت العائلتان أول أمس، تطالبان بضرورة الإسراع في استخراج الجثة و إعادة تسليم كل واحدة لأهلها، خاصة وأن إحداها كانت قد دفنت في غير مكانها بسبب هذا الخطأ، فيما تنتظر أخرى إكرام فقيدها بدفنه، و استغرقت الإجراءات القانونية فترة من الزمن إلى غاية أمس الأحد. و حصلت أمس، عائلة ضحية حي بودراع صالح، على رخصة استخراج الجثة و إعادتها إلى مصلحة حفظ الجثث بالمستشفى الجامعي، حيث انطلقت عملية استخراجها في منتصف النهار من طرف أعوان الحماية المدنية الذين تكفلوا بالمهمة، قبل أن تستلم جثتها الحقيقية التي كانت موجودة على مستوى المصلحة، في حدود الساعة الثالثة بعد الزوال، و تم نقلها عبر مركبة خاصة. و تواجدت النصر أثناء إعادة تسليم الجثة، ووقفت على أجواء مهيبة، صنعها الحاضرون من العائلتين، حيث تفرق المعنيون في شكل مجموعات وهم يعيدون سرد الواقعة و التي وصفوها «بالغريبة»، فيما عبر بعضهم عن ارتياحهم بعد حل المشكلة. و في حدود الساعة الثالثة و15 دقيقة شرع الطبيب الشرعي في تشريح جثة الضحية الثانية، و تخص الشاب القاطن في عين سمارة و الذي تعرض لصعقة كهربائية، ، فيما كانت عائلة الضحية متلهفة لإخراج الجثة التي سبق و أن دفنت بالمقبرة المركزية من أجل إعادة دفنها في مقبرة عين سمارة. و تسلمت عائلة ضحية الصعقة الكهربائية الجثة في حدود الساعة السادسة و15 دقيقة، وتوجهت إلى دفن فقيدها في قبر تم فتحه قبل ثلاثة أيام إلا أن الحادثة عطلت عملية الدفن، و رغم ألم الفراق إلا أن العائلة عبرت عن ارتياحها بعد استرجاع الجثة شاكرة كل من ساهم في الإجراءات التي مكنت من تصحيح الخطأ. للإشارة فقد اتصلنا بإدارة المستشفى الجامعي خلال اليومين الماضيين للحصول على تفاصيل رسمية عن الحادثة، إلا أنها رفضت الإدلاء بأي تصريح أو تقديم توضيحات تخص هذا الخطأ.