طلبت المجموعة البرلمانية للحزب الشعبي الإسباني مثول وزير الشؤون الخارجية، خوسي مانويل ألباريس أمام مؤتمر النواب «لتقديم توضيحات» بمقر البرلمان بخصوص تعليق الجزائر لمعاهدة الصداقة مع إسبانيا، وقال الحزب إن قرار الجزائر تعليق معاهدة حسن الجوار هو نتيجة أخرى لغياب سياسة الدولة لدى رئيس الحكومة بيدرو سانشيز. تتوجه الجزائر إلى فرض مقاطعة اقتصادية على إسبانيا، عبر منع عمليات التوريد والتصدير من المملكة وإليها، بعد قرار المجلس الأعلى للأمن، برئاسة عبد المجيد تبون، الأربعاء، تعليق «معاهدة الصداقة والتعاون وحسن الجوار» الموقّعة بين البلدين، في أكتوبر 2002. واعتبرت بعض الأوساط الإعلامية والاقتصادية أنه ولأول مرة تفرض دولة إفريقية عقوبات اقتصادية على بلد أوروبي في سابقة غير مألوفة ومن شأنها أن تحدث تحولات في العلاقات الدولية. وأصدرت الجمعية المهنية للبنوك والمؤسسات المالية تعليماتها إلى كافة مديري البنوك والمؤسسات المالية، بوقف تنفيذ أي عمليات توطين بنكي (تغطية مالية) لإجراء عملية توريد منتجات وسلع من إسبانيا. والذي دخل حيز التنفيذ الخميس، كما وجهت الجمعية بمنع أي عملية توطين بنكي لتغطية مالية لعمليات تصدير بضائع وسلع جزائرية نحو إسبانيا، على الرغم من أنّ ذلك قد يكلّف شركات ومصانع جزائرية خسارة السوق الإسبانية. وجاء إجراء إلغاء التوطين البنكي بعد فترة وجيزة من قرار إلغاء «معاهدة الصداقة وحسن الجوار مع إسبانيا» الموقعة عام 2002، والتي تتضمن بنوداً تخص التعاون التجاري والاقتصادي ودعم الاستثمارات، وتوقعت مصادر دبلوماسية أن يكون للقرار تأثير مباشر على حجم المبادلات التجارية بين الجزائر وإسبانيا. وستكون إسبانيا، وشركاتها المصدرة إلى الجزائر، المتضرر الأكبر من قرار وقف التصدير والاستيراد، فالجزائر تعد من أكبر المستوردين للسلع والخدمات من إسبانيا بنحو 2.5 مليار دولار سنويا في الفترات العادية التي سبقت الوباء. وبالمقابل، تتشكل الصادرات الجزائرية لإسبانيا أساسا من المواد الطاقوية بنحو 4 ملايير دولار سنويا، في حين لا تستطيع مدريد الرد بوقف الاستيراد من الجزائر، لأن الغاز، خاصة في الظرف الدولي الراهن، أصبح سلعة إستراتيجية نادرة، ناهيك عن كون الحصة الجزائرية في واردات إسبانيا من الغاز تقترب من 30 بالمائة، وهي نسبة يستحيل تعويضها في ظرف وجيز. وبعد قرار الجزائر تعليق تطبيق بنود المعاهدة، تعالت في مدريد ردود غاضبة من سياسة رئيس الحكومة بيدرو سانشيز الذي أدخل العلاقات بين البلدين في دوامة بسبب مواقفه الغريبة والتي ضربت عرض الحائط بنود معاهدة الصداقة والتعاون وحسن الجوار المعلقة، التي تنص على تمسك البلدين بالشرعية الدولية، والتأكيد على أن ضرورة احترامها تحت أي ظرف يعد عملا جوهريا للحفاظ على السلم والأمن في العالم وترقية الثقة والتعاون بين الدول". وفي هذا الإطار، تؤكد الجزائر على أن الموقف الإسباني يعد تنصلا عن الشرعية الدولية وقرارات الأممالمتحدة المتعلقة بتصفية الاستعمار وتقرير المصير في الصحراء الغربية. وضمن ردود الفعل الغاضبة على الحكومة، طلبت المجموعة البرلمانية للحزب الشعبي مثول وزير الشؤون الخارجية، خوسي مانويل ألباريس أمام مؤتمر النواب «لتقديم توضيحات» بمقر البرلمان بخصوص تعليق الجزائر لمعاهدة الصداقة مع إسبانيا. ويرى الحزب الشعبي هذا التعليق بمثابة «خبر جد مؤسف لبلادنا» و «يعود لغياب سياسة خارجية حقيقية، وكذا للتحولات أحادية الطرف في مواقف رئيس الوزراء»، بيدرو سانشيز. وانتقدت الأمينة العامة للحزب الشعبي، غوجا غامارا، رئيس الوزراء الإسباني حيث كتبت في حسابها على تويتر «بيدرو سانشيز يفعلها مجددا. الجزائر تعلق معاهدة حسن الجوار مع إسبانيا. إنها نتيجة أخرى لغياب سياسة الدولة». وأضافت : «نطالب بالمثول الفوري للوزير ألباريس (أمام البرلمان)، فالإسبان يستحقون توضيحات». وأكدت مصادر من حزب المعارضة الرئيسي، ذكرتها جريدة «الموندو»، أنه «حيث ما طرأ مشكل يعمل سانشيز بدل حله على افتعال ثلاثة مشاكل أخرى». المواقف المعارضة في إسبانيا لسياسة سانشيز تشير بوضوح إلى غياب إجماع سياسي حول مواقف حكومة سانشيز، ما يجعل الضغط عليها فعالاً من أجل حمل باقي القوى السياسية المؤثرة على إعادة التوازن لموقف إسبانيا التي تحملها الجزائر مسؤولية تاريخية في هذا النزاع باعتبارها "لا تزال في حكم القانون الدولي القوة المديرة للإقليم طالما لم يتم التوصل لحل".