اجتماع حاسم بالجزائر أواخر جويلية المقبل نجحت الجزائر في إجهاض المناورات المغربية لإفشال مشروع انجاز خط أنابيب الغاز العابر للصحراء الرابط بين الجزائرونيجيريا مرورا بالنيجر، حيث اتفق وزراء الطاقة للجزائر والنيجرونيجيريا، خلال الاجتماع الثلاثي الثاني حول المشروع، على وضع "اللبنات الأولى" لهذا المشروع الاستراتيجي لتجسيده في "اقرب الآجال". ما يسمح بإمداد أوربا ب 30 مليار متر مكعب من الغاز سنويا. بعد سنوات من المفاوضات والتأخير بسبب اضطرابات سوق الغاز، وافق وزراء الطاقة للجزائر والنيجرونيجيريا، الاثنين، خلال الاجتماع الثلاثي الثاني حول خط أنابيب الغاز العابر للصحراء، الذي جرى بأبوجا (نيجيريا)، على وضع «اللبنات الأولى» لهذا المشروع لتجسيده في «أقرب الآجال» وقال وزير الطاقة، محمد عرقاب الذي بدا سعيدا جدا بهذا التطور، إن هذا الاجتماع كان "جد هام وناجح"، حيث سمح بالتطرق إلى كل الجوانب المتعلقة بإنجاز أنبوب الغاز العابر للصحراء الذي يربط الدول الثلاث بالقارة الأوروبية، على مسافة تتعدى 4000 كيلومتر. وأوضح عرقاب أن الوزراء الثلاثة اتفقوا على وضع اللبنات الأولى للدراسات التقنية لهذا المشروع من أجل تجسيده على أرض الواقع في أقرب الآجال. وتم الاتفاق على مواصلة المشاورات عبر الفريق التقني الذي تم تشكيله خلال هذا الاجتماع و تكليفه بإعداد كل البنود و الدراسات التقنية و المالية و دراسات الجدوى المتعلقة بتجسيد مشروع خط أنابيب الغاز العابر للصحراء، تمهيدا للاجتماع الثلاثي القادم في فترة وجيزة لا تتعدى أواخر شهر جويلية المقبل في الجزائر. من جانبها، قالت الحكومة الفيدرالية النيجيرية، إن مشروع خطوط أنابيب الغاز عبر الصحراء الذي تبلغ تكلفته 13 مليار دولار، سيوفر فرصة كبيرة لنيجيرياوالنيجروالجزائر للاستفادة من الأسواق الأوروبية. ويستهدف المشروع، الذي سيمتد من نيجيريا عبر جمهورية النيجر إلى ساحل البحر المتوسط في الجزائر، إمدادات الغاز إلى تشاد ومالي. وقال تيميبري سيلفا وزير الدولة للموارد البترولية النيجيري، إن نيجيريا وشركاءها الأفارقة، النيجروالجزائر، كثفوا جهودهم لتحقيق المشروع. وأضاف الوزير، أن المشروع سيقرب مواردهم الغازية الضخمة من السوق الأوروبية، خاصة مع ارتفاع تكلفة الغاز بسبب الحرب بين روسيا وأوكرانيا. وقال: "المشروع ينقل غازنا إلى السوق الأوروبية مباشرة. اليوم الكثير من الغاز في نيجيريا عالق أو يعاد حقنه بسبب عدم وجود بنية تحتية لنقل الغاز إلى السوق. وأضاف: سيأخذ هذا الأنبوب الغاز من مكان إنتاجه إلى السوق الأوروبية، ولا يمكن أن يكون وقتًا أفضل، لأن أسعار الغاز ثابتة تمامًا في هذه المرحلة. من جانبه قال وزير البترول بجمهورية النيجر، محمدو ماهاماني، إن الدول الثلاث مستعدة لتجميع مواردها لضمان إنجاز المشروع، الذي سيعزز التعاون الإقليمي فضلا عن جني إيرادات ضخمة لهذه الدول. وحسب محمدو ماهاماني، فالمشروع يكتسي أهمية بالغة بالنسبة للنيجر خاصة في تطوير إنتاج الكهرباء وبأسعار معقولة، داعيا إلى التسريع بمد الأنبوب، الذي يكتسي أهمية بالغة في الظرف الدولي الراهن. سوناطراك: الجزائر ملتزمة بإنجاح المشروع من جهتها، أكدت شركة سوناطراك أن الجزائر ملتزمة بإنجاح مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء، بالاعتماد على المنشآت الحاضرة و المستقبلية لشبكة نقل المحروقات بالجزائر و كذا خبرة مجمع سوناطراك المتميزة في مثل هذه المشاريع الطاقوية. وأوضحت سوناطراك في بيان لها، أن اللقاء جمع الوزراء المسؤولين عن الطاقة و البترول من البلدان الثلاث من أجل عرض سير عمل لجان المشروع و متابعة القرارات التي اتخذت في الاجتماع السابق و كذا مناقشة الخطوات المقبلة لإنجاز المشروع. وأكدت سوناطراك أن الجزائر ملتزمة بإنجاح هذا المشروع الإستراتيجي بالاعتماد على المنشآت الحاضرة و المستقبلية لشبكة نقل المحروقات بالجزائر و كذا خبرة مجمع سوناطراك المتميزة في مثل هذه المشاريع الطاقوية. إضافة إلى إمكانات و قدرات ستعطي للمشروع بعدا اقتصاديا قاريا إستراتيجيا يفتح آفاقا واعدة للقارة الإفريقية و يعزز مجالات التعاون بين دولها خاصة الدول التي يعبرها هذا الأنبوب الغازي. مصدر جديد لإمداد الأسواق بالغاز الطبيعي ويعد هذا المشروع، وفق تصريحات الوزير عرقاب بمثابة "مصدر جديد لإمداد للأسواق التي يتزايد طلبها باستمرار، نظرا للمكانة التي سيحتلها الغاز الطبيعي في مزيج الطاقة في المستقبل". وأكد أنه بالاعتماد على خبرة البلدان الثلاثة في مجال إنتاج ونقل الغاز الطبيعي وتسويقه ومع المزايا التي يوفرها، فإن هذا المشروع سيعزز القدرات الإنتاجية والتصديرية للدول الثلاث. ورغم مناورات النظام المغربي ومحاولاته عرقلة المشروع بفتح مفاوضات موازية مع نيجيريا، إلا أن أبوجا سارت مع الاقتراح الجزائري نظرا لنجاعته المالية وأيضا لخبرة الجزائر في مجال المحروقات وكونها شريكا رئيسيا وأحد أكبر مزودي الغاز إلى دول أوروبا. حيث كشفت دراسة الجدوى لهذا المشروع أن مروره عبر المغرب يكون في حدود 5600 كلم بينما مروره على الجزائر لا يستهلك سوى 4000 كلم فقط. استدراك تأخر دام 20 سنة خلال 5 أشهر واللافت أنه في وقت قصير لا يتعدى 5 أشهر تم استدراك نحو 20 سنة من التأخر منذ ظهور فكرة المشروع الأولى سنة 2002. فقد عقد أول اجتماع في فيفري الماضي بالنيجر وأعلنت فيه الأطراف الثلاث "وضع الأسس لخارطة طريق تهدف على وجه الخصوص، إلى تشكيل فريق عمل بهدف إطلاق تحديث دراسة جدوى لهذا المشروع". ثم جاء اجتماع أبوجا الذي تقدم خطوة للأمام بوضع اللبنات الأولى للجانب التقني من المشروع، على ان يعقبه في جويلية المقبل اجتماع بالجزائر، سيكون حاسما في الإعلان رسميا عن الانطلاق في تجسيد أنبوب "نيغال". وتبدو الظروف الدولية الحالية، أكثر ما شجع الدول الثلاث على تحقيق المشروع الذي ظل حلما بعيدا المنال. وكان أكثر ما عطل التنفيذ، مسألة الجدوى الاقتصادية منه، لأن الغاز العابر للأنابيب ظل سلعة رخيصة خلال العشرين سنة الماضية، ناهيك عن أن السوق الأوروبية كانت تعاني من الإشباع في ظل تموينها من روسيا المنتج الضخم لهذه المادة وباقي الدول مثل الجزائر والنرويج. وكدليل على ذلك، لم تتمكن الجزائر من إنشاء خط "غالسي" وهو أنبوب ثان عبر البحر يجمعها بإيطاليا مباشرة عبر البحر، بسبب عدم تحمس حكومة روما للمشروع. وتعد نيجيريا وهي دولة المنبع للأنبوب من أهم الدول المنتجة للغاز في القارة الإفريقية، كما تملك الجزائر باعتبارها دولة المصب في هذا المشروع، بنية تحتية قوية في مجال تكرير الغاز وتصديره عبر الأنابيب الجاهزة نحو إيطاليا وإسبانيا ومنهما إلى باقي الدول الأوربية. وفي حال تجسد المشروع، يتوقع أن ينقل سنويا 30 مليار متر مكعب، ما يعني رفع الصادرات انطلاقا من الجزائر إلى الضعف.