السيدة منصوري تترأس أشغال الدورة ال 38 لاجتماع لجنة نقاط الاتصال الوطنية للآلية على المستوى الأفريقي    الفريق أول شنقريحة يشرف على مراسم التنصيب الرسمي لقائد الناحية العسكرية الثالثة    اجتماع تنسيقي لأعضاء الوفد البرلماني لمجلس الأمة تحضيرا للمشاركة في الندوة ال48 للتنسيقية الأوروبية للجان التضامن مع الشعب الصحراوي    العلاقات الجزائرية الصومالية "متينة وأخوية"    وزارة التضامن الوطني تحيي اليوم العالمي لحقوق الطفل    فلاحة: التمور الجزائرية تصدر إلى أكثر من 90 دولة    وزير الصحة يبرز التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 44056 شهيدا و 104268 جريحا    المجلس الأعلى للشباب ينظم الأحد المقبل يوما دراسيا إحياء للأسبوع العالمي للمقاولاتية    رفع دعوى قضائية ضد الكاتب كمال داود    الأسبوع العالمي للمقاولاتية بورقلة:عرض نماذج ناجحة لمؤسسات ناشئة في مجال المقاولاتية    صناعة غذائية: التكنولوجيا في خدمة الأمن الغذائي وصحة الإنسان    منظمة "اليونسكو" تحذر من المساس بالمواقع المشمولة بالحماية المعززة في لبنان    كرة القدم/ سيدات: نسعى للحفاظ على نفس الديناميكية من اجل التحضير جيدا لكان 2025    فلسطين: غزة أصبحت "مقبرة" للأطفال    حملات مُكثّفة للحد من انتشار السكّري    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    "صفعة قانونية وسياسية" للاحتلال المغربي وحلفائه    الجزائر متمسّكة بالدفاع عن القضايا العادلة والحقوق المشروعة للشعوب    بحث المسائل المرتبطة بالعلاقات بين البلدين    حج 2025 : رئيس الجمهورية يقرر تخصيص حصة إضافية ب2000 دفتر حج للأشخاص المسنين    قمة مثيرة في قسنطينة و"الوفاق" يتحدى "أقبو"    بين تعويض شايل وتأكيد حجار    الجزائرية للطرق السيّارة تعلن عن أشغال صيانة    تكوين المحامين المتربصين في الدفع بعدم الدستورية    90 رخصة جديدة لحفر الآبار    خارطة طريق لتحسين الحضري بالخروب    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يثمن الالتزام العميق للجزائر بالمواثيق الدولية التي تكفل حقوق الطفل    ارتفاع عروض العمل ب40% في 2024    40 مليارا لتجسيد 30 مشروعا بابن باديس    طبعة ثالثة للأيام السينمائية للفيلم القصير الأحد المقبل    3233 مؤسسة وفرت 30 ألف منصب شغل جديد    مجلس الأمن يخفق في التصويت على مشروع قرار وقف إطلاق النار ..الجزائر ستواصل في المطالبة بوقف فوري للحرب على غزة    ..لا دفع لرسم المرور بالطريق السيار    الشريعة تحتضن سباق الأبطال    الوكالة الوطنية للأمن الصحي ومنظمة الصحة العالمية : التوقيع على مخطط عمل مشترك    دعوة إلى تجديد دور النشر لسبل ترويج كُتّابها    مصادرة 3750 قرص مهلوس    فنانون يستذكرون الراحلة وردة هذا الأحد    رياضة (منشطات/ ملتقى دولي): الجزائر تطابق تشريعاتها مع اللوائح والقوانين الدولية    خلال المهرجان الثقافي الدولي للفن المعاصر : لقاء "فن المقاومة الفلسطينية" بمشاركة فنانين فلسطينيين مرموقين    الملتقى الوطني" أدب المقاومة في الجزائر " : إبراز أهمية أدب المقاومة في مواجهة الاستعمار وأثره في إثراء الثقافة الوطنية    رئيس الجمهورية يشرف على مراسم أداء المديرة التنفيذية الجديدة للأمانة القارية للآلية الإفريقية اليمين    سعيدة..انطلاق تهيئة وإعادة تأهيل العيادة المتعددة الخدمات بسيدي أحمد    ارتفاع عدد الضايا إلى 43.972 شهيدا    فايد يرافع من أجل معطيات دقيقة وشفافة    القضية الفلسطينية هي القضية الأم في العالم العربي والإسلامي    حقائب وزارية إضافية.. وكفاءات جديدة    تفكيك شبكة إجرامية تنشط عبر عدد من الولايات    انطلاق فعاليات الأسبوع العالمي للمقاولاتية بولايات الوسط    ماندي الأكثر مشاركة    الجزائر ثانيةً في أولمبياد الرياضيات    هتافات باسم القذافي!    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    الأمل في الله.. إيمان وحياة    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    نوفمبر زلزال ضرب فرنسا..!؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإقبال عليها زاد بعد جائحة كورونا : السياحة الداخلية تكسر عزلة المتاحف بقسنطينة
نشر في النصر يوم 14 - 08 - 2022

تعرف متاحف مدينة قسنطينة، حركية مشجعة في السنتين الأخيرتين، حيث ارتفع عدد زوارها نسبيا و عادت إلى الواجهة بعد سنوات طويلة من العزلة التي فرضتها محدودية الحركية السياحية، و غياب ثقافة زيارتها لأسباب مرتبطة أساسا بطبيعة المجتمع و بالمنظور الديني و عوامل ثقافية جعلت من المتحف قبلة نخبوية و أخرجته من دائرة المسارات السياحية للعائلات، فالمتحف قد يكون آخر محطة يفكر الكثير من الجزائريين في زيارتها خلال العطلة، وذلك خلافا للعديد من دول العالم، أين تحقق هذه الفضاءات الثقافية مداخيل كبرى، على غرار «اللوفر» الذي يدر أرباحا تتجاوز بليون يورو سنويا.
زيارات افتراضية فتحت أبواب الواقع بمتحف سيرتا
تنقلنا خلال استطلاعنا، بين متاحف المدينة، وكانت البداية من المتحف الوطني العمومي «سيرتا»، الذي يعد من بين أكبر المتاحف في إفريقيا، والكائن مقره بوسط المدينة، كانت الساعة تشير إلى العاشرة والنصف صباحا حين وصلنا، وقد لاحظنا بأن هنالك من سبقونا إلى أروقته وقد شدتنا الحركة في المكان، و خالفت توقعاتنا، إذ قابلنا شبابا و أولياء رفقة أبنائهم كانوا يتجولون بين فضاءات العرض ولعل أكثر قسمين نشاطا كانا رواق المعروضات القديمة، و رواق اللوحات العالمية، تقربا من رجل كان رفقة ولديه، وسألناه عن سر زيارته للمتحف، فقال بأنه من مدينة خنشلة، وأنه يزور مدينة الجسور في إطار جولة سياحية للعديد من الولايات رفقة عائلته، وأن المتاحف من المحطات المهمة التي يمر عليها في كل مرة، معبرا عن اندهاشه و إعجابه الشديدين بالمتحف و محتوياته.
أما شابان من وهران، كانا رفقة مرشد بقاعة الفن العالمي فقالا، بأنهما زارا من قبل متاحف أخرى، ولكن جمال متحف سيرتا يضاهي ما يشاهد في الأفلام، و أخبرنا، بأن الجدل التاريخي الذي يثار في كل مرة على مواقع التواصل الاجتماعي ضاعف اهتمامها بالمتاحف و أكسبهما ثقافة زيارتها.
وأكدت لنا شابتان كانتا منهمكتين في تمعن فسيفساء « اختطاف هيلاس»، بأنهما لم تكونا على دراية بوجود متحف يخبئ كل هذه الكنوز الأثرية في المدينة، وأن دخولهما إليه كان بمحض الصدفة، رغم أنهما ابنتا المدينة. أما امرأة كانت تتجول مع طفليها بقاعة « الفترة المتأخرة» فأخبرتنا، بأنها أرادت أن تسترجع ذكرياتها يوم كانت تزور المتحف مع أستاذتها وزملائها في «ثانوية الحرية»، وهدفها هو أن تكسب ولديها ثقافة زيارة المتحف، خصوصا وأنهما يحبان التاريخ و مولعان بالحضارات القديمة، التي تقدم لهم بشكل يثير الفضول في أفلام الكرتون.
وقال شاب التقت به النصر، عند مدخل الصرح، بأنه من عشاق المتاحف وأنه دؤوب على زيارة المكان، لما يجده من متعة فيه، فالتواجد هنا «يشبه رحلة عبر الزمن» كما عبر.
صادف وجودنا في المكان، كذلك برمجة ورشة للأطفال تحت عنوان « الفنان الصغير»، وقد فاجأتنا المشاركة الكبيرة فيها و حماس الأطفال، وعلمنا من مدير المتحف بالنيابة السيد عبد المجيد بن زراري، بأن الورشة تدخل ضمن برنامج تنشط المؤسسة الثقافية وتقريبها أكثر من المواطن، حيث تقام بعض النشاطات في الداخل على غرار المحاضرات و الفعاليات التاريخية والتراثية كشهر التراث و الأيام الوطنية كما تؤطر أيضا خرجات نحو المناطق الأثرية و كذا المدارس و المؤسسات التعليمية في البلديات والمناطق النائية و ذلك في إطار ما يطلق عليه « الحقيبة المتحفية».
و تعرف الحركية في المتحف تزايدا ملحوظا في آخر سنتين، حسب بن زراري، إذ تحول إلى قبلة للسياح الأجانب و الجزائريين القادمين إلى قسنطينة، ضمن رحلات منظمة إضافة إلى الوفود المدرسية والكشفية و الطلبة الجامعيين وبخاصة طلبة علم الآثار والتاريخ، و الفضل في ذلك كما قال، يعود بالدرجة الأولى إلى الزيارات الافتراضية التي كان طاقم المتحف، يشرف عليها خلال فترة الحجر الصحي و الجائحة عموما، و هي زيارات موجهة عبر تقنيات التواصل الاجتماعي « زوم و سكايب أو البث المباشر»، وقد سمحت للمواطنين بإعادة اكتشاف المتحف وقدمته لهم بصورة إيجابية و غذت فضول الكثيرين لزيارته واقعيا بعد استقرار الوضع الصحي.
وأضاف المتحدث من جهة ثانية، بأن الزوابع التاريخية التي كثيرا ما تهب على مواقع التواصل، على غرار مباراة السد في « أم درمان» و احتفالات يناير و علاقتها «بششناق» و أصوله و غير ذلك، خدمت كلها الثقافة المتحفية بقوة وجعلت المواطنين يبحثون أكثر فأكثر عن هويتهم وتاريخهم، ما يدفعهم بالمقابل نحو الفضاءات المتحفية.
وحتى وإن كانت الحركية السياحية الثقافية لا تزال ضعيفة حسبه، إلا أن عودة الاهتمام بالمتاحف أمر مشجع جدا و يعد بالكثير مستقبلا.
سحر الفنون و التعابير الثقافية يضع «قصر الباي» في الصدارة
بعد مغادرتنا لمتحف «سيرتا»، قصدنا المتحف الوطني العمومي للفنون و التعابير الثقافية و التقليدية «قصر الحاج أحمد باي»، وهو واحد من بين أهم المؤسسات الثقافية في الولاية، وقد لاحظنا حين وصولنا، بأن الحركية في المكان تتجاوز المتحف السابق، فطيلة مكوثنا في القصر، لم ينفك الزوار عن دخوله و التجول بين أروقته وأقسامه، وقد كان بينهم سياح أجانب من تركيا و من فرنسا.
تحدثنا إلى سيدة تركية كانت رفقة زوجها و ابنتها فقالت بأن المتحف ساحر و ينبض بالحياة في كل ركن منه، وبأن جماله و روعة المعارض المقامة فيه، جعلها تعيد تخيل الحياة في السابق، مضيفة، بأنها مغادرة لكنها تركت قلبها هنا.
عائلة من غرداية، التقيناها في غرفة عرض الألبسة التقليدية لدار « عزي»، تحدث أفرادها عن انبهارهم بالمكان وقالوا، بأن زيارته أضفت الكثير إلى رحلتهم نحو عاصمة الشرق، خصوصا وأن الأمر لا يتعلق فقط بالهندسة والحدائق، بل بالمعارض والغرف التي تحاكي حقبا مختلفة من تاريخ المدينة وتقد اللباس والحلي والأواني و غير ذلك بطريقة فنية.
وقال شباب وشابات تحدثنا إليهم، بأن هندسة المتحف فريدة و أنه فسحة بديعة يزورونها كلما توفر الوقت، لأجل الاستمتاع بجمال العمارة وسحر التاريخ، ولأجل التقاط الصور كذلك، حيث يعد المتحف من بين أشهر معالم المدينة على مواقع التواصل الاجتماعي، لذلك يختاره مصممو الأزياء لعرض أحدث إبداعاتهم، و يقصده الفنانون لتصوير أعمالهم على غرار ما قام به الفنان إلياس بن باكير مؤخرا حيث صور كليب أغنيته « سلطانة» في فضاء القصر الفسيح.
وكانت مديرة المتحف السيدة مريم قبايلية، قد صرحت للنصر في وقت سابق، بأن المتحف يعرف إقبالا كبيرا حيث يعد مقصدا للسياح من الداخل و الخارج، وذلك بفضل برنامج ترقيته الذي يظم أنشطة ثقافية وتاريخية عديدة، وهو أيضا محطة مهمة للوفود الرسمية والسفراء.
و من المنتظر حسبها، أن يعرف قريبا، عملية ترميم سينوغرافية لفضاءاته الداخلية والخارجية وكذلك غرف العرض، حيث يتم العمل حاليا على دراسة دفتر شروط خاص بذلك، بمعية مدرية الثقافة الجهة المشرفة على العملية التي ستتم وفق معاير عالمية كما قالت، مؤكدة بأنه مشروع هام جدا بغلاف مالي قدره 32 مليار سنتيم، ويتضمن إعادة تصور لبعض القاعات كقاعة المحكمة مثلا.
قصدنا متحف المجاهد كمحطة أخيرة في جولتنا، لكن الوضع كان مختلفا هذه المرة، فالمكان هادئ جدا، و عدد زواره لم يتعد اثنين طيلة ساعة تقريبا، والظاهر أن زيارته لا تكون سوى تزامنا مع المناسبات الوطنية، أو خلال تنظيم بعض الفعاليات والمحاضرات، وذلك بحسب ما استقيناه من خلال صفحة المتحف على موقع فيسبوك.
المختص في علم الاجتماع عبد السلام فيلالي: المتاحف ثقافة منسيّة في مجتمعنا
أكد المختص في علم الاجتماع عبد السلام فيلالي، بأنه ورغم عودة الاهتمام قليلا بالمتاحف، إلا أن عزوف المواطنين على زيارتها بشكل عام، ليس وليد الأمس، بل هو إشكال يطرح نفسه منذ سنوات، وذلك راجع حسبه، إلى افتقار العائلة الجزائرية للثقافة المتحفية، بدليل أننا قليلا أو نادرا جدا ما نحدث أبنائنا عن المتاحف أو نصطحبهم إليها، عكس أماكن الترفيه و التسوق و الشواطئ مثلا.
وأضاف المتحدث، بأن المتاحف ليست الوحيدة التي تعاني من هذا العزوف، بل حتى المواقع الأثرية الموجودة في المدينة كموقع «تيديس» مثلا، مؤكدا، بأن ذلك راجع إلى الانعدام شبه الكلي لما يعرف بالسياحة الثقافية وإلى القطيعة التي مارسها المجتمع مع الثقافة وكل مخرجاتها طيلة عقود بما في ذلك السينما على سبيل الحصر.
وذكر فيلالي، أن زيارة المتاحف والمواقع الأثرية لم تتحول بعد إلى ثقافة عامة مترسخة في حياة ونشاط المواطنين ولذلك لا يدرجونها ضمن برامجهم السياحية أو ضمن مخططات العطل، مشيرا إلى أن للأمر علاقة بنمط الحياة وبطبيعة المجتمع و خلفياته و ببعض الحساسيات المرتبطة بالمنظور الديني.
وأشار الباحث في علم الاجتماع، إلى أننا بحاجة فعلية إلى ثورة ثقافية تعيد تقديم التاريخ للإنسان الجزائري وتبين له أهمية الحضارة الإنسانية في تطور المجتمعات، وهو ما يمكن أن نفهمه من خلال زيارة المتحف، حيث دعا إلى ضرورة دفع الثقافة المتحفية بشكل أكبر، من خلال تنظيم أنشطة وزيارات للمتاحف، وبرمجة الفعاليات الاجتماعية والتعليمية فيها لجذب الأفراد إليها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.