تلقى صناعة الحلويات التقليدية اهتماما بالغا وقد تحولت مؤخرا إلى مجال نشاط تجاري للكثير من السيدات و الرجال، كونها ترتبط ارتباطا وثيقا بعادات وتقاليد الأسرة الجزائرية وهي الرفيق الدائم في الأفراح والأعياد، ما وسع شهرتها و سوقها و ضاعف الطلب عليها في الداخل و الخارج لتحمل بعض الحلويات شهرة عالمية على غرار « مقروض اللوز» الذي صنفته موسوعة « تيست أطلس» كرابع ألذ حلوى في العالم. رميساء جبيل منافسة كبيرة في مجال تحضير و بيع، الحلويات التقليدية تشارك فيها الكثير من النساء، و طلب متزايد على تعلم أسس صناعتها تسجله بالمؤسسات و الورشات التعليمية الخاصة، أين تقدم للمتربصات والمتربصين أيضا دورات مطولة أو قصيرة المدى، لمعرفة أسرار وخبايا خبز الحلويات التقليدية والعصرية في آن واحد بغية دخول السوق خاصة وأنها تحظى بإقبال من الزبائن طيلة أشهر السنة. ويقول المكلف بمصلحة الترقية المختصة بالمعارض والدورات التكوينية على مستوى غرفة النشاطات الصناعية والتقليدية بقسنطينة، لمين بن مبارك، أنه نظرا للطلب الكبير على تعلم الحلويات التقليدية والعصرية والمرطبات، فقد تم هذا الموسم افتتاح مدرسة للتكوين وتحسين المستوى تابعة للغرفة، يقدم فيها تكوينات في المجال تتراوح مدتها بين 6 إلى 10 أشهر، مخصصة للماكثات في المنزل بدرجة أولى، وكذا دورات مكثفة في صناعة « الكيك ديزاين» و»الجوزية» مدتها أسبوع. وتابع المتحدث قوله، أن عدد المتربصين الذين تخرجوا في شهري فيفري و جويلية خلال موسم 2021 و 2022 هو 106، وقد كان للنساء النصيب الأكبر من الحصص، إلى جانب ذلك فقد تم تسجيل 20 مشاركا في دورة تكوينية قصيرة المدى في صناعة « الجوزية» منهم 11 امرأة و7 رجال، مضيفا، أن المسجلين في سجل الصناعة التقليدية والحاملين لبطاقة الحرفي من شهر جانفي إلى يومنا هذا هم 19 حرفيا وحرفية في صناعة الحلويات جلهم يملكون محلات، إلى جانب 116 مسجلا، في نشاط صناعة الحلويات التقليدية منهم من يمارس عمله في المنزل ومنهم من يملك ورشة أو محلا. حلويات عصرية بلمسات فنية والمتجول بين المحلات و على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي المخصصة لصناعة وبيع الحلويات، سيلاحظ تنوعا كبيرا في العرض وخروجا عن المألوف و عن ما هو متوارث، فمعظم الحلويات الجزائرية تطورت من حيث الشكل كثيرا. و لم تعد الزينة مقتصرة على السمسم أو جوز هندي أو المكسرات، ولا على الخطوط الرفيعة من الشكلاطة البيضاء والسوداء، بل ذهبت إلى أبعد من ذلك، فصنع الحلوى اليوم، يتطلب استخدام أنواع مختلفة من قوالب السيليكون و المعدن، وتزيين القطع بالخرز و عجينة السكر و حتى الريش وأوراق الذهب، للحصول على أشكال وألوان وأنواع تتماشى مع موضوع معين كالزواج و الخطوبة والتخرج و الولادة و الختان و حتى أعياد الميلاد. كما انتشرت مؤخرا، موضة « قلاساج القطيفة» وهو عبارة عن سكر ملون، وأوراق تزيين تعرف ب « ليفوي إيزيم» وهي ملصقات بها عبارات تهنئة تكتب بحروف عربية أو لاتينية، وقد تتضمن رسومات، حيث شاع استخدامها فوق حلوة « الصابلي»، ناهيك عن أوراق الورد الصناعي وكذا مسحوقه الذي يضاف للعجين من أجل النكهة والرائحة. من السمسم إلى أوراق الذهب ومسحوق الورد وتقول الشيف كريمة بسطانجي، المختصة في صناعة الحلويات التقليدية الجزائرية، أن الحلويات القسنطينية والجزائرية عموما، والتي توارثناها أبا عن جد قد عرفت خلال السنوات الأخيرة رواجا وتطورا كبيرين وذلك بعدما تنوعت و تعددت برامج الطبخ على التلفاز و المنصات التفاعلية، أين تقدم الوصفات و تدرس طرف التحضير، وهو توجه يتبناه الكثير من صناع الحلوى المعروفين، الأمر الذي زاد من شهرة الحلويات التقليدية التي تصنع الحدث على المواقع والصفحات الخليجية و المصرية و التونسية مع كل مناسبة خصوصا خلال الأعياد بسبب كثرة تداول صورها. وتضيف بسطانجي، أن الحلويات الجزائرية قد عرفت تغيرات تتناسب مع مستجدات العصر و تنوع المنتوجات في الأسواق والمحلات التي أضحت تبيع عتادا ومستلزمات متنوعة من معطرات و ملونات و ديكورات، وسعت من إبداعات الحرفيين الذين يخرجون في كل مرة بنوع جديد وتشكيلة مغايرة. تنوع ضاعف التكلفة وتابعت المتحدثة قائلة، أن الحرفيات والحرفيين الجزائريين، كثيرا ما يتألقون في المعارض و المنافسات الدولية، أين تحصد الحلويات التقليدية الجزائرية الميداليات الذهبية دائما، بفضل لذتها و شكلها. مع ذلك فإن الإضافات الحديثة التي تتزين بها قطع الحلوى، أدت إلى ارتفاع سعرها بشكل كبير فالقطعة الواحدة تباع بسعر يتراوح بين 150 دج إلى 300 دج كون المواد الأولية باهظة الثمن ويتطلب تشكيلها وقتا وجهدا كبيرين، مؤكدة أن صناعة الحلويات لا تقتصر على النساء فقط، بل هناك منافسة قوية من الرجال قائلة أنها كصاحبة مؤسسة تكوينية في صناعة الحلويات تلاحظ إقبالا كبيرا من طرف الرجال صغارا وكبارا للمشاركة في الدورات. وترى كريمة، أن سبب رواج الحلويات الجزائرية في العالم، هي مواقع التواصل الاجتماعي، التي سهلت على المبدعين نشر أعمالهم والترويج لها على نطاق واسع، وقد سمحت لها صفحاتها بأن تعرف بأعمالها لدرجة أن الأديبة أحلام مستغانمي كانت واحدة من زبوناتها في ما مضى.