تحذّر المختصة في علوم التغذية و التكنولوجيات الغذائية حمامة وردة من الاستهلاك العشوائي و غير المدروس للملونات الغذائية التي تستعمل بكثرة في تحضير حلويات العيد، لما لها من أخطار كبيرة على الصحة، خاصة بالنسبة للأطفال، و قد تؤدي إلى الإصابة بالسرطان، بالإضافة إلى الحساسية و تقرحات الفم و النزيف الدموي ، في الوقت الذي تشهد هذه الأيام إقبالا كبيرا على اقتنائها من قبل ربات البيوت لمواكبة ما يعرض على صفحات النت، و في قنوات الطبخ، خاصة مع تسويق أنواع جديدة من المواد التي تستعمل في تزيين الحلويات، منها ما يباع بأسعار باهظة مثل "قلاصاج القطيفة" الذي يعتبر من أشهر أنواع القلاصاج العصري. صلصة «التوفي» و»قلاصاج القطيفة» خلال جولة قادتنا إلى محلات بيع لوازم الحلويات بوسط مدينة قسنطينة للوقوف على تحضيرات عيد الفطر، لاحظنا تهافتا كبيرا على اقتنائها، خاصة الأنواع الجديدة منها التي تستعمل في وصفات تحضير الحلويات العصرية، و التي تروّج لها نجمات فن الطبخ، كأم وليد و طاطا حبيبة و غيرهما كثيرات، حيث تشهد صفحات الطبخ على مواقع التواصل تفاعلا كبيرا و منافسة شديدة بين متابعيها لتقديم أحسن وصفة. من هذه الأنواع نذكر "قلاصاج التوفي" الذي يباع في علب على شكل صلصة الكراميل، و يستعمل لتغليف حلوى "صابلي" أو تزيين أنواع أخرى من الحلويات، كحلوى السمسم "الجلجلانية" ، و يقدر سعر العلبة الصغيرة جدا ب 350 دج و يختلف السعر حسب الكمية، و من المواد الرائجة أيضا هذه السنة، سكر الألماس المعروف ب "سكر ديامو" و الذي يستخدم لطلاء الحلوى لإضفاء لمعان مميز عليها يشبه قطع الألماس، و كذا كمثبت لقطع الحلوى و المواد المراد استعمالها للتزيين كمسحوق الفول السوداني "الكاوكاو" و جوز الهند و أوراق الورد، فيما يستخدم في بعض الوصفات بدل مربى المشمش، و سعره يتجاوز 200 دج و يصل في بعض المحلات إلى 300 دج، وهي أنواع تباع بجرعات صغيرة ما يجعل كلفتها مرتفعة عند الإستعمال. أسعار تصل إلى 3 آلاف دينار لم تحد من الإقبال كما دخل سوق مستلزمات تزيين الحلويات نوع جديد من سكر "القلاصاج" يعرف ب"قلاصاج القطيفة"، لأن شكله يشبه القماش الذي يحمل نفس الاسم، و يباع في قارورة صغيرة الحجم تشبه قارورة مزيل الروائح، و تستعمل بعد الانتهاء من تحضير الحلوى برشها من الخارج، للحصول على الشكل المرغوب فيه ، إلا أن سعره باهظ، حيث يبلغ 3 آلاف دينار للقارورة ، و هو غير متوفر بكثرة في المحلات و عرضه يتوقف على عدد الطلبيات التي يقدمها الزبائن، حسبما أكده لنا صاحب محل لبيع الحلويات بشارع العربي بن مهيدي، و الذي قال بأن الكمية التي كانت متوفرة بالمحل نفدت و تزويد محله بكمية منها متوقف على حجم الطلب ، لكونه يخشى كسادها ، مشيرا إلى أن أغلب من يقتنونها هم صانعي الحلويات ، نظرا لسعرها المرتفع. و من بين المواد الجديدة أيضا التي دخلت سوق صناعة الحلويات أوراق التزيين المعروفة ب " ليفوي أزيم" و تضم بطاقات في شكل قصاصات بأشكال مختلفة مكتوب عليه عبارات التهاني مثل "عيد سعيد" و "عيدكم مبارك" و مزينة بالأزهار ، حيث يتم وضع كل قصاصة فوق قطعة حلوى، بالإضافة إلى منتجات أخرى كأوراق الورد الصناعية و مسحوق الورد الذي يستخدم كمنكه للحلوى، و بخصوص مصدر مواد التزيين قال لنا التاجر بأن جلها محلية الصنع ،و هو ما وقفنا عليه خلال اطلاعنا على أوسمة المنتجات ، فمنها ما يصنع في باتنة و منها ما يصنع في البليدة و سطيف و ولايات أخرى. قصصات غذائية مجهولة التركيبة لاحظنا خلال زيارتنا لعدد من محلات بيع الحلوى بوسط مدينة قسنطينة ، إقبال الزبائن الكبير على الملونات الغذائية بمختلف ألوانها و أشكالها، سواء السائلة أو على شكل مسحوق، بنكهات مختلفة ، أو الملمعة المخصصة للاستعمال الخارجي، و يصل سعرها إلى 250 دج للعلبة أو القارورة الواحدة، و كذا على بعض المواد المخصصة لتحضير و تزيين الحلوى ، كالسمسم و جوز الهند ، التي تباع بألوان مختلفة ، في أكياس صغيرة ذات سعة 50 غ ب 120 دج ، و تباع أيضا ورود عجينة السكر بسعر 220 ألف دج ، و تستعمل لتزيين قطع الحلوى، و كذا السكر الملون للتزيين و يبلغ سعر الكيس 120 دج، بالإضافة إلى النكهات الغذائية التي تلجأ اليها السيدات ، لتعويض بعض المنتجات باهظة الثمن كالجوز و غيره، و سعرها لا يتجاوز 7 آلاف دينار للقارورة. سيدات لا يكترثن للمعلومات المسجلة على المنتوج لاحظنا أن أغلب المنتجات لا تبرز كل المعلومات المتعلقة بالتركيبة و السعة أو المقدار و كذا كيفية الاستعمال، و هو ما قد يشكل خطرا على مستهلكيها، خاصة و أن مثل هذه المضافات الغذائية من المفروض أن تستعمل، وفق شروط مدروسة ،لما لها من تأثير كبير على صحة الإنسان، و هو ما تجهله أغلب السيدات اللائي تحدثنا إليهن بمحلات بيع لوازم الحلوى، حيث عبرن عن عدم اكتراثهن بالمعلومات المسجلة على الوسم ، و يكتفين بالتأكد من مدة الصلاحية، فيما لا يعرن أي أهمية لباقي المعلومات و همهن الوحيد ، حسب إحدى السيدات نجاح الوصفة و الحصول على الشكل المرغوب. الدكتورة وردة حمامة بعض المواد تسبب السرطان والقرحة المعدية والنزيف تحذر أخصائية التغذية الدكتورة وردة حمامة، أستاذة في معهد التغذية و التغذي بولاية قسنطينة، و باحثة في البيوكيمياء و التكنولوجيات الغذائية، من الاستعمال العشوائي و المفرط للملونات الغذائية ، لما لها من أخطار كبيرة على صحة الإنسان، فقد تؤدي إلى الإصابة بمرض السرطان و أمراض أخرى، كالحساسية و تقرحات الفم و النزيف الدموي، و تنصح بالامتناع عن استعمال الملونات و المنكهات الغذائية و مواد تزيين الحلويات مجهولة المصدر و غير الموسومة، و كذا التي لا تحتوي على التركيبة، مضيفة بأن تأثير الملونات الغذائية لا يمس المستهلك فحسب، و إنما حتى صانعي الحلويات الذين يستخدمونها بشكل يومي، و لها تأثير كبير على المدى البعيد على الصحة. محدثتنا قالت بأن المضافات الغذائية التي تدخل في تحضير الحلوى، من المفروض ألا يكون لها تأثير على تركيبة الغذاء ، و دورها تكنولوجي و حسي محض ، اذ تعمل على الحفاظ على شكل المنتوج و اللون و الطعم و الرائحة ، وفق ما جاء في المرسوم التنفيذي 15 ماي 2012 ، المتعلق بشروط استعمال المضافات الغذائية في المواد الغذائية الموجهة للاستهلاك البشري، في مادته الثالثة التي توضح دور المضاف الغذائي و تعرفه بأنه لا يستهلك كمادة غذائية في حد ذاتها، و لا يستعمل كمكون خاص بالمادة الغذائية.. ، و تؤدي إضافته قصدا إلى المادة الغذائية غرض تكنولوجي أو ذوقي عضوي" . كما تطرق أحد بنود المادة إلى "الكمية المقبولة للاستهلاك، و تحدد على أساس الوزن ، لكي لا تشكل خطرا على الصحة " ، مشيرة إلى أنه من المفروض أن يعتمد المنتجون على هذا المرسوم ، لكونه يحدد كمية المضافات الغذائية التي تستعمل يوميا في كل منتوج و كذا أنواع المنتوجات التي يسمح باستخدام مضافات غذائية في تركيبتها ، أو عند تحضيرها، فالقانون واضح في هذا الجانب، كما يؤكد على ضرورة أن يكون الوسم واضح و مقروء ، مع تسجيل اسم المنتج أو رقمه ، و كذا الكمية الواجب التقيد بوضعها ، و هذا ما يغيب عن جل المنتجات الموجودة في السوق، حيث نجد بعض المواد تحتوي على ثلاث مضافات غذائية في آن واحد ، لتصبح بذلك مضاف غذائي مركب، إلا أن ذلك غير مقيد في الوسم ما يضاعف الخطر . هذه هي الأرقام التسلسلية للمواد ومدى خطورتها الدكتورة حمامة تطرقت بالتفصيل إلى أنواع الملونات الغذائية التي تشكل خطورة على الصحة، و منها المسرطنة، بذكر اسم المنتوج أو الرقم الذي أحيانا يعوض الاسم و المعتمد في النظام العالمي للترقيم " sin"، قائلة بأن الملونات الغذائية تحمل رمز "سين " متبوع برقم يبدأ بواحد و اذ يبدأ من 100 ينتهي إلى 199 و هي كلها ملونات غذائية، و الأكثر خطورة على الصحة ، هي ذات اللون الأحمر الأجوري و هي سين 123 ، و يؤثر في الغالب على الأطفال، كما يتسبب في حساسية جلدية و تقرحات بالفم، و هناك ملون غذائي مستخلص من الدودة القرمزية و هو لون أحمر " سين 120 "من أصل حيواني، و يحرم بعض الأئمة استهلاكه، و هو خطير جدا على الصحة ، حيث جاء في المادة الأولى للمرسوم التنفيذي ما يلي " تستثنى في مجال تطبيق هذا المرسوم المضافات الغذائية التي تدمج في المواد الغذائية الموجهة للاستهلاك الحيواني". و من بين الملونات الغذائية التي تشكل خطرا على الصحة أيضا، الملون الغذائي الأصفر " سين 102 "و قد يسبب حساسية مفرطة ، "سين 127" و هو لون أحمر، "سين 171 "و هو لون أبيض و يعطي بريقا و أغلب ربات البيوت و بائعي الحلويات يستعملونه بكثرة للحصول على اللون الأبيض الناصع رغم خطورته الكبيرة ، أما بخصوص المواد الحافظة الأكثر خطورة على صحة الإنسان، نذكر نوع " سين 210 "و يؤثر بشكل كبير على مرضى الربو و يتسبب في تعقد وضعهم الصحي، و فيما يتعلق بمضادات الأكسدة، نجد "سين 310"، و "سين 321 " و قد تتسبب في حدوث نزيف. أما المضافات الغذائية الأخرى ، كالقصاصات التي تستعمل في تزيين الحلوى و بعض أنواع القلاصاج و كذا أوراق الورد التي تستعمل في تزيين الحلوى العصرية ، قالت الأخصائية بأنها مجهولة التركيبة، و لا يمكن معرفة تأثيرها على الصحة، و تنصح بتجنب استعمالها.