دعا الدكتور حمزة حنطبلي أخصائي تطبيقات الذكاء الاصطناعي على مجال صناعة الأدوية وخريج الجامعة الماليزية والأستاذ الجامعي بجامعة المدية إلى مواكبة التطور الحاصل في مجال استخدام الذكاء الاصطناعي على صناعة الأدوية الذي سيقلص التكلفة والوقت، ودعا في هذا الحوار الذي خص به النصر إلى تشجيع الطلبة وخريجي الجامعات على اقتحام هذا الميدان، وكذا إحداث التنسيق والتعاون بين التخصصات الجامعية من أجل إحداث قفزة نوعية في مجال صناعة الأدوية باستخدام الذكاء الاصطناعي، مشيرا إلى أن أهمية الذكاء الاصطناعي في صناعة الأدوية ظهرت مع إنتاج اللقاحات المضادة لفيروس كورونا. النصر: بصفتك أستاذا باحثا متخصصا في تطبيقات الذكاء الاصطناعي الخاصة بصناعة الأدوية، ماهي العلاقة بين هذين المجالين؟ الدكتور حنطبلي: ظهرت أهمية الذكاء الاصطناعي بالنسبة لصناعة الأدوية بشكل أكبر مع جائحة كورونا والحاجة لاكتشاف لقاح لمواجهة الفيروس، وهنا برزت أهمية الذكاء الاصطناعي في صناعة اللقاحات المضادة لفيروس كورونا وكذا الأدوية الجديدة وكيفية استثمار الذكاء الاصطناعي في هذا الميدان. ولهذا فإن الذكاء الاصطناعي مهم بشكل كبير لمجال صناعة الأدوية، وعلى الجزائر أن تواكب التطور الحاصل في هذا المجال، وضرورة تشجيع الطلبة وخريجي الجامعات على اقتحام هذا الميدان من خلال الاطلاع على تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجال صناعة الأدوية، كما ننبه لأمر هام وهو ضرورة إحداث التعاون والتنسيق بين الكيمياء وهندسة الطرائق والذكاء الاصطناعي من أجل إعطاء دفع لمجال صناعة الأدوية باستخدام الذكاء الاصطناعي، وفي ظل غياب هذا التنسيق لا يمكن أن تكون هناك نتيجة. وعلى الدولة أيضا أن تولي أهمية بالغة لصناعة الأدوية باستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي، والمشكل اليوم في صناعة الأدوية أننا نعتمد على الوصفات والتركيبات الخارجية ونقوم بتطبيقها كما هي، في حين الجزائر غنية بالإطارات الجامعية التي يمكن الاعتماد عليها وتحقيق الاستقلالية في صناعة الأدوية دون تبعية إلى الخارج، و كل ذلك يتحقق بخلق التنسيق بين وزارة صناعة الأدوية والباحثين وخلق التكامل بين البيولوجيا وصناعة الأدوية والإعلام الآلي. النصر: كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساهم في صناعة الأدوية؟ الدكتور حنطبلي: المشكل في صناعة الأدوية هو كيف يمكن للجزيء أن يكمل المرض، أي كيف نجد جزيء من الأدوية لعلاج مرض معين، وهذه العملية بالطرق التقليدية تستغرق سنوات طويلة لاكتشاف جزيء واحد يناسب مرض ما، بحيث تحتاج الجزيئات إلى الخضوع للتجربة، وهذه العملية قد تستغرق سنوات طويلة لاكتشاف جزيء واحد، لكن باستخدام الذكاء الاصطناعي والمحاكاة يمكن أن نقوم بمسح للجزيئات الموجودة ونحاول معرفة الجزيء الذي ينفع أو نخترع جزيء جديد لهذا المرض أو مرض آخر في وقت قصير، وبالتالي هناك علاقة تكامل بين الجزيء والأمراض أو الأنزيم الموجود داخل الخلية، ولهذا فإن الذكاء الاصطناعي دوره هو أنه يخترع الجزيء الذي يكمل المهمة والبحث عن الدواء المناسب للمرض. النصر: هل الجامعة الجزائرية متوفرة على الكوادر العلمية التي يمكنها اقتحام هذا الميدان وتحقيق نتائج في صناعة الأدوية باستخدام الذكاء الاصطناعي؟ الدكتور حنطبلي: نعم الجامعة الجزائرية غنية بالكوادر العلمية في تخصصات الكمياء و البيولوجيا و الإعلام الآلي وغيرها، لكن وكما سبق وأن أشرت إليه المشكل يقع في غياب التنسيق بين الجامعات والكليات والتخصصات المختلفة، وهذه أكبر عقبة للاستثمار في الذكاء الاصطناعي، فعلى سبيل المثال في ماليزيا إعداد مشاريع نهاية التخرج أو المذكرات يتم بالتنسيق بين كليات وتخصصات مختلفة، ولهذا نحن في حاجة إلى إحداث تنسيق وتعاون بين الكليات في الجامعات وإحداث التكامل بين التخصصات المختلفة من أجل تحقيق تقدم في مجال الذكاء الاصطناعي خصوصا في مجال صناعة الأدوية. النصر: ماهي الإضافة التي قدمها الذكاء الاصطناعي لصناعة الأدوية في العالم؟ الدكتور حنطبلي: قبل سنة 2020 كانت صناعة الأدوية تستغرق حوالي 18 سنة لاكتشاف دواء جديد، وذلك باتباع الإجراءات التقليدية العادية، لكن باستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي مثلما حدث مع لقاحات كورونا تم اكتشاف اللقاحات أو الأدوية في ظرف 160 يوما، وهذه طفرة كبيرة حققها الذكاء الاصطناعي، كما أن قبل استخدام الذكاء الاصطناعي كان الدواء الواحد يكلف الشركات تقريبا 1.8 مليار دولار، في حين الآن لا تتجاوز التكلفة 100 مليون دينار، وبذلك ساهمت تطبيقات الذكاء الاصطناعي في خفض التكلفة والوقت في صناعة الأدوية، وتم الاستغناء عن التجارب التي كنا نقوم بها من قبل، و في نفس الوقت فإن مجال صناعة الأدوية ليس مجالا معقدا وكبيرا، بحيث يمكن اكتشاف جزيء واحد يعالج عدة أمراض في ظرف قصير دون الاعتماد على الوصفات التي تأتي من الخارج. النصر: نفهم من كلامك أن جل اللقاحات التي تم اختراعها لعلاج فيروس كورونا تمت باستخدام الذكاء الاصطناعي؟ الدكتور حنطبلي: نعم بنسبة 100 بالمائة كل اللقاحات التي اكتشفت لعلاج فيروس كورونا تم اختراعها باستخدام الذكاء الاصطناعي، ولم يكن هناك تدخل للكيمائيين وكل مراحل البحث تمت عن طريق الذكاء الاصطناعي باستخدام تطبيقات معينة والتعلم العميق، واخترعوا بذلك الجزيء الذي يناسب فيروس كورونا وقاموا بتجريب اللقاحات وحققت نجاحا، والحلقة الكبيرة بالنسبة لفيروس كورونا كانت كيف نختار الجزيء، وعوض التجربة العادية التي تمس مثلا 100 أو 200 جزيء ويتم اخضاعها للتجربة التي قد تستغرق سنة أو أكثر، تم بالمقابل استخدام الذكاء الاصطناعي لتجربة حوالي 2 مليون جزيء أو أكثر في ظرف قصير قد لايتجاوز الساعتين.