خسارة المونديال تكشف عن الوجه العنصري في فرنسا اضطر لاعبو المنتخب الفرنسي أوريليان تشاوميني و راندال كولو ماني و كينغسلي كومان، إلى تعليق خاصيتي التعليقات و الرسائل، عبر حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب الهجوم الذي تعرضوا له منذ الخسارة أمام الأرجنتين في نهائي كأس العالم بقطر مؤخرا، إذ تحوّلت الأصول الإفريقية للاعبين إلى خلفية للتعليقات العنصرية عبر المنصات وفي الإعلام، وهو ما دفع بالاتحاد الفرنسي لكرة القدم إلى التدخل. دقائق قليلة بعد إعلان حكم مباراة النهائي عن نهاية اللعبة، أشهر فرنسيون في الإعلام و على مواقع التواصل الاجتماعي سيف العنصرية في وجه لاعبي المنتخب من أصول أفريقية، و حمّلوا كل من كينغسلي كومان و أوريليان تشاوميني، مسؤولية الخسارة أمام الأرجنتين، بعدما أضاعا ضربتي جزاء، فيما فوت راندل كولو ماني، فرصة سانحة للتهديف و تداول ناشطون على المواقع، تعليقات مسيئة من قبيل « أعيدوه إلى إفريقيا»، و تضمنت تعليقات أخرى تصريحات قديمة لسياسيين يمينين متطرفين، تحذر من تغيير صورة المنتخب من الأبيض إلى الأسود، كما استخدمت أيضا صور تعبيرية لقرود و غوريلا للإساءة إلى كينغسلي كومان و شواميني وهو ما اضطرهما إلى تعليق التعليقات فيما حجب كولو ماني، الرسائل على إنستغرام بشكل نهائي. ولم يتوقف الأمر على المنصات التفاعلية، بل استاء متابعون كذلك، من استخدام جهات إعلامية لعبارات « اللاعبين من أصول كنغولية»، للتعبير عن ما حدث في المباراة، وفي ذلك تجريد للاعب من جنسيته وانتمائه إلى فرنسا لمجرد فشله في التسجيل، رغم أن كولوماني المولود في باريس سنة1996، كان قد قدم أداء مميزا طيلة الشوط الثاني من عمر المباراة. يذكر أيضا، أن بوادر لخطاب العنصري، كانت قد بدأت تظهر قبل انطلاقة مونديال 2022 ، وذلك على خلفية تسبب كامافينغا، في إصابة زميله في المنتخب كريستوفر نكونكو خلال التدريبات، إذ واجه حملة شرسة، وتم تذكيره بأصوله الإفريقية، مما دفع بنكونكو إلى نشر تغريدة عبر حسابه الخاص على تويتر، يدافع فيها عن زميله قائلا: « كامافينغا مستهدف بحملة غير عادلة، ويجب أن تكون كأس العالم لحظة توحّد لا انقسام». وفي 2021 تعرض نجم المنتخب كيليان مبابي، إلى حملة عنصرية بعدما تسبب في خسارة «الديوك» أمام منتخب سويسرا، خلال بطولة كأس الأمم الأوروبية وذلك عقب إهدار ركلة ترجيحية حيث تم نعته ب «القرد القذر» عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما دفعه إلى إعلان رغبته في اعتزال اللعب دوليا، وتقدم اللاعب حين ذاك بدعوة قضائية. شركة ميتا تتدخل وأودت تقارير إعلامية، بأن شركة ميتا، تدخلت لأجل تعليق العديد من الحسابات المتورطة في نشر الكراهية وتأجيج الخطاب العنصري، وجاء في تصريح لممثل عن الشركة « لا نريد أي تجاوزات عنصرية على منصاتنا، لقد منعنا كل الخطابات والرسائل المقززة التي تخرج عن قواعدنا» . كما أضاف: «نريد أيضا حماية الأشخاص من الاضطرار إلى رؤية هذه الإساءة منذ البداية، ولهذا السبب قمنا بتطوير تقنية خفاء الكلمات وهي ميزة تقوم بحظر التعليقات المسيئة». المتحدث نفسه، أكد أن شركة ميتا، دخلت في اتصال مع اللاعبين وفرقهم بشكل مباشر، منذ نهائي كأس العالم لتقدم لهم الدعم، ولمساعدتهم على تشغيل هذه الأدوات. أما نادي بايرن ميونيخ الذي يضم اللاعب كينغسلي كومان، فقد نشر رسالة دعم للاعبه عبر موقعه الرسمي وجاء في النص : «عائلة بايرن تقف خلفك أيها الملك العنصرية لا مكان لها في الرياضة أو في مجتمعنا» .في حين غرد أوليفر كان، رئيس نادي بايرن ميونيخ الألماني، داعما اللاعب وبقية عناصر المنتخب قائلا إنه يمكن للاعبي منتخب الفرنسي، وصيف بطل العالم، أن يكونوا جميعا فخورين. والآن عليهم أن «ينهضوا مجددا ويواصلوا المشوار». « كما أن كومان ورفاقه ممن تعرضوا للعنصرية والكراهية سيتجاوزون العنصرية ويتركوها خلف ظهورهم». الاتحاد الفرنسي يهدد بشكوى جنائية وعلى خلفية الهجمة غير الأخلاقية والعنصرية التي يتعرض لها لاعبو المنتخب، نشر الاتحاد الفرنسي لكرة القدم بيانا، يدين الإساءات العنصرية ضد لاعبيه بعد الخسارة في النهائي أمام الأرجنتين و ندد الاتحاد بالإساءة العنصرية عبر الإنترنت الموجهة للاعبيه, وتعهد باتخاذ إجراءات بعد استهدافهم. وجاء في البيان الذي نشر على تويتر : « عقب نهائي كأس العالم, تعرض العديد من لاعبي المنتخب الفرنسي لتعليقات عنصرية وبغيضة وغير مقبولة على مواقع التواصل الاجتماعي. فالاتحاد الفرنسي لكرة القدم يدين ذلك و سيقاضي المتورطين». مع ذلك فقد أعادت الضجة إلى الأذهان، حادثة رافقت فوز فرنسا بكأس العالم سنة 2018، عندما علق المذيع الأمريكي الشهير تريفر نوا، على الفوز مغردا على تويتر « إنه نصر لإفريقيا» فرد السفير الفرنسي جيرار آرور، ببيان إدانة اعتبر فيه تصريحات المذيع تجريدا للاعبين من هويتهم الفرنسية و أن الفريق بتشكيلته هو انعكاس للتنوع الثقافي والعرقي في فرنسا». وكان تعليق الرئيس الكيني ويليام ساموري روتو، هو الأقسى، حيث غرد بعد نهاية مباراة فرنسا و الأرجنتين « مبروك للأرجنتين فوزها بكأس العالم، لعب فريقي الأفريقي مباراة رائعة، ولكنني سأدفع رهاني، قد كانت مباراة رائعة من جميع النواحي». جزاء بن زيمة ولم يكن النجم السابق لمنتخب الديكة، كريم بن زيمة بمعزل عن الأحداث، فقد تعرض أيضا لمواقف عديدة انتهت قبل أيام، بانفصاله نهائيا عن المنتخب الفرنسي وإعلانه لنهاية مشواره معه واعتزاله اللعب دوليا. وأشارت تقارير إلى أن نجم ريال مدريد، قد يكون انسحب بسبب ممارسات القائمين على الجهاز الفني للمنتخب، و بعض زملائه في الفريق، الذين اجتهدوا لإبعاده عن المونديال، بعد تأكد تعافيه من الإصابة. وذلك بدليل تغريداته على المواقع خلال مجريات الحدث الكروي العالمي، حيث كتب بداية بأنه لا يهتم، قبل أن يعلن بأن قصته من الفريق قد انتهت، علما أنه كان قد رفض دعوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للسفر معه رفقة اللاعبين القدامى، إلى قطر، لتشجيع المنتخب في المباراة النهائية، وكذلك فعل زين الدين زيدان أيضا. تجدر الإشارة، إلى أن صاحب الكرة الذهبية، كان قد أثار ضجة كبيرة سنة 2016، عقب تصريحات قوية له عن العنصرية، حينما رجح في مقابلة مع صحيفة ماركا الإسبانية، بأن تكون أصوله خلفية حقيقية لإبعاده من المنتخب، و حرك بذلك زلزالا في الأوساط الرياضية والسياسية الفرنسية. ولم تتضح إلى غاية الآن، الأسباب الحقيقة، وراء خلاف اللاعب مع القائمين على المنتخب وأسباب اعتزاله اللعب لصالحه دوليا، خاصة وأن المدرب ديدي ديشان لم يقدم أية توضيحات و كذلك الأمر بالنسبة للاتحاد الفرنسي لكرة القدم، في حين كشفت مصادر إعلامية أن اللاعب تعرض لخديعة ومؤامرة، تورط فيها المدرب ديشان الذي لم يغفر لأحسن لاعب في العالم، عدم شكره في حفل التتويج بالكرة الذهبية، ووجد في إصابته التي كان يمكن أن يصبر عليها، فرصة لحرمان اللاعب من المونديال، فضلا عن القائد لوريس والمهاجم غريزمان اللذين أزعجتهما عودته إلى المنتخب، فضلا عن قطاع من الصحافة الفرنسية عمل على التقليل من دور نجم ريال مدريد في المنتخب. وبات بن زيمة في محنتيه الأولى والثانية «نموذجا» لضحايا النظرة العنصرية في بلد يبدو أنه لم يشف من ماضيه الكولونيالي.