سنرغم فرنسا على الإعتراف بجرائمها من خلال أعمالنا كما فعل اليهود قال الممثل و المخرج المسرحي مبروك فروجي أنه شعر بالألم فعلا أثناء تصوير الفيلم التلفزيوني «الشهيد» للمخرج حسين مزياني، الذي صورت أهم مشاهده في معتقل تعذيب حقيقي «بفيرمة لاكتا» بولاية باتنة و التي تحولت بعد الإستقلال إلى متحف تاريخي، مؤكدا أنه تحمل تمثيل هذه المشاهد الصعبة من أجل إعطاء مصداقية كبيرة للعمل، أولا كممثل يجب عليه أداء كل الأدوار في جميع الظروف ، و ثانيا كمواطن جزائري يشعر بالغيرة على بلده و لديه مسؤولية أخلاقية يمليها عليه ضميره الإنساني أمام تاريخ بلده المليء بقصص التعذيب الوحشية التي مارسها الاستعمار الفرنسي في حق شهدائنا الأبرار و على الذين جاهدوا و ناضلوا بكافة السبل من أجل تحرير الوطن. ويروي فيلم «الشهيد» من إنتاج التلفزة الجزائرية لسنة 2012، قصة مواطن يعيش في إحدى قرى الأوراس فترة منتصف الخمسينيات، كان يناضل في خلية سرية لدعم الثوار ، يتعرض لوشاية من أحد الخونة توقعه في يد جنود الإحتلال الفرنسي الذين احتجزوه في معتقل تعذيب لمدة أربعة سنوات ، و مارسوا عليه شتى أنواع القمع الجسدي و النفسي بأقصى الطرق الوحشية . وأكد بطل الفيلم أنه عاش كل مشهد تعذيب في الفيلم و كأنه حقيقي، خاصة عندما تم تعليقه من قدميه و بقي رأسه متدليا بإتجاه الأرض بينما كان الجندي الفرنسي يتلذذ بتخويفه بجهاز تلحيم يضعه قريب جدا من وجهه: «في تلك اللحظات نسيت أنني ممثل و شعرت أني فعلا مبروك المجاهد، و كنت أصرخ و أبكي من قلبي لأنني استحضرت في تلك الآونة كل الشهداء الأبرار الذين مروا من هنا و شعروا بضعف الألم الذي كنت أشعر به أثناء التصوير» كما عبر لنا، مضيفا أن من بين أكثر المشاهد إيلاما جسديا و تأثيرا في نفسيته هو مشهد التعذيب بالكهرباء: «عندما كبلوني على طاولة تعذيب حقيقية و وضعوا علي مفككات البراغي التي يفترض أنها تنقل لجسدي الكهرباء شعرت بألم فضيع جدا، و هنا أيضا تذكرت وحشية الجيش الفرنسي و ضباطه الذين كانوا يتلذذون في تعذيب إخواننا الشهداء بأكثر الطرق وحشية و همجية ثم كانوا يرمونهم بعد أن ينهكوا أجسادهم في فرن كبير ليحترقوا حتى الموت». و بعد انقضاء مدة السجن يعود مبروك منهكا و مصدوما إلى قريته ليجدها محطمة عن آخرها، و يجد أمه و بقية أهله لدى الجيران ، ثم يكتشف استشهاد شقيقه و سرعان ما يقرر إستئناف الجهاد و الإلتحاق بإخوانه في الجبل ليتحول إلى النضال العسكري. وأكد الممثل مبروك فروجي أن أهمية هذا الفيلم و غيره من الأعمال التاريخية المشابهة تكمن في إبراز جانب مهم من معاناة الشعب الجزائري إبان الثورة و هو التعذيب الشرس الذي تلقاه المجاهدون و الشهداء على يد الإستعمار ، من أجل لفت وتذكير الرأي العام العالمي بهذا الموضوع للضغط على فرنسا للإعتذار للشعب الجزائري على جرائم الحرب التي مورست عليه خلال الإستعمار، كما فعل اليهود عندما يستعطفون العالم حول محارقهم: «لكي نفرض على فرنسا الإعتراف بجرائمها في الجزائر يجب أن يدرك العالم مدى بشاعة جرائمها في بالصورة و الصوت من خلال أفلام سينمائية تؤرخ لهذه الحقبة»، مضيفا أن هذا الهدف سيتحقق للجزائريين عندما يصبح مطلبا عالميا. صور هذا الفيلم التلفزيوني القصير الذي لا تتجاوز مدته خمسون دقيقة في أماكن شهدت الثورة فعلا في مدينة باتنة كقرية «غار أوسطوح» التي استعملت فيها فرنسا أسلحة محظورة لتقتل 118 شهيدا في أواخر الخمسينات بالإضافة إلى كل من قرى «بني فضالة»، «الرحاوات»، «اولاد عوف»، «راس الما» و «تاكسلانت»، الواقعة كلها في أعالي الأوراس الأبي و التي اختارها المخرج كديكور طبيعي واقعي يعطي لسيناريو الفيلم مصداقية أكبر، خاصة أن هذه الأماكن بقيت كما هي منذ الاستقلال. و سيشارك في أداء هذا الفيلم التاريخي المهم كل من الممثلة ليديا لعريني في دور الأم، و شوقي بوزيد و عبد الحكيم لهويّن و غيرهم من الممثلين الشباب الذين لا تتجاوز أعمارهم الأربعين سنة، حيث يدور الحديث باللهجة الباتنية التي تتخللها بعض الكلمات الشاوية مما يظهر خصوصيات المنطقة اللغوية بالإضافة إلى الديكور الطبيعي و الداخلي. و عن مشاريعه الفنية الجديدة أشار الفنان مبروك فروجي أنه في مرحلة التفاوض على مسلسل إجتماعي جديد، كما سيسافر في غضون أيام إلى مراكش للمشاركة في مهرجان المسرح الجامعي الذي سينظم من 23 إلى 29 من الشهر الجاري بعرض « النافذة « من تأليف العربي بولبينة و إخراجه.