شرعت لجان محلية مؤخرا على مستوى عدة ولايات في اختيار المساحات الأرضية التي ستحتضن الأسواق التضامنية تحسبا لشهر رمضان المقبل، وذلك بناء على معايير محددة، من بينها قرب هذه الفضاءات من التجمعات السكانية و وسائل النقل، مع ضرورة توفر شروط الصحة والنظافة. ويتم انتقاء الأرضيات التي ستخصص لإقامة أسواق الرحمة بالتنسيق ما بين السلطات المحلية ومديريات التجارة، وكذا المنظمات المهنية من بينها نقابات التجار، وكذا منظمات حماية المستهلكين، بهدف إنجاح هذه المبادرة التي أضحت تقليدا سنويا تحرص عليه وزارة التجارة من أجل تحقيق استقرار الأسعار وضمان الوفرة في رمضان. وينتظر استحداث حوالي 500 سوق تضامنية على مستوى كل دائرة، وفق ما كشف عنه وزير التجارة كمال رزيق في تصريحات إعلامية، ويتم لأجل تحقيق هذا البرنامج الذي يحمل طابعا اجتماعيا، تجنيد المتعاملين الاقتصاديين والوحدات الإنتاجية للمساهمة في تموين هذه الفضاءات بمختلف المواد الغذائية ذات الاستهلاك الواسع، وكذا المنتجات التي يزداد عليها الطلب خلال هذه الفترة من السنة. وستحظى كل دائرة بسوق تضامنية، ستسهر على عرض مختلف البضائع والسلع بأسعار تنافسية، بعضها ستعرض من المنتج إلى المستهلك مباشرة، بهدف خفض أسعارها، علما أنه في سنوات سابقة كانت مصالح وزارة التجارة تقوم باستحداث أسواق تضامنية عبر أغلب البلديات، مما كان يطرح صعوبات فيما يخص تموين هذه الفضاءات بشتى أنواع المنتجات، بسبب صعوبة استقطاب العدد الكافي من الممونين. وتعتزم من جهتها منظمات حماية المستهلكين المساهمة بفعالية لتحقيق استقرار الأسعار، حفاظا على القدرة الشرائية للمواطنين، عن طريق التنسيق مع مصالح وزارة التجارة لتحديد تكلفة الإنتاج الخاصة بكل مادة استهلاكية، خاصة الخضر والفواكه، من أجل ضبط أسعارها الفعلية، للقضاء على المضاربة. وأكد بهذا الخصوص الناطق باسم الجمعية الوطنية لحماية المستهلكين فادي تميم "للنصر"، بأن هذه المبادرة تم إطلاقها في مواسم سابقة وحققت نتائج مرضية فيما يخص بعض الأصناف من المواد الاستهلاكية، لذلك تم التفكير في تعميم العملية لتخص منتجات عدة. وسيتم إشهار الأسعار الفعلية على منصات التواصل الاجتماعي، وعلى مستوى الأسواق الجوارية والفضاءات التجارية، لإلزام التجار باعتماد هوامش ربح معقولة، دون الإضرار بجيب المواطن، بهدف القضاء على بعض الممارسات السلبية التي تؤثر على استقرار الأسعار، بسبب استغلال المناسبات لتحقيق الأرباح من قبل بعض التجار. ويقترح من جهته الخبير الاقتصادي فريد بن يحيى تدعيم شبكات التوزيع، باستحداث فضاءات جديدة ذات قدرات هامة، للقضاء على الوساطة التي تتسبب في رفع الأسعار إلى مستويات غير معقولة، مع تمكين هذه الشبكات من التعامل بصفة مباشرة مع المنتجين، من بينهم الفلاحون ومسيرو الملبنات ومنتجو اللحوم، معتقدا بأن اعتماد هذا المقترح سيضمن استقرار الأسعار طيلة السنة. وأكد المتدخل بأن أسواق الرحمة حققت بدورها نتائج لا بأس بها، وخففت العبء على المستهلك في مواسم سابقة، بفضل ما كانت توفره من منتجات متنوعة بأسعار مدروسة، لكنه شدد على ضرورة تجنب التبذير، واقتناء ما يكفي الحاجة فقط، حتى لا يساهم المستهلكون في زعزعة استقرار السوق. وحث الأستاذ بن يحيى جمعيات المجتمع المدني على تنظيم حملة تحسيسية ضد التبذير، عبر دعوة المواطنين إلى عدم التهافت على الفضاءات التجارية من أجل تخزين المواد الغذائية، حفاظا على السير الحسن لبرنامج التوزيع المعتمد من قبل الجهات الوصية.