يعاني طلبة مكفوفون على مستوى الجامعات، من صعوبة العثور على المؤلفات الأكاديمية و الكتب الخارجية المعدة بتقنية البراي، رغم أن هذه الكتب تعد من بين أهم المصادر التي يعتمدون عليها لتعزيز معارفهم و استكمال الدراسة و تنمية قدراتهم الإدراكية و تعزيز ثقافتهم، فضلا عن أن غيابها يعرقل النجاح و التقدم دراسيا كما أكدوا. التسجيل الصوتي كحل بديل لا يزال مشكل نقص المطبوعات بتقنية البراي، يطرح بالنسبة للمكفوفين المتمدرسين عموما والجامعيين على وجه التحديد، رغم نسب النجاح في شهادة البكالوريا و عدد الملتحقين بالجامعات وكليات العلوم الإنسانية، إذ تعد المطبوعات المتخصصة من هذا النوع محدودة جدا و لا تلبي احتياجات الطلبة، الذين لا يكتفون فقط بما يقدمه الأساتذة في المحاضرات بل يحتاجون كذلك، إلى مراجع بحثية لاستكمال العملية التعليمية خاصة في مرحلتي الماستر والدكتوراه، التي تعتمد كثيرا على الوثائق و الأوراق البحثية، لإنجاز البحوث والمذكرات العملية. و حسب الطالبة أماني جباسي، وهي كفيفة تمكنت من الالتحاق بكلية علم النفس بجامعة قسنطينة 2، فإنه من الصعب جدا على الطلبة من أمثالها الدراسة بشكل جيد والطموح لمواصلة التدرج في الجامعة بسبب شح المراجع خصوصا ما يتعلق بالكتب الخارجية المطبوعة بخط البراي. من جانبها قالت، أمينة خريجة كلية الإعلام والاتصال بأن مسارها الدراسي لم يكن سهلا، وأن نقص المصادر و المراجع المطبوعة بخط البراي، كانت حاجزا حال دون تقدمها في مسارها الأكاديمي، حيث كانت تعتمد على زميلة لها في كل شيء يتعلق بالبحوث تقريبا، وكانت هذه الأخيرة تزودها بالمادة البحثية و العلمية و تمليها عليها شفاهيا، كي تعيد هي تسجيلها ومن ثم تقوم لاحقا بكتابتها بالباري، وهو ما يتطلب جهدا كبيرا و وقتا أكبر. ورغم الصعوبات التي واجهتها إلى أنها لم تستسلم وأصرت على استكمال مسارها في هذا التخصص، الذي يستحيل تقريبا أن تتوفر فيه كتب متنوعة و حتى بيداغوجية مطبوعة بالبراي، وتحدثت الشابة أيضا، عن مشكل انعدام المحاضرات المسموعة في مكتبة الكلية، كي يستفيد منها الطلبة المكفوفون، وهو ما يبين بوضوح عدم الاهتمام باحتياجاتهم كما عبرت. خيارات محدودة و في زيارة إلى المكتبة المركزية المتواجدة بجامعة الإخوة منتوري، أين تتوفر الرفوف على آلاف الكتب والمراجع و المذكرات و الأطروحات، أكدت لنا إحدى العاملات ببنك الإعارة، أن هناك غيابا تاما للمراجع المخصصة للطلبة المكفوفين، وأن الجناح الوحيد المخصص للطبة المكفوفين موجود على مستوى جامعة الإخوة منتوري، وهو فضاء تم تأسيسه في سنوات التسعينيات، ولا يزال يفتح أبوابه إلى يومنا لتقديم المساعدة اللازمة لهذه الفئة من الطلبة، حيث يتوفر على محاضرات و كتب مسجلة، إضافة إلى توفر خدمات مهمة مثل مساعدة الطلبة في الكتابة وترجمة المحاضرات بآلة البراي، أما بجامعة الأمير عبد القادر فقد خصص جناح كامل لطبع المحاضرات بالبراي. rبلغيث عثمان مدير المكتبة المركزية بجامعة منتوري ارتفاع التكلفة و نقص المختصين وراء محدودية الكتب أكد عثمان بلغيث، مدير المكتبة المركزية بجامعة الإخوة منتوري، أن المكتبة المركزية تحتوي على ثروة كبيرة من المعلومات و تزخر بكم هائل من الكتب المتنوعة في شتى التخصصات العلمية والأدبية، الأمر الذي جعلها تستقطب العديد من الطلبة من ذوي الإعاقات البصرية من مختلف الجامعات، مع ذلك يعاني هؤلاء من شح الإصدارات الموجهة إليهم خصيصا والتي تطبع عن طريق البراي. وأضاف، بأن المكتبة تتوفر على آلة براي واحدة، يستعملها الطلبة من ذوي الإعاقة البصرية بمساعدة كاتبة متخصصة لأجل إعادة كتابة المحاضرات مرة أخرى، مرجعا سبب انعدام المراجع العلمية بطريقة البراي في مختلف المكاتب العمومية والخاصة، إلى قلة المهتمين بالطلبة المكفوفين فضلا على أن هذه العلمية تتطلب تكلفة عالية وميزانية كبيرة و فريق عمل متخصص. وقال إنه ورغم النقائص، يوجد اهتمام بتحسين ظروف تمدرس هذه الفئة من الطلبة، حيث توجد اتصالات مع الوصاية، للمطالبة بتوفير الإمكانيات اللازمة لمضاعفة الطباعة بطريقة الباري، خصوصا وأن هناك طلبة مستعدين لمواصلة التحدي وبلوغ مستويات أكاديمية عليا وفرض أنفسهم في المحيط الجامعي. مشيرا، إلى إمكانية توفير أجهزة سمعية، كدعائم رقمية لمساعدة الطلبة على استيعاب المحاضرات. rحسين نايت رابح مسؤول بديوان المطبوعات الجامعية المؤلفون لا يهتمون بطبع كتبهم عن طريق البراي من جانبه، أكد حسين نايت رابح، رئيس المصلحة التجارية والمخزون بالمديرية الجهوية للشرق لديوان المطبوعات الجامعية، أن النشر لفائدة الطلبة الجامعيين المكفوفين يظل شحيحا، رغم كونها فئة قليلة، مرجعا السبب إلى عدم اهتمام المؤلفين و أهل الاختصاص بالموضوع، وانعدام طلبات محددة لطبع مؤلفات هؤلاء عن طريقة تقنية البراي. وأضاف المتحدث، أنه في كل عام تطرح مصالحه نفس الإشكال، و تأسف للوضع خصوصا بعدما بات الطلبة المكفوفون يتنقلون إلى غاية الديوان للبحث عن الكتب الخاصة بمجالات دراستهم، لافتا إلى أن كتب البراي مكلفة جدا، وإن وجدت في السوق فإن أسعارها لا تكون في المتناول مقارنة بالكتب العادية.ويرى المتحدث، أنه يجب ضمان المؤلفات والمصنفات الأكاديمية لجميع الأشخاص وبالتحديد الطلبة الجامعيين المكفوفين، كونه حق مشروع من حقوق هؤلاء الشباب الطامحين والشجعان الذين يتحدون صعوبة الظروف لأجل النجاح، مضيفا، أنه من المستحسن إطلاق مبادرات لتكييف مختلف المخرجات الجامعية المتخصصة، والمؤلفات الأكاديمية وفق تقنية البراي، تضامنا مع هذه الفئة من الطلبة لأن محدودية المراجع أو شبه انعدامها، سبب في الحد من خياراتهم الأكاديمية و ضيق مجالات التكوين. وأكد حسين نايت ، أن جل المكتبات العامة لا يتوفر بها ما يناسب الكفيف ككتب بطريقة برايل، فعلى الأقل حسبه يجب تخصيص أشخاص يساعدون المكفوفين على القراءة. وقال، إنه يجب أيضا على وزارة التضامن الاجتماعي أن تساهم في توفير الدعم ولو بنسبة قليلة لهذه الفئة، مع تشجيع المؤلفين و الناشرين على الاهتمام بها، و فصل الذهنية التجارية عن احتياجات الفئات المحدودة من القراء خاصة الطلبة المكفوفوين. مطبوعات مفقودة في السوق النصر، تنقلت بين عدد من المكتبات بمدينة قسنطينة، للبحث عن الكتب المعدة بالبراي و معرفة نوعيتها وأسعارها، ولكننا لم نجد كتابا واحدا من هذا النوع في جل المكتبات التي زرناها، سألنا مكتبيين عن الأمر فتبين من حديثهم، بأنهم لم ينتبهوا من قبل إلى هذه الجزئية و أنه لا يوجد تفكير من الأساس في توفير كتب البراي على الرفوف. وبحسب صاحب مكتبة بلوزداد، بوسط المدينة، فإن سبب غياب المطبوعات من هذا النوع، مرتبط بسياسة الطبع نفسها، و عدم وجود دور نشر و مطابع تنشط في المجال وتوفر كتبا يمكن عرضها، مشيرا في ذات السياق، إلى أن المكتبة عرضت في وقت سابق، كتابا واحدا بلغة البراي و كان عبارة عن مصحف لم ينكر بأنه شد انتباه الزوار وأثار فضولهم. و أكد باعة آخرون، أن كتب البراي الجامعية التي تصدر عن ديوان المطبوعات كل سنة، ترسل مباشرة إلى الجامعات حسب تعداد الطلبة المكفوفين و توزع عليهم مجانا، ولا توجد كتب خارجية أو روايات أو قصص مثلا، تطبع و تنشر بهذه التقنية من قبل الخواص و توزع على المكتبات وتباع فيها . نحو تطوير النشر بالبراي يذكر أنه في يوم 10 أفريل 2022، كلف رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، خلال اجتماع مجلس الوزراء، أعضاء الحكومة باتخاذ التدابير اللازمة لتطوير الديوان الوطني للمطبوعات المدرسية، باعتباره أداة محورية لترقية الطباعة والنشر بالبراي، مع إنشاء مطبعة وطنية تابعة للديوان الوطني للمطبوعات المدرسية، تضع أسس طباعة كتب البراي في الدين والعلوم والرياضيات والفيزياء والأدب بالإضافة إلى الشروع في الطباعة عن طريق البراي للقرآن الكريم والأحاديث النبوية، و لموطأ الإمام مالك وإقرار مبدأ المجانية في توفير الكتب الصادرة بالبراي في كل التخصصات، ليتعزز بعدها الديوان الوطني للمطبوعات المدرسية خلال السنة الفارطة، بآلة طبع جديدة تصل قدرتها إلى حوالي نصف مليون كتاب يوميا وهذا تجسيدا للقرارات التي اتخذها رئيس الجمهورية.