القطاع الصحي منهار و متخوفون من انتشار الأوبئة لكثرة الجثث تحت الأنقاض يتحدث مدير العلاقات العامة والإعلام في وزارة الأوقاف بغزة، إكرامي المدلل، في هذا الحوار الذي خص به النصر عن ظروف مأساوية يعيشها سكان غزة في ظل استمرار العدوان الصهيوني على القطاع، كما يؤكد بأن المحتل استهدف كل شيء من إنسان وحيوان ومباني دون أدنى احترام لحقوق الإنسان، مشيرا إلى أن دفن جثامين الشهداء يتم في مقابر جماعية، أمام العدد الكبير من الذين يسقطون يوميا جراء هذا العدوان، كما تحدث عن انهيار القطاع الصحي، وسط تخوفات من انتشار الأوبئة في ظل بقاء أكثر من 2000 شخص تحت الأنقاض. حاوره: نور الدين عراب نفاد الوقود سيُحول مستشفيات غزة إلى ثلاجات أموات كيف تصف لنا الوضع الصحي والإنساني في قطاع غزة بعد مرور أكثر من ثلاثة أسابيع من العدوان الصهيوني؟ عدد الشهداء تجاوز 8 آلاف شهيد، وسُجل أزيد من 20 ألف جريح وأزيد من 2000 بلاغ عن مفقودين تحت الأنقاض. نتحدث عن 731 مجزرة راح ضحيتها 3 آلاف شهيد وفق تقرير مركز مكتب الإعلام الحكومي في غزة، وما لا يقل عن 300 شهيد خلال 24 ساعة الأخيرة، إلى جانب نزوح قرابة مليون ونصف مليون مواطن وزعوا على 223 مركز إيواء، إلى جانب تجمعات بالمستشفيات ومرافق ومنشآت عامة. وفق تقرير الإعلام الحكومي تم قصف 6500 منزل و190 ألف وحدة سكنية، وهدم كلي ل 29 ألف وحدة سكنية، إلى جانب تدمير مقرات حكومية و54 مسجدا تعرض لتدمير كلي وكذلك ثلاثة كنائس حسب وزارة الأوقاف. الأوضاع في غزة باتت لا تحتمل. على الصعيد الإنساني هناك نزوح كبير للآلاف نحو جنوب قطاع غزة، في ظل تعطل معدات الإنقاذ ونفاد الوقود وتوقف كامل الجهات المختصة سواء الإغاثية أو الإنسانية عن العمل. نتحدث أيضا عن وضع صحي مزري خاصة بمستشفيات قطاع غزة، وهناك عدد منها ما خرج عن الخدمة، وقد كان هناك استهداف لمستشفى المعمداني راح ضحيته أكثر من 500 شهيد. نتحدث عن ظروف استثنائية أيضا تعيشها أكبر مستشفيات وزارة الصحة وهي مستشفى الشفاء وسط القطاع، حيث تستقبل يوميا آلاف الجرحى ومئات الشهداء في ظل إرهاق كامل للكوادر الصحية وتعثر كبير لسيارات الإسعاف للوصول إلى مناطق مختلفة على مستوى قطاع غزة، والوصول إلى الجرحى والمصابين. يوجد آلاف المفقودين تحت الأنقاض في ظل تعثر إمكانيات الدفاع المدني في الوصول إلى الجرحى وإلى عدد كبير من الشهداء تحت الأنقاض خاصة في ظل ظروف استثنائية وصعبة وعدم إمكانية هذه الأجهزة المتوفرة لدى الدفاع المدني، وصعوبة تحصين ما يمكن تحصينه في هذه الأثناء. وعلى صعيد التغطية الإعلامية، تم استهداف 34 صحفيا استشهدوا خلال تأدية عملهم، ومنهم من تم استهدافه في منزله، هناك صعوبة لدى المواطنين في الحصول على المياه، والكهرباء ما تزال مقطوعة بالكامل عن القطاع منذ بداية عدوان الكيان الصهيوني، حيث أعلنت سلطة الطاقة عن توقف المولدات منذ أكثر من 15 يوما. قطاع الصحة يعاني في ظل هذه الظروف الاستثنائية ووصول شهداء وتسجيل إصابات بكم كبير فاق قدرة المستشفيات على الاستيعاب، كما أن الانتهاكات ضد المنظومة الصحية ما زالت متواصلة، ووفق تقرير وزارة الصحة والناطق باسم الوزارة فقد استشهد أكثر من 100 من الكوادر الطبية والصحية، وتم تدمير 25 سيارة إسعاف وخروجها عن الخدمة. تم كذلك استهداف 57 مؤسسة صحية و12 مشفى و32 مركز رعاية أولية، وكذلك أدى عدم إدخال الوقود إلى وضع وزارة الصحة في أمر لا تحسد عليه، وقد حذرت من وقوع كارثة صحية جراء نزوح عدد كبير من المواطنين إلى هذه المستشفيات التي تحولت إلى مراكز إيواء تضم عشرات الآلاف من النازحين في ظل ظروف صحية صعبة للغاية قد تسبب انتشار الأوبئة. أما على صعيد المساعدات فجميع ما دخل قطاع غزة من معبر رفح حسب إفادة إدارة الإعلام بالمعبر، نحو 73 شاحنة، واليوم دخلت قرابة 13 شاحنة، وهذا عدد لا يكاد يكفي مركز إيواء واحد، لأنه إذا تحدثنا عن الوضع الطبيعي فغزة كانت تستقبل بشكل يومي نحو 500 شاحنة من الإمدادات لم تكن تكفي، فما بالك ونحن نتحدث عن عدد كبير من مراكز الإيواء التي تستقبل مئات النازحين. الظروف صعبة واستثنائية، غزة تعاني وما زالت تعاني، ونسأل الله السلامة للجميع. يسقط يوميا مئات الشهداء والمصابين جراء القصف الصهيوني، كيف تتعاملون مع جثامين الشهداء؟ وأين يدفنون في ظل هذا الوضع الصعب؟ في ظل الحديث عن الشهداء والمقابر وآلية الاستيعاب، قطاع غزة فعليا يعاني من عدم وجود مساحات أراضي تتعلق بتوفير مقابر جديدة، القطاع يتوفر على 60 مقبرة موزعة على محافظاتغزة الخمسة، وهناك عدد منها تم إغلاقها نتيجة امتلائها، وفق ما أعلنته وزارة الأوقاف منذ قرابة العام. لقد تم اتخاذ قرار بإيجاد البدائل لمتابعة العمل الحكومي بالتنسيق مع وزارة الحكم المحلي وسلطة الأراضي، علما أيضا أن عددا من المقابر خلال أكثر من عدوان تعرض للقصف ما أدى إلى تناثر أشلاء الأموات. وزارة الأوقاف بدورها وانطلاقا من طبيعة خبرتها في عديد الحالات الخاصة بالطوارئ والحروب تقوم بتوفير عدد من القبور الخاصة بالحالات الطارئة، حيث وفرت نحو 1610 قبر موزعة على محافظات القطاع. وهذه الحرب وهذا العدوان فاق كل التوقعات التي يمكن أن يتخيلها الإنسان، حيث استهدف الاحتلال كل شيء، نتحدث عن إنسان وحيوان وطيور جماد ومبان، دون أدنى احترام لحقوق الإنسان. في يوم واحد تم في مقبرة واحدة دفن أكثر من 300 شهيد، وإزاء كل هذه الصعوبات والمعوقات، قامت وزارة الأوقاف لحل هذه المشكلة بحفر خطوط دون بناء قبور، ووضعت الجثامين فيها فوق بعض سترة للأموات وخوفا أيضا من تفشي الأمراض خاصة. غزة تعاني الآن من عدم وجود حفارات و وقود يساعد في عملية الحفر والدفن، حيث استهدِف عدد كبير من الجرافات وسيارات الإسعاف وسيارات الدفاع المدني التي كانت تساهم في هذا الجانب، هناك أيضا عدد من القبور التي تمت تغطيتها بقطع حديد. نتحدث يوميا عن عدد متواصل من الشهداء لا يقل عن 300 إلى 400 شهيد أو يزيد. لقد ناشدت وزارة الصحة في إحدى اللقاءات والمؤتمرات الصحفية كل الأطراف المعنية بضرورة العمل على دفن الجثث، خاصة وأن المستشفيات امتلأت بشكل كبير بالشهداء، وحذرت إزاء هذا التطور من حدوث كارثة بيئية إن لم يكن الدفن سريعا، أيضا في ظل تواجد عدد كبير من المواطنين النازحين الذين يمكثون في المستشفيات، مما قد ينذر بكارثة بيئية. أيضا وزارة الأوقاف ونظرا لصعوبة الوضع حفرت خطوط دفن فيها 65 شهيدا من مجهولي الهوية منهم أشلاء وصغار، ولا تزال هناك صعوبة في توفير الحفر والوقود اللازم الذي قد يساهم في معالجة ولو جزء بسيط من المشكلة، لكن الوضع مأساوي. دخل إلى غزة عدد قليل من الشاحنات المحملة بالمساعدات منذ بداية العدوان، كيف يتعامل سكانها مع صعوبات التموين بالمواد الغذائية؟ بات قطاع غزة يعاني معاناة كبيرة جراء عدم توفير هذه الحاجيات المتعلقة بالمواد الغذائية ومياه الشرب، بفعل نزوح عدد كبير من السكان إلى جنوب القطاع، وأصبح توفير هذه الأمور عملية صعبة ومعقدة، خاصة ونحن نتحدث مثلا في محافظة رفح حسب إفادة الجهات المختصة عن وجود 25 بئرا تعمل منها ثلاثة فقط، ويتم بذل جهود حثيثة لتوفير مياه الشرب للمواطنين. بالتأكيد هناك صعوبة بالغة وكبيرة ومعقدة في وصول المياه للمنازل، خاصة ونحن نتحدث عن 4 ساعات فقط يتم فيها ضخ المياه من خلال هذه الآبار لإيصالها إلى المنازل، مع صعوبة كبيرة في وصولها إلى الطوابق العلوية نتيجة نفاد الوقود وعدم مقدرتهم على تشغيل المولدات الكهربائية، إثر انقطاع الكهرباء بشكل كامل عن محافظات قطاع غزة منذ أكثر من أسبوعين، كما تشكلت طوابير طويلة أمام الآبار من طرف المواطنين لتعبئة المياه للحمامات والغسيل ومتطلبات الحياة الطبيعية أو الشرب. نتحدث أيضا عن طوابير طويلة تحصل للحصول على خبز، وهناك عائلات تتكون من 8 أفراد إلى 15 فردا تحصل في اليوم على ربطة خبز واحدة، والبعض يحصل على أقل من ربطة خبز، وهناك من لا يحصل عليها نهائيا. عدد كبير من المحلات التجارية سواء الكبيرة أو الوسطى بدأت تنفد منها المواد الغذائية نتيجة الطلب الكبير على شراء الحاجيات. الخدمات الصحية في المستشفيات ستتوقف قريبا نتيجة عدم وجود الكهرباء وقرب نفاد الوقود، وبالتأكيد هذا يمثل كارثة كبرى ستحول مستشفيات قطاع غزة إلى ثلاجات أموات، وعدد كبير من الأجهزة الطبية ستتوقف. ن.ع