منادي يخطط لسحب الثقة، قوادرية يتمسك بجماعته والإدارة تضع مخططا للتعامل مع الأزمة قوادرية : التحاقي بالبرلمان لا يعني فتح الطريق أمام منادي للعودة إلى النقابة عاد الهدوء بصفة تدريجية أمس الجمعة إلى مختلف ورشات مؤسسة أرسيلور ميطال عنابة، عقب تليين جماعة منادي من موقفها في طريقة الإحتجاج أمام مقر المديرية العامة، إثر الإعلان عن ظفر الأمين العام الحالي للفرع النقابي إسماعيل قوادرية بمقعد في البرلمان كنائب عن الدائرة الإنتخابية لولاية قالمة تحت لواء حزب العمال، في الوقت الذي ظلت فيه الإطارات الأجنبية، خارج المركب واكتفت بتسيير المؤسسة من مقر إقامتها بفندق "الصلب" الكائن بمجمع "سيدار " بسيدي عمار. ولو أن الغموض أصبح يكتنف مصير النقابة بعد التعليق الأوتوماتيكي لعهدة قوادرية على خلفية إنتخابه في البرلمان، الأمر الذي قد يعبّد الطريق أمام منادي للعودة إلى المنصب الذي كان قد تنازل عنه مرغما قبل نحو خمس سنوات، رغم أن بعض الأطراف تتحدث عن تكليف أحد أعضاء المكتب التنفيذي للفرع النقابي بتسيير الأمور بفترة إنتقالية قبل برمجة جمعية عامة إستثنائية لإنتخاب أمين عام جديد.هذا وقد أكد قوادرية في إتصال مع "النصر" بأن ظفره بمقعد في المجلس الشعبي الوطني عقب إعلان المجلس الدستوري عن نتائج الطعون لا يعني بأنه سيضع حدا لنضاله النقابي في مركب الحجار، حيث صرح قائلا في هذا الشأن : " لا يمكنني ترك العمال في هذه الوضعية، لأن المركب تم إقتحامه من طرف أشخاص غرباء، و المديرية بادرت إلى إتخاذ جملة من التدابير بالتنسيق مع النقابة، و حضوري ضروري غدا الأحد للحسم في قضية الإعتصام الذي ينظمه منادي و جماعته أمام المديرية العامة و مقر الفرع النقابي، لأننا لا بد أن نطهر محيط المركب من هذه المجموعة التي تحاول زرع الفتنة و البلبلة، قبل الفصل في مصير الفرع النقابي، كوني مجبر على إنهاء عهدتي بسبب إلتزاماتي، والقرار يبقى بيد المكتب التنفيذي للنقابة، و الجمعية العامة للعمال ". واعتبر قوادرية حديث جناح منادي عن جمع التوقيعات لسحب الثقة منه مجرد مناورة فاشلة، ملمحا إلى أنه يعتزم تكليف أحد أعضاء مكتبه بتسيير شؤون الفرع النقابي بصفة مؤقتة إلى غاية تهيئة الأرضية لبرمجة جمعية عامة إستثنائية في غضون الأسابيع القليلة المقبلة لتجديد الفروع النقابية لمختلف الورشات ثم مكتب النقابة والأمين العام الجديد، مشيرا في هذا السياق إلى أن جماعته ستواصل مساعيها الرامية إلى قطع الطريق أمام منادي ومنعه من العودة إلى نقابة المركب، لأنه وعلى حد قوله المتسبب الأول والوحيد "في أجواء الفوضى التي عاشت على وقعها المؤسسة طيلة الأسبوع المنقضي ". من الجهة المقابلة واصل عيسى منادي سلسلة إعتصاماته أمام مبنى المديرية العامة، حيث بادر ظهيرة أول أمس الخميس إلى تنظيم تجمع عمالي في الساحة المحاذية للمديرية، كشف فيه عن الخطوط العريضة للبرنامج الذي سطره، حيث أوضح في هذا الإطار بأن عودته إلى المؤسسة منذ الأحد الماضي كانت إستجابة "لنداء الإستغاثة" الذي قال أنه تلقاه من طرف ممثلين عن العمال، والذين طالبوه بضرورة العودة والتواجد إلى جانب الكتلة العمالية للمركب، على اعتبار أن النقابة الحالية لم تتمكن حسبه من تحقيق المطالب العمالية، ووضعية العمال في تدهور مستمر، خاصة على مستوى الفرن العالي، فضلا عن كون الأمين العام للفرع النقابي كان قد ترك المركب في مواجهة موجة إحتجاجات وتفرغ لحملته الإنتخابية للتشريعيات كما أضاف. و أشار منادي إلى أنه يعتزم ترأس الفرع النقابي لفترة وجيزة من أجل تسوية الكثير من الأمور التي تخص مطالب العمال ووضعياتهم المهنية والاجتماعية قبل الإنسحاب من المؤسسة كونه مقبل على التقاعد وكان بصدد إعداد ملفه الإداري، لكن عودته إلى المركب دفعته إلى البقاء إلى جانب العمال ليخلص إلى الجزم بأن ستة أعضاء من مكتب الفرع النقابي إستقالوا من مناصبهم، وممثلو الفروع النقابية على مستوى الورشات والوحدات الإنتاجية لازالوا بصدد جمع التوقيعات لسحب البساط من تحت قدمي قوادرية وجماعته، وقال أن عريضة سحب الثقة تم الإمضاء عليها من طرف 2600 عامل إلى غاية عشية أول أمس الخميس. بالموازاة مع ذلك، بادرت إدارة المركب إلى التقدم بشكوى رابعة ضد منادي وجماعته على خلفية تواصل الإعتصامات العمالية أمام مبنى المديرية العامة، الأمر الذي أجبر الإطارات الأجنبية للمؤسسة يتقدمهم المدير العام جو كازادي على مغادرة المقر ظهيرة الأربعاء الماضي تجنبا لأي رد فعل سلبي من العمال المعتصمين، ولو أن كازادي وجّه مراسلة إلى مستخدمي المؤسسة تضمنت توضيحات بخصوص قرار إنسحاب الموظفين الأجانب من المركب، حيث أوضح في هذا الصدد في البيان العمالي الذي تحوز "النصر" على نسخة منه " أن دوافع المغادرة تعود بالدرجة الأولى إلى تواجد أشخاص غرباء على المؤسسة داخل المركب طيلة أسبوع كامل "مما أدى إلى حدوث فوضى، حيث وجدنا أنفسنا مرغمين على الانسحاب المؤقت، والإشراف على التسيير الإداري من بعيد".وتضمن ذات البيان قرار الإطارات الأجنبية القاضي بمواصلة العمل في الجزائر، لأن الوضعية لا تعني بأن حياتهم في خطر مادامت المديرية العامة ليست طرفا في القضية، بل أن ظروف العمل المناسب غير متوفرة في ظل توتر الأجواء بين مجموعات من العمال، حيث ذهب كازادي إلى حد طمأنة مستخدمي المؤسسة على أن عودة الأجانب إلى مبنى المديرية العامة سيكون بمجرد الهدوء التام للأوضاع. على صعيد آخر عقدت السلطات المحلية لولاية عنابة أول أمس الخميس جلسة عمل خصّصت لدراسة الوضع السائد في المركب سيما بعد الإشعار الذي أرسلته المديرية العامة لمؤسسة "أرسيلور ميطال" بشأن التوتر العمالي، وعليه فقد تم ضبط مخطط أمني يضمن أمن وسلامة كل الإطارات مع تسخير القوة العمومية لإلزام جماعة منادي بمغادرة الساحة المحاذية لمبنى الإدارة والتي ظلت تتخذها كمكان لتنظيم التجمعات اليومية، وهي التدابير التي ينتظر حسب تصريح قوادرية للنصر أن تدخل حيز التطبيق بداية من هذا الأحد، لأن منادي سيفقد الحصانة البرلمانية، حيث قال أن وحدات الأمن ستتدخل لإجبار الأشخاص الغرباء على مغادرة المركب في الوقت الذي قرر فيه الفرع النقابي تنظيم مسيرة عمالية يوم الثلاثاء القادم "لتطهير مقر النقابة من المجموعة التي ظلت تسيطر عليه منذ أسبوع "، وهي مؤشرات توحي بأن الأوضاع مرشحة للتصعيد في حال تمسك جناح منادي بخيار الإعتصام أمام مبنى الإدارة للمطالبة بفتح باب المفاوضات مع المدير العام، مقابل وضع جماعة قوادرية لخارطة طريق على أمل النجاح في إستعادة مقر الفرع النقابي، لأن المحسوبين على منادي كانوا قد إكتسحوا مختلف الورشات والوحدات الإنتاجية وشرعوا في جمع التوقيعات الخاصة بعريضة سحب الثقة من قوادرية.