العداء الذي رفضته الاتحادية أعاد ألعاب القوى الجزائرية إلى الواجهة العالمية - أعاد تتويج توفيق مخلوفي بالميدالية الذهبية لأولمبياد لندن، البريق لألعاب القوى الجزائرية التي غابت عن منصات التتويج في أكبر المحافل الدولية الكبرى، وجاء ابن سوق اهراس ليعيد الزمن الجميل ، زمن التتويجات الكبرى في حضرة الأمم العظيمة، لكن بلوغ سقف العالم لم يكن بالسهل، وبقدر ما كانت الفرحة كبيرة بالتتويج ، كانت معاناة العداء كبيرة. لم يكن أحد يتوقع أن العداء مخلوفي الذي بدأ مشواره في نادي الحماية المدنية بسوق أهراس سيبلغ هذا الشأن ، إلا التقني عمار براهمية الذي لم تخطئ عينه البطل وأيقن من البداية أن مخلوفي بإمكانه أن يبلغ نفس مستوى مرسلي ، ويقول براهمية لوكالة الانباء الالمانية أن تتويج مخلوفي في لندن كان "بمثابة حلم تحقق رغم كل الظروف الصعبة والعراقيل التي صاحبت مشوار هذا النجم القادم من عمق الجزائر". ويتذكر براهمية بمرارة أحد أيام عام 2008 عندما رفضت الاتحادية الجزائرية لألعاب القوى التكفل بالعداء الواعد مخلوفي، ويقول: "إن بدايات مخلوفي كانت مليئة بالصعوبات والعراقيل. فهذا العداء قبل أن يصل لما حققه اليوم عانى كثيرا سواء في الجزائر أو خلال المعسكرات التي كنا نجريها في ايفران بالمغرب". وأضاف: "أذكر جيدا كيف أن الاتحادية ونادي المجمع البترولي رفضا مساعدته حيث كان يضطر في بعض الأحيان للإقامة عند زميله المخضرم كمال بولحفان في فندق المهدي ، وكان الأخير يشتري له الشطائر". وتابع براهمية: "تحدى مخلوفي كل هذه العراقيل وكان يتفوق أحيانا على زملائه في الفريق كطارق بوكنزة وزرق العين. لكني أعتقد أن بدايته الحقيقية كانت خلال ألعاب البحر المتوسط عام 2009 بمدينة بيسكارا الايطالية عندما حل رابعا في نهائي سباق 1500 م الذي توج به زميله بوكنزة". وعمل مخلوفي على تحسين توقيته على مسافة ال1500م، وبالموازاة مع تحسن أداء العداء مخلوفي تواصلت مشاكل براهمية المتكررة مع مسؤولي الاتحادية لألعاب القوى جعل العداء ينظم للفريق العربي الذي يشرف عليه المدرب الصومالي جاما أدن ويضم بين صفوفه السوداني أبو بكر كاكي والقطري حمزة دريوش ، هذه النقلة ساعدت العداء الجزائري على رفع نسق وتوقيت مشاركاته فيعلى مسافتي ال1500م و 800م حيث توج بالميدالية الذهبية لسباق الألعاب الإفريقية ، كما حسن توقيته الشخصي على 1500 م (بثانيتين و14 جزءا من الثانية ) في تجمع موناكو في جويلية الماضي بزمن 3دو80ر30 ثانية وهو ثالث أفضل توقيت يحققه عداء جزائري لهذا السباق على مر العصور بعد نور الدين مرسلي (3دو37ر27 ثانية) وعلي سعيدي سياف (3دو51ر29 ثانية). ويؤكد براهمية: "بصراحة انتزع مني مخلوفي في بداية العام لأن المسؤولين خيروه بين البقاء في فريقي أو قطع المساعدات التي تسمح له بالتحضير فقرر الانضمام لمدرب آخر ساعده على النجاح أيضا، ولكن من غير المنطقي أن يقال إن تتويجه الأولمبي جاء نتيجة العمل لمدة ستة أشهر فقط". في مهد مسافة ال1500 أعاد مخلوفي ألعاب القوى الجزائرية إلى الواجهة بعد غياب طويل، فمنذ ذهبية بنيدة مراح في أولمبياد سيدني ، غابت التتويجات عن العدائيين الجزائريين، إلى غاية أول أمس، ليفتح من توفيق مخلوفي الطريق لتتويجات اخرى للجزائر ، سقف العالم لم يكن بعيدا في قلب مخلوفي الذي كان يحلم بهذه اللحظة التاريخية ، قلبه حمل الحلم وفي لندن ، فرج فرحة الحلم الكبير.