انقسامات حادة في صفوف الجيش المالي بسبب طلب التدخل العسكري للإيكواس في الشمال يعرف المشهد السياسي في مالي مزيدا من التعقيدات في ظل انقسام في صفوف القوات المسلحة بشأن طلب الحكومة الإنتقالية تدخلا عسكريا مباشرا لقوات المجموعة الإقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) شمال البلاد لإنهاء سيطرة الجماعات المسلحة عليه منذ انقلاب 22 مارس الماضي واستعادة الوحدة الترابية للبلاد. و إن كانت وزارة الدفاع وقيادة أركان الجيش في مالي تدعمان صراحة طلب الحكومة الإنتقالية مساندة و حدات عسكرية من دول "إيكواس" فإن الأمر مختلف جذريا بالنسبة للكثير من الضباط وضباط الصف في الجيش المالي نفسه، وخلال اجتماع داخل ثكنة "كاتي" التي تؤوي الإنقلابيين السابقين قرب العاصمة باماكو لم يخف أغلب الضباط وضباط الصف المدعومين بآلاف الجنود معارضتهم لطلب الرئيس الإنتقالي تراوري من ايكواس إرسال 3300 عسكري ليكونوا تحت إمرأة الحكومة المالية من أجل تأمينها من جهة وخوض الحرب ضد الجماعات الإسلامية في الشمال من جهة ثانية. وتقول مصادر مطلعة في باماكو إن النقيب أمادو سانوغو قائد انقلاب مارس الماضي بذل جهدا مضاعفا لتهدئة رفاقه الغاضبين من قرار الرئيس تراوري مشددا على إقناعهم بأن الوقت ليس وقت التفكير في انقلاب جديد. ولحد الآن لم تتفق جميع الأطراف المالية بشأن دخول قوات اكواس إلى مالي لتحرير شماله، فبعدما أعلنت قيادة أركان الجيش المالي في بيان رسمي موافقتها على تلك الخطوة تراجعات في اللحظة الأخيرة لتفادي الانقسام في صفوف الجيش المالي، وكان الرئيس تراوري تقدم في رسالة وجهها إلى نظيره الإيفواري الحسن واتارا الذي يترأس تجمع "ايكواس" تقدم بطلب رسمي له لمساعدة بلاده على استعادة شمال البلاد من أيدي الجماعات المسلحة. وتقدم الرئيس تراوري تحت ضغط تحالف يضم 40 حزبا سياسيا إلى جانب تشكيلات أخرى من المجتمع المدني بهذا الطلب قبل فوات الأوان ولتجنب مفاجآت قد تعيد بعثرة الحسابات في المنطقة في ظل زحف الجماعات المسلحة نحو الجنوب بعد تعزيز سيطرتهم على الشمال. وكانت الجماعات المسلحة سيطرت مؤخرا على مدينة "دوينتزا" الإستراتيجية التي تقع وسط مالي لتتسع بذلك رقعة سيطرتهم على شمال البلاد، وقال سكان محليون إن مواجهات قصيرة وقعت بين عناصر الجماعة التي تطلق على نفسها إسم حركة "التوحيد والجهاد" ومسلحين محليين كانوا يقومون بحماية المدينة، وذلك قبل أن يتمكن المسلحون الإسلاميون من السيطرة على المدينة وتتمتع "دوينتزا" بأهمية استراتيجية لأنها تجعل المسلحين أكثر قربا من مناطق جنوب غربي البلاد التي تسيطر عليها القوات الحكومية وحسب سكان وشهود عيان من "ديونتزا" إن سيارات ذات دفع رباعي اقتحمت البلدة وعلى متنها عشرات من المسلحين المنتمين إلى الجماعات المسلحة التي تسيطر على أكبر مدن الشمال/ غاو تمبوكتو كيدال. وقالت مصادر أمنية نقلا عن أحد المسلحين الذين كانوا يتولون حماية البلدية قوله إن المسلحين فرضوا طوقا حول المدينة وطلبوا من المسلحين المحليين الإستسلام، مضيفا "أجرينا اتصالات في محاولة لطلب إمدادات ولكن عندما لم يظهر أحد قررنا إلقاء السلاح". ومن المقرر أن تعقد المجموعة الإقتصادية لدول غرب افريقيا (ايكواس) اجتماعا استثنائيا سيخصص لبحث الأزمة في مالي وفقا لما أعلنته الرئاسة الإيفوارية التي تترأس التجمع الإقليمي. ويعتبر هذا الإجتماع الذي سيعقد على مستوى وزراء الدفاع و الخارجية والإندماج الإفريقي ويسبقه اجتماع لرؤساء الأركان الأول من نوعه منذ الطلب الذي قدمتها الحكومة الإنتقالية المالي للتجمع الإقليمي من أجل التدخل في شمال مالي. وكانت مالي حتى بداية هذا العام من أكثر دول غرب إفريقيا استقرارا غير أنها شهدت منذ ذلك الحين تمردا بدأه الطوارق (الحركة الوطنية لتحرير الأزواد) ليليه انقلاب عسكري ضد نظام الرئيس السابق امادو توماني توري لينتهي بسيطرة الجماعات الإسلامية المسلحة على الشمال سيطرة مطلقة.