فرقة "أريج" المغربية تسحرالحضور ب "الآلة" و تواتي و ريغي و رفاس يعيدون "صالح باي" إلى عرش المالوف هز سهرة أول أمس الجوق المغربي النسوي "أريج" أرجاء المسرح الجهوي بقسنطينة و قلوب الحضور بالقصائد و الأغاني الأندلسية التي أبرزت بأنامل العازفات السحرية و أصواتهن الصادحة رونق طابع "الآلة"الذي طاب له المقام بشمال هذا البلد الشقيق،فارتبط بإبداعات أبنائه و بناته و فاح "أريجه" التراثي و الطربي الأصيل،معانقا بحرارة المالوف القسنطيني بمهرجانه السنوي الذي تزامن مع احتفالات خمسينية عيدي الاستقلال و الشباب ،فكان العرس مغاربيا بهيجا مليئا بالحنين إلى زمن الفن الجميل ببلاد الأندلس و كلل بتكريم أحد رموزه وهو الشيخ عبد الرشيد بو خويط البالغ من العمر 82 عاما، الذي لم يخف تأثره الشديد بهذه الالتفاتة رغم تأخرها بسنوات و أجيال كما أسر ل "النصر" مشيرا إلى ضمادة بذراعه حيث يثبت جهاز تصفية الكلى عدة مرات كل أسبوع. افتتحت فعاليات الطبعة السادسة من المهرجان الثقافي الدولي للمالوف بالترحيب بالحضور و بتكريم عمي رشيد كما يناديه طلبته و أصدقاؤه و كافة الحضور. فهو من أبرز الفنانين المهمشين و المنسيين.رغم أن ذاكرة الفن و التراث تؤكد بأنه من الأوائل الذين درسوا ال"سولفاج" و أصول الموسيقى و قواعدها الفنية الأكاديمية على يد أساتذة متخصصين في سنة 1948 بالمعهد الموسيقي بقسنطينة . و افتك لقب أحد أهم رواد و أساتذة الموسيقى الكلاسيكية ببلادنا عندما تكفل بتلقين قواعد الموسيقى الأندلسية و المالوف على وجه الخصوص لعدة أجيال من الفنانين و انضم إلى العديد من الجمعيات الفنية النشطة قبل أن يجد ضالته في فرقة المرحوم بن طوبال و كأستاذ بالمعهد البلدي للموسيقى. و اضطر للتوقف عن كل نشاطاته منذ أكثر من سنة بسبب اصابته بمرض حاد على مستوى الكليتين ألزمه الفراش.صعود عمي رشيد إلى منصة التكريم كان جد مؤثر و متأخر، لكنه ترك صدى طيبا في نفسه و في قلوب كل الضيوف . و جاء دور جوق "أريج"المغربي النسوي الذي يضم عشر عازفات شابات على مختلف الآلات الموسيقية التقليدية التي ارتبطت لعدة قرون بالموسيقى الأندلسية بمسقط رأسها الأصلي بغرناطة و اشبيلية و قرطبة قبل أن تستوطن البلدان المغاربية و تفجر ابداعات فنانيها و فناناتها، صعدن إلى الركح ليبددن التأثر و الحزن و يتحفن الحضور بمختلف القصائد و الأزجال التي تصنف في خانة طابع "الآلة " و هو طابع ارتبط بالموسيقى الأندلسية التراثية بالمغرب و أزهر و ازدهر بشماله على وجه الخصوص. ثم استعرضن باقات جميلة من ألوان الأغاني و "الطقطوقات" التراثية الرائجة في حفلات و أعراس و أفراح هذه المنطقة . و الجدير بالذكر أن "أريج" الذي انبثق في سنة 2004 عن جمعية الموسيقيين الشباب للإنماء الثقافي و الاجتماعي بطنجة ، يعتبر أول جوق نسائي بالمغرب حظي بتكوين أكاديمي علمي و فني كامل على يد أساتذة متخصصين بالمعهد الموسيقي بمدينة طنجة، فأصبح سفيرا لبلده و مدينته و فناناته بالتظاهرات الفنية و الثقافية الدولية كما قال رئيسه المايسترو محمد لطفي الخمال .بالاضافة إلى مشاركاته الكثيرة في إحياء حفلات طربية بمختلف المدن المغربية و آخر ظهور لزهراته على شاشة التليفزيون كان مؤخرا من خلال البرنامج الفني الحواري "شذى الألحان" الذي تبثه قناة" 2 أم" المغربية .الحضور الكثيف للقسنطينيين من مختلف الشرائح و جلهم من الفنانين المعروفين لم يخف اعجابه و تجاوبه مع عزف وغناء زهرات "أريج"اللائي كن يرتدين الأزياء التقليدية المغربية المطرزة، فصفقوا وهتفوا بحرارة في كافة فقرات هذا العرض "الطنجاوي" و خاصة عندما تصدح مغنية الفرقة و عازفة الكمنجة الطالبة بكلية الاقتصاد بطنجة عبير العابد ذات ال20 ربيعا . و بمجرد اختتام العرض ، صعد إلى الركح رئيس الجوق ليحيي الحضور و يقدم فناناته و يهنيء الجزائريين بالمهرجان و ذكرى عيد الاستقلال كما التحق بالركح المتدفق الأنغام و التهاني عميد المالوف القسنطيني الحاج محمد الطاهر الفرقاني ليعبر عن اعجابه الشديد لحد الانبهار بما قدمه الجوق الضيف من أغان طربية من عمق التراث الأندلسي ببصمات مغربية مبدعة و حظيت جميلات طنجة بتكريم قسنطيني خاص. الموعد التالي كان مالوفيا بحتا ، فقد زينت فرقة من العازفين القسنطينيين المحترفين الركح يتقدمها ثلاث من نجومه هم توفيق تواتي و عباس ريغي من قسنطينة و سليم رفاس من عنابة فقدموا عرضا طربيا مميزا استهلوه بانقلابات الحسين ثم غاصوا في كنوز المالوف ليستخرجوا لؤلؤة "صالح باي" بكل رموزها التاريخية و الاجتماعية و السياسية و الانسانية و الفنية الجمالية ليهدوها للجمهور و الضيوف المعاربة و العرب الذين تجاوبوا لحد الانصهار مع أصوات المطربين القوية و الشجية المعبرة و الموسيقى التي شكلت جسرا نغميا عذبا بين رموز الحنين للتراث و التاريخ و" زمن الوصل بالأندلس "و يوميات قسنطينة القديمة و الحديثة .و لا مفر من توزيع باقات و شهادات التكريم عن استحقاق و جدارة على هذه القامات الفنية الشابة في ختام الحفل .