في اليوم الثاني والعشرين نوفمبر من سنة 1972، رحلت عن عالمنا الكاتبة الجزائرية المتألقة زليخة السعودي، دون أن ترى أحلامها النور، وقد صدرت جميع أحلامها، بفضل جهود الباحث والناقد د. شريبط أحمد شريبط. في هذه الورقة وقفة بهذه المناسبة. نورالدين برقادي الكاتبة من مواليد 20 /12 /1943 ببابار (جنوبخنشلة). درست في الكتّاب، ثم في مدرسة الإصلاح. تحصلت على الشهادة الابتدائية سنة 1956، وعلى الشهادة الأهلية سنة 1963. بعد نجاحها في مسابقة إذاعية انتقلت إلى الجزائر العاصمة. كتبت: القصة القصيرة، المسرح، المقال..الخ. نشرت في العديد من الجرائد والمجلات الجزائرية. تعتبر رائدة الكتابة النسوية في الجزائر بشهادة جل الكتاب والباحثين في تاريخ الأدب الجزائري (واسيني لعرج، جيلالي خلاص..). وقّّعت كتاباتها بأسماء مستعارة: أمل، آمال.. الخ. راسلت العديد من الكتّاب الجزائريين خاصة الروائي المرحوم الطاهر وطار. توفيت يوم: 22/ 11/ 1972. أقيمت عدة ملتقيات أدبية حول أدب زليخة السعودي، أهمها الأيام الأدبية الأولى زليخة السعودي بخنشلة من 08 إلى 10 ماي 2000، بحضور عدد من الأدباء: عزالدين ميهوبي، جمال رميلي، عبد الحميد شكيل، الوازنة بخوش..الخ. وقد أطلقت محافظة مهرجان الشعر النسوي الذي ينظّم سنويا بقسنطينة على إحدى طبعاته اسم زليخة السعودي. جمع آثارها الدكتور شريبط أحمد شريبط في كتاب صدر سنة 2001، عن اتحاد الكتاب الجزائريين وولاية خنشلة، كما صدرت آثارها الكاملة عن منشورات القصبة بالجزائر سنة 2009. قالوا عنها: الشاعر عبد الحميد شكيل "..في الوقت الذي كان الصوت النسائي في ميدان الكتابة الأدبية والفنية يكاد يكون معدوما، في هذه الأثناء برزت زليخة السعودي كأقوى ما تكون الأصوات الأدبية الأصيلة تحمل في نفسها الشاعرية الطيبة بوادر الوعي الثوري.. مؤمنة بضرورة تغيير العلاقات الجدلية التي تسود المجتمع الجزائري، لقد بدأت الكتابة في أواخر الخمسينات واستطاعت أن تبني لنفسها شخصية أدبية ذات ملامح فنية خاصة..". لناقد د. شريبط أحمد شريبط "..استغربت كيف أنّ هذه المرأة عاشت في هذه البيئة وتكتب بهذه الطلاقة وبهذه الفصاحة البلاغية خاصة في اللغة العربية. كانت تتنقل بسهولة عجيبة جدا بين الأجناس الأدبية، فكتبت القصة القصيرة والمقالة الاجتماعية، الخواطر، المحاولات، الشعر.. زليخة السعودي كانت أول من يتحدث هنا في الجزائر عن نجيب محفوظ وعن بدر شاكر السياب وعن فدوى طوقان وغيرهم من الأدباء العرب.. ظلّت زليخة السعودي تحلم بطبع مجموعتها القصصية "أحلام الربيع".. كنت أسابق الزمن ويسابقني، كنت صباحا أقوم بعملية تصفية الكلى وفي المساء إلى ساعة متأخرة من اللّيل أقوم بكتابة أعمالها..". لكاتب الصحفي علاوة وهبي "..أن تكتب امرأة ودائعية بمعنى الكلمة عن انتصارات وانكسارات وطن اشتهى كلّ الأشياء الجميلة التي حرم منها.. يعتبر انجاز فرداني غير مسبوق في زمن عجز فيه الرجال أنفسهم على الكتابة.. كانت الكتابة في تلك الحقبة حكرا على النخبويين المؤدلجين سياسيا بينما انتماء زوليخة كان انتماء عفويا للوطن دون يافطة معينة.. انتماء للإنسان الجزائري خريج التجربة الثورية المدهشة قبل أن تمسخه إسقاطات ما بعد الاستقلال.. لقد جعلت من الكتابة ميثاق شرف لم تستثنها من مكاشفات تصادمية مع المنطقي واللاّ منطقي.. العقلاني واللاعقلاني..".