الأفارقة يتركون فرنسا لوحدها في مستنقع مالي رفضت قوات من بوركينافاسو و نيجيريا التحرك في مالي بأوامر فرنسية لتأمين مدينة ديابالي التي سيطرت عليها القوات المالية بغطاء جوي فرنسي كثيف، و قال مسؤولون أفارقة في باماكو أن انتشار القوات الافريقية في إطار مهمة مساعدة مالي التي اقرتها الأممالمتحدة لن يكون قبل منتصف شهر فيفري المقبل.فهل ترك الأفارقة فرنسا لوحدها في المستنقع المالي؟ لا يمكن الجزم بأن دولا أفريقية تتمركز قوات عسكرية فرنسية على أراضيها قادرة على الرفض و عصيان أوامر باريس، لكن المشكلة المتعلقة بتمويل حملة جنود منظمة دول غرب إفريقيا "إيكواس" ليست سوى مبررا بيد الافارقة لتأجيل تورطهم في مالي عسكريا و المغامرة في مواجهة مقاتلين مسلحين جيدا و يعرفون تكتيكات الحرب في الصحراء. الخارجية الفرنسية مستاءة للغاية من تأخر وصول و انتشار القوة الأفريقية التي قدرت الأممالمتحدة تعدادها ب 3300 جندي من ثماني دول من غرب أفريقيا، و قد عبر لوران فابيوس مرارا عن غضبه لذلك، مشيرا بابتهاج واضح الى تحرك قوات من تشاد و النيجر على الجبهة الغربية، و يقول القادة الأفارقة أن تمويل مهمة "ميسما" المقدر بحوالي 500 مليون دولار غير واضح المصدر و أن تلك الأموال لا تزال غير جاهزة. كعادة الافارقة فقد أعلن عن تنظيم قمة للدول المانحة في أزمة مالي مبرمجة اليوم 29 جانفي لمعرفة مصدر و كيفيات تمويل الحرب على الارهاب في الساحل. لكن ما يثير خوف القوات الإفريقية من التغلغل في مالي بشكل يسمح لجيش باماكو بالسيطرة على الأقاليم التي خرجت عن سلطته منذ عام تقريبا هو المواجهة الحتمية التي ستجد تلك القوات نفسها مجبرة على خوضها ضد مقاتلين لديهم سلاح جيد و متطور و حديث، و قد أعلن الفرنسيون أنفسهم في بداية حملتهم العسكرية في مالي ضمن مهمة "سرفال" أنهم دهشوا لقدرة و تسليح المقاتلين من عناصر الجماعات الارهابية المختلفة في الساحل. و ليس بمستطاع القوة الأفريقية التي سيؤول إليها أمر مالي في النهاية بموجب قرار مجلس الأمن الدولي الذي أعلن عن مهمة "ميسما" الحفاظ على المواقع التي يسيطر عليها الجيش المالي حاليا في غاو و تمبكتو و كونا و ديابالي و نيونو دون غطاء جوي كثيف و مركز من الفرنسيين لا من غيرهم ما دامت بقية الدول الغربية قد اكتفت بتقديم مساعدات لوجيستية و استخباراتية لباريس في حربها المنفردة على الإرهاب في مالي. الرئيس السينغالي في قمة الاتحاد الافريقي بأديس أبابا قبل يومين قال انه لا يستطيع إرسال جنود سينغاليين إلى مالي لأن داكار ساهمت بجنودها في العديد من مهام حفظ السلام على تراب القارة الإفريقية و انها بحاجة لجنودها في موطنهم، بينما يتواجد على أرض السينغال و دولة الرأس الأخضر 350 جنديا فرنسيا، و في تشاد التي وعدت بإرسال ألفين من جنودها إلى مالي يتواجد 950 جنديا فرنسيا و في جمهورية افريقيا الوسطى المجاورة يوجد 600 جندي فرنسي و في كوت ديفوار التي أرسلت عشرات الجنود إلى مالي يوجد 450 جنديا فرنسيا، و يتمركز القسم الأكبر من عسكر فرنسا في القارة الأفريقية بجيبوتي التي فيها 1900 جندي فرنسي منهم 1400 دائمون و في الغابون 900 جندي منهم 450 دائمون. و تتحفظ المصادر الفرنسية في تقدير عدد الجنود الذين يحرسون منجم اليورانيوم في النيجر بمدينة أرليت لحساب شركة أريفا. فرنسا التي تحتفظ بقوات عسكرية في أغلب مستعمراتها السابقة في القارة السمراء واجهت مشكلة في مالي و لم ينجدها حلفاؤها فيها و قد وجدت فقط في فصيل من المتمردين التوارق في شمال مالي عرضا بمكافحة الإرهابيين هو الحركة الوطنية لتحرير الأزواد التي قالت انها سيطرت على مدينتين في الشمال و لا شك أن باريس ستضطر إلى محاربة المتمردين بالمتمردين و لكنها لن تخرج من حربهم سالمة بأية حال. فقد كلفت الحملة العسكرية في مالي خلال أيامها العشرة الأولى 30 مليون أورو من جيب دافع الضرائب الفرنسي الذي لولا عسكر بلاده لما وجد الطاقة للتدفئة في هذا الشتاء.