بدأت القوات الفرنسية في مالي قتالا بريا ضد متمرّدين في شوارع مدينة «ديابالي»، شمال العاصمة «باماكو»، بحسب ما أفادت مصادر فرنسية، وشارك فيها جنود من القوات الخاصة الفرنسية إلى جانب قوات حكومية في أول عملية برية هامة منذ بدء فرنسا تدخلها في مالي الجمعة الماضية، وقال رئيس قيادة الأركان، «إدوارد غيو»، إن «العمليات البرية قد بدأت». بدأت قوات فرنسية برّية مواجهات مع مسلحي حركة «أنصار الدين» في محيط قرية «ديابالي» على الخط الفاصل بين شمال مالي وجنوبها، بعد عدة أيام من سيطرة التنظيم على هذه القرية وإخراج الجيش المالي منها. ووصفت وكالة الأنباء الفرنسية المواجهات الدائرة في محيط القرية بأنها «مواجهات مباشرة» بهدف استعادة السيطرة على القرى الإستراتيجية الموجودة على هذا الخط، وخصوصا «ديابالي» و«كونا». وأوردت مصادر عسكرية بأن قوات برية فرنسية وقوات من جيش مالي طوقت مقاتلين «إسلاميين» في بلدة «ديابالي» بوسط البلاد أمس، في حين تدفق مئات المتمردين من دول مجاورة تلبية لدعوة من أجل «الجهاد». وقال مصدر ل «سكاي نيوز» إن «القوات الفرنسية قامت بتأمين “نيونو” لوقف تقدم الإسلاميين إلى “سيجو” في حين يؤمن جيش مالي منطقة الحدود مع موريتانيا»، وأضاف: «إنهم محاصرون الآن والهجوم النهائي أصبح مجرد مسألة وقت». وكانت هذه العملية متوقعة بالنظر إلى التعزيزات العسكرية التي وصلت الثلاثاء إلى العاصمة المالية، وقد خرجت قافلة تتكون من نحو 30 عربة عسكرية مصفحة من العاصمة «باماكو» متوجهة نحو مدينة «ديابالي»، التي تبعد 350 كم إلى الشمال، بعد أن وقعت تحت سيطرة المتمردين منذ الاثنين. ولفرنسا في مالي نحو 800 جندي في القوات البرية وتقول باريس إن العدد مرشح للزيادة ليصل إلى 2500 جندي، فيما ينتظر أن يلتحق بهم حوالي 3300 جندي من دول إفريقية عديدة، بدأت طلائعها الوصول إلى مالي. وتزامن التحرّك مع تصريح وزير الدفاع الفرنسي الذي قال فيه إن قوات الجيش المالي لم تسترجع مدينة «كونا» الإستراتيجية في وسط البلاد من «الجماعات الإرهابية»، وذلك بعد أن أكد ذلك ضابط في جيش مالي السبت الماضي. وأفاد «جان-إيف لودريان»، أمس، بأن حملة بلاده ضد متمردين على صلة بتنظيم «القاعدة» في مالي «ستكون طويلة» وأن «القوات البرية الفرنسية تنشر في شمال البلاد»، وفي الوقت ذاته وصف التدخل العسكري بأنه «شديد الصعوبة». وتابع في حديث لإذاعة «آر تي أل» بأنه «حتى الآن نشرنا بعض القوات البرية في باماكو أولا لضمان أمن مواطنينا والمواطنين الأوروبيين ومدينة باماكو»، موضحا أن القوات الفرنسية «تتقدم نحو الشمال.. وأعتبر أن التدخل الفرنسي ضد الحركات المتمردة المسلحة يسير بشكل جيد في القطاع الشرقي من منطقة النزاع»، مشيرا إلى أن «الوضع صعب نوعا ما في الغرب حيث لدينا المجموعات الأكثر قوة وتعصبا وتنظيما وتصميما وتسلحا… تجري الأمور هناك لكن بصعوبة». وجاء على لسانه: «كنا من البداية ندرك جيدا أنها عملية شديدة الصعوبة. إننا أمام المئات أكثر من ألف ما بين 1200 و1300 من الإرهابيين في المنطقة وقد تنضم إليهم تعزيزات لاحقا». كما أبرز «لودريان» أنه «لهذا السبب تقصف القوات الفرنسية قواعدهم الخلفية وخصوصا “غاو” حيث نجحت العملية تماما» وفق تعبيره قبل أن يضيف: «إننا في وضع ايجابي تماما مقارنة بالأسبوع الماضي لكن المعركة متواصلة وستكون طويلة والهدف منها هو أن تستعيد مالي سيادتها على كامل أراضيها». ومن جهته صرّح قائد أركان الجيوش الفرنسية، الأميرال «إدوارد غيو»، ردا على سؤال إذاعة «أوروبا1» بأن «القوات الفرنسية تواجه نزاعا من نوع حرب العصابات وهي معتادة على هذا النوع من القتال»، وذكر أنه « دمرنا نوعين من الأهداف: أهداف ثابتة أي معسكرات تدريب ومستودعات لوجيستية ومراكز قيادة مثلا في “دونتزا” و”غاو”». وكانت موريتانيا أعلنت مناطقها الحدودية مع مالي «مناطق عسكرية»، وقال مصدر عسكري إن هذا الإجراء يهدف لتأمين تلك المناطق بشكل أفضل، ومراقبة التحركات فيها. وتعني الخطوة الموريتانية أن المناطق الحدودية أصبحت تحت سلطة الجيش الذي يمكنه وحده إصدار التراخيص للدخول إليها والخروج منها، ومراقبة هويات الأشخاص الراغبين في التنقل داخلها.