موسم هجرة النحل نحو الصحراء والساحل بدأ تحول النحل إلى طيور مهاجرة ونهاية كل الخريف تغادر مضاربها التي ألفتها منذ الأبد نحو الصحراء والمناطق الدافئة في الساحل،هجرة أجبره عليها المربون في ولاية قسنطينة منذ خمس سنوات من أجل مضاعفة الإنتاج وتحسن نوعية العسل وتفريخ مضاعف للخلايا والملكات الجديدة في ظل توفر الغذاء طوال السنة وبذلك تغيير مجتمعات النحل ساعتها البيولوجية وتضطر للعمل طوال السنة بعد أن كانت تخلد للراحة شتاء وتقتات من بعض ما ادخرت في أشهر العمل الشاقة ربيعا المعهودة لديها أين يضطر الإنسان نفسه إلى مساعدتها بالغذاء خلال أيام البرد العصيبة حينما يفرض الشتاء عليها حظرا للتجول والخروج. الرحلة سمعنا مؤخرا الحديث عنها فشرعنا في رحلة بحث عن روادها من النحالين الذين استطاعوا تسخير مجتمع النحل للعمل طوال السنة وحرموه من راحة الشتاء فحرمهم بدوره من فجوة الراحة التي تعود عليها الفلاحون في نفس الوقت بين موسم البذر و تباشير الربيع. وأخيرا كانت وجهتنا إلى الأعالي الواقعة بين حيي الجذور وزواغي سليمان بمحاذاة الطريق السيار شرق غرب عبر مسلك غير معبد مواز له على مسافة حوالي 1.5 كلم كان في انتظارنا السيد:جوابلية ياسين الذي كان مرشدنا عبر النقال إلى عشه أين كان غارقا مع عماله الذين جلبهم من ولاية سكيكدة في فرز وتصنيف محصول الشتاء من البطاطا بين ما سوف يحتفظ به بذورا وما يوجهه نحو السوق إلا أن ذلك لم يمنعه من الحديث إلينا عن النحل وهجرته نحو الصحراء والساحل باعتباره أحد الذين شرعوا في ذات العملية منذ خمس سنوات فقال أن منتجي قسنطينة فيهم من يتوجه نحو الصحراء وبالضبط إلى المزيرعة وزريبة الوادي ولاية بسكرة التي يكون فيها الربيع مبكرا أو وعزابة والحدائق وصالح بوالشعور طلبا للدفء قرب الغابات أين يكون الغطاء النباتي كثيفا طوال السنة تأثرا بالرطوبة إضافة إلى القالة وعنابة. وعن أهم أسباب هذه الهجرة يقول ياسين، الربيع المبكر في هذه المناطق والدفء والغطاء النباتي الذي يزهر في نفس الوقت فالنحلة عندما تصل تلك المناطق وبمجرد إحساسها بالظروف المناخية فيها تضطر إلى إرسال أفواج الاستطلاع من العاملات لمسح المنطقة التي حطت فيها الرحال والتي على ضوئها يتم اتخاذ قرار بداية النشاط والعمل المبكر فمجتمع النحل لا يعرف سبيلا للراحة متى توفرت فرص العمل بعد أن نكون قد أبعدناه عن خطر الموت في أعالي الولاية فيخرج ويبدأ في وصناعة العسل فنضع له عدد محدود من الشهد الاصطناعي الذي يشرع في تنمية شمعه من اجل ملء خلاياه بالعسل والموازاة مع ذلك فهذه الظروف تجعل الخلايا تنشط وتفرخ مبكرا فنحصل على خلايا جديدة في تلك المناطق في انتظار حصول نفس العملية عند العودة إلى الديار ومنتصف ابريل إلا أن قلة الأمطار في الصحراء هذا الموسم جعلت المربين يغيرون وجهتهم نحو المناطق الساحلية. ترحيل النحل يحتاج إلى متابعة مستمرة وهذا ما يجعلنا بدورنا نكثف زياراتها لمراقبتها وإضافة الشهد الجديدة وتغيير مكانها داخل الخلية التي تظم عادة 10 وهذا لجعل النحل يعمل أكثر وبفعالية أكبر وهذا الترحال عادة لا يخلو من بعض المخاطر وعلى رأسها السرقة التي نتعرض لها في الحل والترحال إضافة إلى حرائق الغابات صيفا.نفس المتحدث قال أن النحلة هناك تحتاج بدورها إلى مصاريف أكبر في الحراسة وتكلفة النقل والتنقل الدائم لمراقبتها وكراء الأرض التي توضع فيها الخلايا والتي تكون عادة قريبة من بعض المزارع ويكون ماديا أو عينيا بالعسل حسب الاتفاق إضافة إلى شراء الأدوية المقاومة لبعض الأمراض وشراء الشمع الاصطناعي لمساعدتها على ربح الوقت وكذا السكر والتمر المعجون (الغرس) وعن المزارعين الذين يقومون بهذه العملية قال لنا ياسين أنهم من منطقة ابن باديس والمريج والخروب وعين النحاس والحامة بوزيان. الظاهرة بدأت مع ظهور تطور فكري وعلمي عند المربين بسبب وجود معاهد متخصصة تتيح للمربين تكوينا في هذه الشعبة في كل من قالمة والحامة بوزيان فتطورت معه تربية النحل وكذا الإنتاج الذي أصبح مضاعفا بعد أن أصبح النحل يفرخ في الصحراء في شهر فيفري ثم يعيد الكرة نهاية أفريل فنحصل على إنتاج موسمين في السنة الواحدة،فالذهاب في موسم هجرة النحل نحو الجنوب يجعل المربي ينتج عددا أكبر من الملكات في خلايا ننقلها ب5 إطارات ونعود بها وهي تظم 10 إطارات من النحل والعسل.وعن النوعية الجيدة قال أنها التي يكون غذاء النحل عند إنتاجها في التل أو الصحراء من شجرة الكاليتوس أو السدرة وهي متواجدة في كل مكان. محدثا قال لنا في ختام لقائنا أن ارض الجزائر من شأنها بقليل من الجهد والعلم أن تقضي على البطالة وتحسن المستوى المعيشي وذلك باستغلال الخيرات المعطلة التي نمشي فوقها ولا نعلم أن من شأنها أن تنتج ثروة تسهم في نمو وتطور اقتصاد البلاد وتنويع الصادرات باستغلال كل شبر من هذه الأرض. ص.رضوان