الحاجة جوهر ..مجاهدة من ذهب تعلمت القراءة والكتابة وحفظت القرآن وهي في السبعين قبل أقل من سنتين لم تكن السيدة قواوي جوهر والدة الحارس الحالي لفريق شباب قسنطينة لوناس قواوي قادرة على الكتابة أو القراءة، ومع ذلك تمكنت بعد بلوغها قرابة 71سنة من عمرها أن تصنع المفاجأة لكل من عرفها وخاصة أبنائها ال12 وأحفادها ال24 ،حيث تخطت الصعاب وقررت تعلم القراءة والكتابة وذلك بقسم محو الأمية بمسجد التقوى بمدينة ذراع بن خدة بولاية تيزي وزو من أجل حفظ القرآن الكريم . وتقول الحاجة الجوهر في لقاء جمعها أول أمس بالنصر بمسجد التقوى الذي تخرجت منه رفقة الكثير من الأمهات والفتيات بأنها قررت هي الأخرى تحدي الأمية رغم كبر سنها ،فهناك قوة خفية في داخلها كانت تدفعها دائما إلى الأمام، فلم تمض السنة الأولى حتى تعلمت الحروف الأبجدية والكتابة.و في عامها الثاني أبدعت في قراءة المصحف.و في العام الثالث عقدت العزم على كتابة آياته البيّنات بأناملها لأنها أرادت أن تشكر نعمة الله عليها. و نجحت فأبهرت بكراريسها المترددين على المسجد خاصة وأنها طاعنة في السن، لكنها تحدت الصعاب كمجاهدة و أم حنون وبعدها كحافظة لكلام الله.وعادت بنا الحاجة جوهر التي شاركت في الثورة الجزائرية المجيدة مطولا بذاكرتها إلى الوراء لتحكي فصولا من مساهمتها في صنع الثورة التحريرية المباركة، حيث كانت خالتي جوهر رفقة الكثير من المجاهدات تساهم في إمداد الثوار بالمؤونة والمواد الغذائية وكانت تنقل الرسائل بين المجاهدين وهي صغيرة ، مضيفة "كان همنا الوحيد خلال الثورة أن نُخرج العدو من أرضنا". و أوضحت بأنها تمكنت من آداء رسالتها كما ينبغي كمجاهدة وكأم حنون ،وبعد أن تعدى عمرها السبعين قررت أن تضع حدا لأميتها بمساعدة أبنائها وخاصة زوجها عمي رابح الذي يرافقها يوميا إلى المسجد و أشارت إلى أنها منذ أن التحقت بقسم محو الأمية لم يسبق لها وأن تغيبت وهذا حتى لا تضيع فرصة أخرى للتعلم، و كانت ترفع يديها للسماء و هي تتحدث، شاكرة الله لأنها تعلمت الكتابة والقراءة. وعن خطواتها الأولى وهي تحمل محفظتها للتوجه إلى المدرسة قالت بأنها لما علمت بفتح أقسام لمحو الأمية على مستوى مسجد التقوى بذراع بن خدة قررت تسجيل نفسها حتى تغير نمط حياتها، و خلف قرارها فرحة كبيرة لدى عائلتها وما ساعدها أكثر الجو المميز بالمدرسة التى تشرف عليها السيدة بونار و التي ساعدت بحنكتها العجائز على تخطي الصعاب وهن يجلسن لأول مرة في حياتهن داخل الأقسام. وتقول بهذا الشأن: إن الله استجاب لدعائي و أنا أدخل المدرسة و كلي أمل بأن أتعلم القراءة والكتابة من أجل التمكن من حفظ القرآن كغيري من النساء المتقدمات في السن، فبدأت أتعلم فالقراءة و أتوق لتعلم الكتابة، وبدأت فعلاً أجرب في البداية كتابة بعض الحروف ،مضيفة بأن الله عز وجل منحها قوة فولاذية. وعن تعلمها القرآن الكريم قالت بأن معلمتها شجعتها و أوضحت:" كنت أستيقظ لأصلي الفجر ثم أجلس أمام الكراس لأكتب كلام الله، ثم أشرب القهوة، ثم أكتب، كنت لا أتقن عملاً آخر غير كتابة وحفظ القرآن، أصبحت أناملي لا تطيق فعل شيء غير كتابة القرآن الكريم وحفظه. و أكدت بأن ما فتح شهيتها أكثر هو التشجيع الذي تتلقاه يوميا من عائلتها والمشرفين على المدرسة القرآنية .وتنوي الحاجة قواوي مواصلة رحلة حفظ القرآن،معلنة بذلك الحرب على الجهل والأمية كما تقول. و حسب القائمين على المدرسة القرآنية بذراع بن خدة فإن السيدة قواوي رغم كبر سنها، إلا أنها لا تضيع أي مناسبة تقام ببلدية ذراع بن خدة أو تيزي وزو إلا و شاركت فيها ،وكانت آخر مشاركة لها بدار الثقافة مولود معمري حيث أبهرت الحاضرين بأنشودة ثورية باللغة العربية كانت ترددها المجاهدات خلال الثورة ،كما شاركت في الاحتفال بالمولد النبوي الشريف وغيرها من المناسبات سواء الدينية منها أو الوطنية. هذه هي والدة لوناس قواوي ،خالتى الجوهر إحدى جميلات القبائل،المرأة المؤمنة الصابرة المحتسبة،الراضية المطمئنة لزوجها و أبنائها، وهي المرأة المجاهدة في سبيل الله، دفاعاً عن الوطن وبدخولها مدرسة محو الأمية عملت وثابرت واستطاعت أن تفك وتكسر قيود الجهل و تستنير اليوم بالعلم لترتوي من وعاء القرآن.