بعد أن اجتازت السبعين من عمرها، قررت الحاجة الزهرة أن تضع حدا لاميتها، بعدما حالت بينها وبين تلاوة الآيات العطرة من كتاب الله، لترفع التحدي وتلتحق بصفوف محو الأمية، لتزاحم الصغار في صفوف حفظ القرآن وتقهر السنين بقدرتها الفائقة على الحفظ. وفي تحديها لثنائية الجهل بالحرف، والتقدم في العمر، تجاهلت الحاجة الزهرة الأم والجدة كل العبارات الناقدة التي وجهت إليها، وحاولت إحباط معنوياتها وجعلها تتخلى عن هذا الحلم، وكانت التلميذة المجتهدة التي حازت العديد من الجوائز لقاء إحرازها لأعلى المعدلات طوال أربع سنوات من الدراسة. وعن تجربتها تقول الحاجة زهرة:”قررت محو أميتي منذ أربع أعوام فقط، من أجل قراءة القرآن الكريم، وأنا أقرأ والحمد لله يوميا آيات من الذكر الحكيم على قدر استطاعتي، وسأبقى أتلقى دروس محو الأمية حتى آخر يوم في حياتي، وأنا سعيدة جدا بهذه المبادرات التي مكنت أمثالي من تلقي العلم، وتعويض ما فاتني خلال العقود الماضية من الزمن”. تمكنت الحاجة زهرة من الالتحاق بالمسجد مباشرة بعد تلقيها للمبادئ الأولية للقراءة، وتعرفها على كل حروف الأبجدية، وعلى الرغم من الصعوبة التي واجهتها في بادئ الأمر إلا أنها صممت على حفظ القران تاركة وراءها كل هموم الدنيا ومشاغلها، لتتفرغ فقط لتلاوة كتاب الله، لتعوض ما فاتها على حد تعبيرها، فهي تعتبر أن الوقت الذي ضاع من حياتها بعيدا عن كتاب الله كله يحسب عليها. وتضيف، وهي التي لها من الأبناء والبنات 6 ومن الأحفاد 35، ”طيلة العقود السابقة لم يخطر ببالي ضرورة محو أميتي، إذ كنت أحفظ آيات قرآنية عن ظهر قلب، لكن الله سبحانه وتعالى ألهمني والتحقت بدروس محو الأمية”. أثارت احترام وتقدير معلميها الذين أبهرتهم بحبها للتعلم، وإرادتها القوية التي لم يكبحها التقدم في السن، وهي التي تمكنت من حفظ عشر أجزاء في فترة وجيزة، متحدية بذلك كل المألوف الذي جعل من الكبار في السن أشخاصا منتهي الصلاحية.