حرفيات تبدعن في رسم معالم و حلي مدينة الصخر العتيق على التحف التذكارية أثار جناح الديوان الوطني لتسيير واستغلال الممتلكات الثقافية المحمية اهتمام زوار المتحف العمومي الوطني للفنون و التعابير الثقافية التقليدية بقصر الحاج أحمد باي بقسنطينة لما تضمنه من تحف فنية تبرز معالم و آثار و حلي مدينة الصخر العتيق تفننت الحرفية بلهوشات نجوى و زميلاتها في تجسيدها باستعمال تقنية الرسم على الزجاج و الفخار. و غلب على التشكيلة المعروضة في الجناح المذكور، تصميم حلي خيط الروح الأكثر رواجا بين مصوغات النساء بالعديد من المناطق و بالأخص قسنطينة، العاصمة و تلمسان، حيث حرصت الحرفيات على إظهار ميزة و خصوصية حلي كل منطقة باعتماد اللون الذهبي لجهة الشرق و البرونز لجهة الغرب و الجمع بين الذهبي و الفضي بالنسبة لمنطقة الوسط، بالإضافة إلى حلي الخلالة التي تنوّعت هي الأخرى باختلاف المناطق، حيث تميّزت الخلالة القبائلية عن الصحراوية و الأوراسية من حيث الشكل، الحجم و اللون و نوعية المعادن المستعملة في صناعتها فبدت نقاط الاختلاف واضحة لحرص الحرفيات على نقل أدق التفاصيل بكل أمانة، رغم ما قد يتجلى من تشابه كبير في الوهلة الأولى. و لعل من أكثر التحف المطلوبة من قبل السواح هي اللوحات الفنية التي تحمل رسومات القصر و بالأخص تلك التي لم تعد موجودة على أرض الواقع، مثلما هو شأن الجناح الذي كانت تتخذه والدة الباي كمسكن لها، مثلما قالت محدثتنا بلهوشات نجوى التي أكدت بأنها و زميلاتها يعتمدن على كتب تاريخية و أخرى خاصة بالبحث و التي يجلبنها من المتاحف الوطنية، لما تقدمه من بطاقات فنية و تفاصيل دقيقة عن كل حلي مع إبراز خصوصية كل منطقة، مضيفة بأن أغلب التصاميم المستعملة في تحفهن المختلفة، مستنبطة من كتاب"الحلي التقليدية عبر التاريخ"، بحيث يتم نقل الرسومات باستعمال ورق الكارتون الشفاف ثم تكبيره أو تصغيره حسب حجم الغرض المختار لحمل الرسم التذكاري سواء كان من القلال، الصحون أو اللوحات. و ذكرت الحرفية بلهوشات بأنها و زميلاتها اكتسبن خبرة أكبر بعد عملهن في مجال الترميم بقصر الباي قبل الانتقال إلى مهمة تجسيد التحف الفنية التي تليق للإهداء أو للاحتفاظ بها كتذكار من قبل السواح و المارين على مدينة قسنطينة و بشكل خاص تحفتها المعمارية النادرة المتمثلة في قصر الحاج أحمد باي، حيث تعمل و زميلاتها بالورشة التابعة للديوان و المتواجدة داخل القصر على إعادة رسم المواقع الأثرية و كل ما يرتبط بالمعلم من أثار مادية سواء كانت في شكل حلي أو فخار أو ألبسة تقليدية محلية أو أي شيء يعكس ذاكرة المكان. و تشرح الحرفية طريقة انجاز تحفهن الفنية التي تقوم أساسا على فن الرسم على الزجاج و ما تتطلبه من دقة في اختيار و وضع الألوان المتراوحة عموما بين الذهبي و الفضي والأزرق و الأحمر و الأخضر و الأبيض. و لأهمية الصورة في نقل الحلي التقليدية التي تعد رمزا من رموز الفنون التقليدية في مجتمعنا، تقول الحرفية بأنها لا تفوت تفصيلا إلا و برزته سواء تعلّق الأمر باللون أو الشكل، مشيرة إلى صعوبة تجسيد ذلك لبعض حلي منطقة الشرق المعروفة برواج "الفتلة" و هي خطوط غاية في الدقة و الجمال تنتشر في مختلف الحرف كالطرز و صناعة الحلي و حتى النحث على النحاس و التي لم تفقد مكانتها حتى اليوم، حيث لا زال الطلب عليها بنفس الوتيرة لجمالها و تميّزها، و هو ما تحاول الحرفيتان ابرازه من خلال التحكم في كثافة الألوان بشكل تظهر فيه الصورة نافرة"رلييف"مع انتقائهما المتقن للأحجار الاصطناعية التي تبدو في مجسماتهما أشبه بأحجار كريمة. مريم/ب /تصوير: شريف قليب