اشتمل الصالون الدولي ال17 للصناعة التقليدية الذي تختتم فعالياته بقصر المعارض بنادي الصنوبر تحفا فنية رائعة ومتنوعة شكلت كلها مزيجا ما بين الأصالة و الحداثة أبدعت في إنتاجها أنامل حرفيين يمثلون مختلف ربوع الوطن . وتضم هذه التحف الفنية المتنوعة قطع خزفية و نحاسية و حلي و ألبسة تقليدية وكذا منتوجات من صناعة الأثاث و الطرز و النسيج كالزرابي و الرخام إلى جانب أنواع من المأكولات التقليدية كالحلويات . ويعد هذا الصالون الذي يشارك فيه 306 حرفي من بينهم 20 حرفيا أجنبيا فرصة للحرفيين لترويج و تسويق مختلف المنتوجات الصناعية الوطنية وخلق حركية تنافسية بينهم من خلال إنشاء علاقات عمل دائمة. وفي هذا الإطار عبر العديد من الحرفيين عن ارتياحهم للإقبال الكبير للموطنين الذين قصدوا هذا المعرض للاطلاع على مختلف المنتوجات الصناعية التقليدية واقتناء البعض منها كل حسب إمكانياته المادية . ولعل ما يلفت انتباه الزائر في هذا المعرض تلك التحف لفنية الرائعة المعروضة في عدة أجنحة لا سيما تلك المتعلقة بصناعة الخزف و الألبسة التقليدية القبائلية والعاصمية خاصة و الحلي الفضية التي كانت محل اهتمام كبير من طرف العنصر النسوي . و في هذا الإطار أكد الحرفي محمد شنوفي وهو خريج المدرسة العليا للفنون الجميلة الذي شارك بمجموعة من قطع خزفية رفيعة في هذا المعرض لواج قائلا "إنني أحاول دائما أن أجمع في إبداعي ما بين ما هو تقليدي تراثي مستلهم من الموروث الإسلامي وما بين ما هو معاصر" تماشيا مع أذواق محبي هذا النوع من الصناعة التقليدية الفنية . وقال الفنان والحرفي في هذا الإطار ان هذه القطع الفنية الخزفية تحمل في طياتها موروث ثقافي تقليدي مع بصمات عصرية تشتهر بها كثيرا الجزائر وهذا ما يستدعي الإبداع في إنتاجها وحمايتها لفائدة الأجيال الصاعدة . وتتطلب هذه اللوحات الفنية الخزفية يضيف نفس المتحدث وقتا زمنيا كافيا وموادا أساسية لإنجازها كالطين والذهب ومواد ملونة تستورد من الخارج. وقال في هذا الإطار انه رغم الأسعار المرتفعة لهذه القطع الفنية إلا أنها تلقى رواجا كبيرا من طرف زبائن معينين داخل وخارج الوطن . أما بن قرطبي بهية من ولاية المدية التي اشتهرت هي وأفراد أسرتها في مجال الطرز التقليدي العاصمي (كالسروال العاصمي العريق و المجبود والكراوكو والبدرون) فقد ألحت على ضرورة حماية هذا النوع من الألبسة التي تعرف رواجا كبيرا . وقالت بن قرطبي أن مثل هذه الألبسة التقليدية التي تعبر عن أصالة سكان المدن العتيقة كمناطق العاصمة والبليدة والمدية تلقى اهتمام الكثير من النساء اللواتي يبهرن بجمال هذه الألبسة الراقية و التي ترتدي العروس ليلة الزفاف. ودعت هذه الحرفية الجهات المعنية إلى ضرورة تقديم الدعم المادي والمعنوي للحرفيين في هذا النوع من الخياطة التقليدية إلي تتطلب كما قالت إمكانيات هامة لإنجازها مشيرة إلى أن أسعارها تتراوح ما بين 40 إلى 100 ألف دج . في حين شارك الحرفي هني محمد من ولاية بومرداس لأول مرة في هذا المعرض حيث عرض في جناحه أنواعا من الأثاث المنزلي المصنوع بمادة ولب الخيزران. لقد أبدع هذا الفنان في إنتاج مثل هذا النوع من الأثاث الذي يتطلب كما قال "اتقانا رفيع المستوى " إلا أنه أثار من ناحية أخرى إشكالية نقص المادة الأولية التي تستورد لحد الآن من الخارج داعيا إلى ضرورة تقديم الدعم للحرفيين للتمكن من الولوج بمنتوجهم في الأسواق الدولية وجلب الزبائن . وفي عدة أجنحة خصصت لعرض صناعة الحلي شمل المعرض فسيفساء من الحلي التقليدية العريقة أبدع في انتاجها حرفيون ورثوا هذه الحرفة عن الأجداد كحلي ولاية تزي وزو بمنطقة القبائل و " باتنة وسوق أهراس" وحلي أخرى من منطقتي "قسنطينة وتلمسان" وجنوب البلاد . وتعبر كل هذه الحلي عن الثقافة التقليدية الأصيلة لكل مناطق الوطن حيث ما زالت المرأة الجزائرية تتزين بها لاسيما في المناسبات . كما تم في هذا المعرض إدراج حلي جديدة عصرية مصنوعة من الفضة والأحجار الكريمة مصدرها تركيا وإيران. غير أن هذه الحلي تباع بأسعار جد باهضة مقارنة مع الحلي التقليدية المحلية كما أوضح الكثير من الزوار . من جهة أخرى استقطب هذا المعرض عددا كبيرا من الزوار الذين جاؤوا لاكتشاف أهم المستجدات التي طرأت على الصناعة التقليدية وكذا لاقتناء بعض التحف لتزيين المنازل . وفي هذا الإطار أكدت ليلى أنها جاءت هي وابنتها لشراء طواقم من الحلي الفضية لاسيما الحلي القبائلية التي ما زالت تحافظ على طابعها الأصيل داعية إلى "عدم عصرتنها للحفاظ على أصالتها "لأنها تعبر كما قالت عن "هويتنا وشخصيتنا الحقيقية . " كما دعا م. محمد من الجزائر العاصمة الذي كان مفروقا بحفيدتيه إلى ضرورة "تثمين التراث التقليدي الجزائري كالحفاظ على الألبسة التقليدية العاصمية منوها بثراء الإنتاج التقليدي الذي عرض في مختلف الأجنحة . إلا أن هذا الزائر لفت النظر لارتفاع أسعار بعض المنتجات التقليدية لاسيما الألبسة التقليدية والحلي والافرشة داعيا إلى إعادة النظر في أسعارها حتى يتسنى للمواطن اقتناءها.