محمد عادل مغناجي منذ الليل الذي حرك تحت أضلعي نار اليقين وأنا جسر خائف العينين، وأنا أصبحت حمامة لها جناح واحد والأقمار تدور حولي كأنها مغشي عنها من الحب، والسماوات تنزّل علي بالنجوم تبلل ظمأ الحياة لدي، وتزرع قطرة النور الفاتنة في وجهي الآخر، هل أنا في حضن ربيع؟ أم أنا متهدم كجدار بقيت أطلال عاشقين طفلين على كتفه الدّامع وعشبة نرجس في قلبه، من نحليتين أو حبيبين أو وردتين لونهما المسك، يا ربي جسور متفورة من الأنين والحنين الغامر هكذا سأبني مرافئي في جزيرة وحيدة، في كهف من الحنان الأبدي للبشر، أرفع راياتي كياطر يتيم في لجة الحقد التي تتقاذفني من مرساة إلى مرساة حتّى تذهب حبيبتي إلى هباء آخر، ومازلت أحدق في نجومي الداخلية التي فقدت بريقها وجففت شمس هنائها، وأنا ثياب رثة تتهاوى من البرد على نار الثلوج التي كست أشجار العواطف البئيسة، يارب متى يتنتهي هذا الليل، متى تفتح مرآتك على قوانين الحب الكبير، هذا قلبي إن شئتم كونوا أصدقاءه، يا طفولتي هلاّ اختبأت في عشبة خبيز خلف رمرام أبي السحري، أو وراء نخلة جفت عيون جريدها. أبني وترا من سرابات -كل هذا الحب تخبّئينه لي وأنا وحدي فقط، لماذا هل أنا وردة في عينيك؟ هل أنا جرح في خدّ شمسك؟، كل هذه القسوة المرتعشة، لولا أطلقت رياحينك، فالقلب بئر يابسة، وجراب عواطفي نبات مخنوق، أيها السماء الربيعية، هلّا رحمت عاشقا بين هذه الصخور يتدحرج كورقة في الريح العاتية، وأمدّ يدي فلا تصل، كل الأيادي خائنة وملونة بغير لون القلوب، وماذا أصنع بشلال من العطر الغادر، أتفقد أحاسيسي فلا أجدها، أبحث عنها تحت جيد حبيبتي، فلا أجدها، أو في خصلتها النائمة الشقراء، فلا أشم عطرها البهي، أو في عينين خضراوين باكيتين من أجلي فلا أبصرها تقهقه الروح في جوفي كقنبلة تدك سماء فوقي وتشعل ذاكرتي خرابا، والمعنى حفر قبره، ولم تتفجر ينابيع الدلالة على جسده المتهرئ، والعصافير هجرت المقبرة، وتساقطت أشجار الفرح سوداء كأم تردم في مدافن النسيان أحبابها، أو زهرة عمرها والنرجس يصفار، ولا يلتاط بالقلب النفس الزكيّ ، وأنا أبني وترا من سراب، خيطانه من حنان كساقية فمن يظمأ الآن، أنا قطرة تروي فمه وروحه، أيها اليوسفي العفو، كن رحيما بالحياة، كن حنونا كنفثة صباح تسبح لله في غلل الجوع والأشياء، تعانق الوجود واللاّوجود، وتقبع كفراشة على رؤوس الكلمات، أبني قيثارة من المشاوير أخلق لها أصابع لينة لترق مشاعر الصخر العالي، وتتدحرج دمعة من فوق النجاء، وأفتح نافذة الياسمين إذّاك. جدارية ناييف صادقت مرة روحي، ولكنها خانتني، كمن يصادق طفولة هاربة في لون برتقالي أو في رسمة ناييف، فيها شجرة خضراء مسطرة بمسطرة العواطف، وعشب مدروس وعصفور أحمر فوق قرميد ومدخنة، ما هذا الحب هل جريدة دمي، أم أن قلبي فراش بارد، أم أن زمني فرغ من حيويته؟ والناس حولي كلمات مفرغة من المعاني المعجمية والتداولية، أم أن الحياة قواميس كاذبة لمعاني الفرح والخير والحبّ لا ليس هذا، أيتها النسمة العابرة الوحيدة، خذيني إليك تحت ذراعك الخضراء البيضاء التي لا تحمل خنجرا مخفيا، هكذا أعوم في خيال أرسطي أو أفلاطوني ليس له وجه، وبلاغة مبنية برائحة الهشاشة، وأقيم محافلي في صحراء بلا ماء، وفيفاء عمياء العيون، ومفاوز لا حدّ لقسوتها، يحوطها جدار من الهباء والذئاب وبنات عرس، وكل العوالم العجيبة كيوم ضاع في انتظار ولم يكشف الغد عن روحة نورانية بعد فأنا أنتظرك لعلك آتية من هضبات الأمس. استيقظت فلم أجدني رأيت حديقة وكهفا، قلت ألج الغيضة فلسعتني حروفها ورودها، أقسى لسعة كأن بالعطر أنيابا مسمومة، وبالنسيم حنجور اختناق، وبالعشب جهنم ترقد، فلت أدخل الكهف لعل الشمس تزّاور علي ذات اليمين وتقرضني ذات الحب والهدأة، وتطلع نوارة فتتسلق القلب وتشرق في فجواته كحبيبة تنفخ القبلة في رئة حبيبها فيدخل الكون أخضر ريان إلى عقله وذاكرة الود، فقلت أخرج منهما ولكن إلى أين فنمت تحت صخرة برية عارية واستيقظت فلم أجدني. حجر الدفء: حينما كنا صغارا كنا نطارد أحلامنا مع الفراشات في ساقية الربيع، وأشجار الرمان الشائخ ونبات الزعتر والتالمة تتضاحك علينا وعندما كبرنا حوّلوا أحلامنا إلى أجساد وتحولت أرواحنا مدافع تقتلنا بغير نار ودخان، يا ليتني لم أحلم أبدا، أو نمت في حجر أمي ذات ضحى ولم أستيق............ جسد من أبنوس بدر سيف لا تتردد في نبش قلق الضمائر اغسل تلك القيود بمجرات التسلح اكتب عن التاريخ عن الأضراس و عن جلد العظام في فمي بحر في أظافري جيش أيها اللغم الحضاري رد أشلائي إلي إني أحمر اللون و الطريق بشر تحركها شمس العيون الشاحبة أبدو كسائل الكلام اهوي إلى غيب الصلب معتمدا عكاكيز البرك و خيزران الفخاخ حتى ذروة الأيام الأيام النهارية سلال جسد أصغي إلى ضياع المفاهيم كل مساء افقد شجرة أبنوس ابكي، أتفقد عضوي لعله من ضوء المعاني غير أن الغيب ذاكرة خاصرة شواطئ و أهداب بحر مدثر بجبل الصواريخ و الورود النارية نهرت اللحظات عن غبار الخيال كنه المادة فم الضوء سرير العبور إلى جنة السوح كتاب الشبهات زمر تتحدث عن غربة في نهار الزفير وأنا لا شيء كمثل ذرة في ثقب عالق قرب مجرة الليل كأنما صفصافة الصبا تخجل أكثر كلما داعبت لغتها اللطيفة تستسلم للرفض للقتل لكنها تنسى، و النسيان نعمة هل أدنو من كوخ الملح أم انسحب إلى أحشاء الأبجدية تلك الجهات المحفورة في هواء السواقي ترمي حياتي بحلوى الوصف يد في ثوب التفاحة و أخرى تطارد الحكمة من فم الغيم علها تصنف الطبع و الأسماء على هيئة الفراغ في كتاب البحر تمطر تمطر تمطر ذهبا آنذاك كنت أحاور مدرس الطبيعة قال لي كوارث الطبيعة كثيرة ذهول باهت ونار السفن النافقة نقص في بعوض السنين مرة ركبت حصان العقل سافرت بعيدا لا يحيط بي إلا الذهول تساءلت عن سر الطبيعة حينما يكلكل ظلامها على أمل أن آكل من صحنها لكنني اكتشفت القدم و الحداثة خيل إلي في تلك اللحظة أني انحت أجنحة لجدران الريح و أني أمشط شعر مهرة اللحظات أخذت وساوس المدن إلى ترجمان الغبار نصبت خيمة وفخ لفجاج التاريخ منتظرا قوافل الزيغ البازغة من نهارات الأحلاف المترامية في زبد البحر.