إهمال دور أخصائي الديكور وكثرة الأثاث وراء زيادة القلق عند الجزائريين قال الرسام وأخصائي الديكور محمد الهادي زردوري،للنصر في لقاء معه مؤخرا،أن كثرة الأثاث والأواني المنزلية،وتكدس "المطارح" والبطانيات والأفرشة التي تنتظر ضيوفا،لم يعودوا يبيتون بعيدا عن منازلهم، هي أحد الأسباب الرئيسية المؤدية إلى مضاعفة جرعة التوتر والقلق عند فئة واسعة جدا من المواطنين، ويدعوهم للتخلص منها لمدة شهرين وسوف يلاحظون الفرق. محدثنا يصمم ديكورات جذابة للمنازل تضفي لمسات بهجة و فرح و حيوية و انطباع بأن هذه المنازل واسعة و تمنح لساكنيها الشعور بالارتياح و الانشراح و لديه باقة من الأفكار لتزيين المحيط و إبراز سحر قسنطينة فنيا خاصة و أنه يهوى الرسم على طريقة بيكاسو التجريدية، وقد شارك في معرض واحد،مع طلاب مدرسة الفنون الجميلة بقسنطينة ، دون أن يدرس فيها، فهو فنان عصامي و مقاول في البناء يحرمه عمله أحيانا من إتمام لوحاته. في مقهى يقع في الجانب السفلي لحي المحاربين،بوسط قسنطينة يعرض هذا الفنان لوحاته و قد سبق و أن جذبت انتباهنا دون أن نعلم أنها مرسومة باليد،و سألنا آنذاك الفنان المريد عبد الرحمان حصروري فأخبرنا أنها لفنان موهوب وهاو،اسمه محمد الهادي زردوري و اتصل به و حدد لنا موعدا للقاء . فعلا التقينا بعد أسابيع بذات المكان فشرح لنا زردوري بأنه استطاع أن يرسم خلال مشواره الطويل 14 لوحة زاوج فيها بين الألوان المائية والفحم،وعنصر ثالث،رفض أن يبوح باسمه لأنه من أسراره الفنية. و أكثر اللوحات تأثيرا فيه لوحة "الحراقة"،التي استغرق في رسمها أياما طويلة بعد مخاض عسير. هذه اللوحة مستوحاة كما قال من تجربة عاش فيها لحظات مخاطر الحرقة،حينما كان في نزهة بحرية في عنابة مع ثلة من أصدقائه،فإذا بالبحر يهيج ويتحول الزورق الذي كانوا على متنه إلى لعبة تتقاذفها الأمواج، مضيفا :"عشت عندئذ اللحظات التي يعيشها الشباب الجزائري "الحراق"حينما،يمتطي زوارق الموت،ويتعرض للهلاك". و استطرد قائلا:"جسدت ذلك بالفحم والماء والعنصر الثالث". لاحظنا بأن محمد الهادي يميل في لوحاته إلى،الفن التجريدي على طريقة بيكاسو،الذي يزين قاعة الاستقبال في بيته بنسخة من لوحاته،اقتناها منذ زمن من العاصمة. و شرح بأن العوائق التي تحول دون البروز في الفن التشكيلي،تتمثل أساسا في انعدام أروقة عرض في عاصمة الشرق،وقلة اهتمام الوسط الذي نعيش فيه بهذا المجال من الفن،إضافة إلى غلاء المادة الخام المستعملة في هذا النمط،وكذا التفرغ والوقت لأن الفكرة حين تكتمل في ذهن الرسام لا يمكن أن تعود، والفن في بلادنا لا يمكن أن يكون وسيلة للعيش. محدثنا شارك في معرض واحد بدعوة من مدرسة الفنون الجميلة بقسنطينة و بالضبط من رسامة تدعى،ياسمين من عنابة،شاهدت لوحاته، صدفة. فلطالما احتفظ بابداعاته في بيته،وأول وآخر لوحة باعها للفنان محمد حمة الذي رفض أخذها هدية رغم إلحاحه،محمد الهادي تعلم الرسم كهواية منذ الصغر،ولايزال يمارسه لإشباع رغبة جامحة تجذبه نحو هذا الفن. إلى جانب ذلك،تخصص الرجل في فن الديكور الذي برع،فيه بإحساس الفنان التجريدي،الذي يخلق صورا في ذهنه ويجسدها في الواقع،وفي محيطه.لقد جعل من بيته حقل تجارب لتغيير الديكور متى واتته الفرص، يقول أنه يتعجب ممن يبني فيلا فخمة كالقصر و يملأها بشتى أنواع الأثاث والثريات والأفرشة،ولا يستعين،بأخصائي ديكور ينسق له وينظم ما تضمه من تحف قد تكون جد مكلفة، لكنها تفقد الكثير من جمالها إذا لم تكن في المكان المناسب،فقسنطينة وهي عاصمة الشرق، لا تضم مكتبا واحدا لأخصائي ديكور . بهذا الصدد يرى أن على المسؤولين ،الاستعانة بأخصائيين في تزيين مداخل المدينة وتنظيم وتنسيق،مساحاتها الخضراء،وبأشياء بسيطة يمكن خلق الجمال وهو مستعد للمساهمة في ذلك،دون مقابل،لأن ما يحز في نفسه أنه عرض هذه الخدمات على المجلس البلدي السابق،وقد قيل له حينها أنهم سوف يتصلون به مستقبلا،ولم يتحقق ذلك أبدا،فالمساحات الخضراء المكسوة بالعشب الطبيعي يمكن وضع أجهزة سقي آلية مبرمجة بوسائل بسيطة تضفي جمالا بدل الري التقليدي بالصهاريج في أوقات غير منظمة. أضاف المتحدث أن جل أعماله كانت خارج ولاية قسنطينة فسطيف مثلا هي المدينة الأكثر طلبا لخدماته جراء تخصصه في تصميم المسابح،ومصبات الماء. تخلوا عن كثرة الأثاث تتسرب الراحة إلى بيوتكم الفنان شدد بأن لمسات أخصائي الديكور في الشقق أجدى وأنفع لجعلها أماكن يحس فيها أصاحابها بالراحة والسكينة، فأكبر ضغط يعانيه المواطن الجزائري كثرة الأثاث،والأرائك،والأفرشة، والأغطية والأواني التي تستهلك المال،والمكان،وتزيد من تعاسة قاطنيها،بدل إسعادهم.و له تجارب عديدة في هذا المجال. و أضاف :" اكتظاظ المنازل بالأثاث و تراكم الأفرشة في انتظار ضيوف أصبحوا لا يبيتون،في ظل توفر النقل،وكثرة السيارات،حتى المناسبات العائلية أصبحت تحتضنها قاعات الأعراس و منها يعود المدعوون إلى بيوتهم." الفنان يدعو المواطنين إلى التخلص من الأثاث و الأفرشة الزائدة لمدة معينة وسوف يلاحظون الفرق مؤكدا"نحن نخلق الكآبة في بيوتنا بأموالنا.ففن العيش في الوسط العمودي يحتاج إلى نظرة وتدخل فنان،وأخصائي الديكور أصبح في الدول المتقدمة أكثر من ضروري،لأنه هو من يجعل المسكن مسكنا،والمدينة مدينة.فالمواطن الذي يعيش الضغط في الشارع، ووسائل النقل،والعمل ثم يجد كل ذلك في بيته، أين يجد راحته؟"تساءل محدثنا وهو يتمنى ارساء ثقافة الاهتمام بالديكور و تكليف مختصين بتصميمه.