يشدد الفنان التشكيلي العصامي إدريس كاملي، على افتقاد منظومة الفن التشكيلي في الجزائر إلى تسويق، ويبرز كاملي في هذا الحوار الخاص بالسلام أنّ اهتمام الثقافة ينصب على "الڤلال"، "الشطيح" و"الزردات". عن بدايته وانطلاقته الفنية التي تختلف عن ما ألفناه من بعض الفنانين حدثنا كاملي في هذه المقابلة: متى كان لقاؤك الأول مع الريشة والألوان؟ الريشة ظلت حلما يسكنني وصرخة كنت أود أن اعبر بها بما في داخلي من مشاعر، وأسافر من خلالها إلى حلمي وعالمي الرائع، في البداية كنت أرسم في الظل بعيدا عن الناس ولكن بعض من أصدقائي المقربين شجعوني على الخروج بأعمالي إلى فضاءات أرحب، ومنه إلى العرض واعتبروا بقائي بعيدا عن تلك المساحة أنانية. كيف كان أول لقاء لك مع الجمهور بعيدا عن جدران البيت المغلقة؟ كان لقاءا مثمرا أحسست من خلاله بأنني قادر على تطوير فني والوصول به إلى التميز. كيف ترسم مسيرة 15 عاما في ميدان الفن التشكيلي؟ 15 سنة من العطاء والتعلم واكتساب التجارب من خلال اندماجي في ذلك الوسط وتبادل التجارب مع نظرائي من الفنانين التشكيليين والذين اكتشفت بفضلهم تعدد المشارب الفنية و تشعب اتجاهاتها. هل هذا دليل انه كانت لك عديد المشاركات خلال المعارض الفنية؟ طبعا كانت لدي مشاركات في العديد من المعارض الجماعية من بينها الصالون السادس للفنون التشكيلية بولاية عين ، أين تحصلت على الجائزة الأولى. شاركت أيضا في مسابقة الرسم السريع التي يرعاها و ينظمها سنويا معهد "سيرفانتيس" بوهران في2007، 2008 و2009 في سنتي 2009 و2010 شاركت في معرض "بغاليري لوتس" لموسى مدين ومشاركة في المعرض الجماعي الذي نظم في قصر المؤتمرات وفندق "الميريديان" في 2011. نلاحظ في جل لوحاتك مزيج من الألوان، وطابعها التجريدي لما هذا الاختيار؟ النمط التجريدي يمنح مساحة رحبة وواسعة للحرية في التعبير عن ما يختلج في أعماق نفسي وعن شتى المواضيع التي اطرقها في لوحاتي. ما هي المواضيع التي تتطرق إليها من خلال لوحاتك؟ أنا اترك للزائر مساحة للتأمل وفك "شيفرة" اللوحة، فأنا مجرد متأمل لا أعطي تفسيرا للوحاتي، أنا أركز على حرية الانطلاق والإبداع والتميز في الرسم وكذلك احرص على انتقاء أعمالي الموجهة للجمهور، فبالنسبة لي لا يهمني عن ماذا أعبر ونادرا ما تتبلور فكرة الموضوع قبل شروعي في الرسم، بل ان الموضوع يولد من رحم تلك الألوان الممزوجة. هل هذا يعني انك ترسم من اجل التجريد فحسب؟ ليس هناك من فنان يرسم من أجل التجريد ولا حبا في النمط التجريدي، بل انه اختيار وأسلوب حياة فأعمالي تحمل بداخلها تعابير عن مواضيع شتى، نفسية، حياتية وإنسانية لأن الفنان هو لسان حال بيئته فقط يبقى أنه لدي طريقة خاصة للتعبير عن ذلك وبصفة تجريدية إيحائية. من الأسماء الفنية التي تأثرت بها خلال مشوارك الفني؟ كثيرة هي الشخصيات الفنية التشكيلية التي تركت بصمتها في نفسي وانعكست على أعمالي، من بين الذين تأثرت بهم أذكر الأستاذ مراد بلمكي، الفنانة الراحلة باية وبعض الفنانين المغاربة على غرار الفنان محمد شعابنية والفنان عصام المرزوقي. نلاحظ أن جل مشاركاتك هي في معارض جماعية لماذا؟ اعتدت على المشاركة ضمن المعارض الجماعية وام تتح لي فرصة العرض بصفة فردية، وهذا المعرض هو أول معرض فردي لي. كفنان تشكيلي ماهو تقييمك للحركة الفنية التشكيلية في وهران وفي الجزائر؟ الفن التشكيلي والفنانون موجودون بكثرة ولكن نلاحظ في مقابل ذلك اهتمام "بالڤلال" أكثر من أي شيء آخر، حيث تخصص له ميزانية ضخمة في حين يعاني الفنانون التشكيليون الفاقة ليس في وهران، فحسب بل في كل ربوع الوطن، لأننا لم ندرك بعد مفهوم الثقافة التي أضحت مرادفا "للشطيح والرديح" وثقافة "الزردات"، الخلط في المفاهيم وعدم القدرة في تسمية الأشياء بمسمياتها سبب ما نحن فيه من ضياع، فوزارة الثقافة موجودة كهيكل و لكنها بلا روح، وتطرح ماهية وجودها آلاف الأسئلة. ما سبب هذا كله في اعتقادك؟ السبب هو افتقارنا للوعي الفني والثقافي كمجتمع وكأفراد أيضا بل حتى أننا نفتقر الى أخلاقيات التذوق الفني، ولكم أن تروا نوعية الأغاني المنتشرة في السوق ونوعية الجمهور الذي صنع مجد الناهقين في الميكروفونات، فذاك الشبل من ذاك الأسد. كثيرا ما يعيب الفنانون التشكيليون غياب سوق للفن برغم كثرة الرسامين في بلادنا ما سبب هذا التخلف عن الركب؟ لأننا تقاعسنا وننتظر دائما أن يتكرم الآخرون بتقييم أعمالنا، فأذكر هنا الفنانة الراحلة باية واسياخم ونصر الدين ديني، لم تعرف قيمة أعمالهم إلا بعد مرور سنوات ومشاهدتها من قبل رسامين كبار في أوروبا، حيث لا تزال جامعاتهم ومعاهدهم تدرس تلك الأعمال ويرجع الفضل إلى انتقال تلك اللوحات للعرض هناك في باريس، روما أو اسبانيا، ولم يكن هناك ناقد فني جزائري ولا سوق للفن ليبرز جمال و روعة تلك الأعمال ويعطيها حق قدرها. بعد هذا المعرض الفردي هل من مشاريع في الأفق؟ عدت منذ أيام قليلة من المملكة المغربية. حيث عرضت أعمالي هناك، وكانت تجربة فريدة من نوعها حيث اكتشفت أن هناك جمهورا مهتما ومتذوقا للفن التشكيلي، هذا شجعني لأقيم مستقبلا معرضا في مدينة فاس والدار البيضاء. هل من كلمة أخيرة توجهها للقائمين على الشأن الثقافي بوهران؟ أهيب بكم للاهتمام بالفن والفنانين على قدر وبحجم عطاء اتهم