المستهلك الجزائري يفضل ضياع حقه على اللجوء للقضاء أجمع المتدخلون في الجلسة الصباحية الأولى من الملتقى المنظم بجامعة قسنطينة 1 أمس على غياب حماية المستهلك الجزائري في الواقع رغم أن تلك الحماية تكفلها النصوص القانونية، التي تعاقب كل من يمس بالمستهلك في بدنه أو يغشه ببضاعة معينة بالغرامة المالية. و من بين العوائق التي تجعل من الحماية القانونية للمستهلك غائبة في الواقع عدم اهتمام المستهلكين أنفسهم بمتابعة التجار الذين يبيعونهم سلعا مغشوشة لا تستجيب لمقاييس النظافة أو السلامة و الصلاحية، و نادرا ما يلجأ المواطن إلى تقديم شكوى بسبب شرائه مواد غذائية منتهية الصلاحية أو فاسدة تعرض صحته للخطر لإعتبارات إجتماعية و ثقافية تجعله يترفع عن متابعة جاره التاجر الذي باعه تلك السلع. بالنسبة لبعض السلع مثل التجهيزات الإلكترومنزلية التي يحصل مقتنيها على شهادة ضمان، نادرا ما تلتزم أطراف العملية التجارية ببنود وعقد الضمان إن وجد أصلا حسب مداخلات عدد من الأساتذة الجامعيين من كلية الحقوق و العلوم الإدارية بجامعة قسنطينة1 أمس خلال الملتقى. زيادة على غياب ثقافة حماية المستهلك لدى الجزائريين، لا يفضل القليلون منهم الذين يريدون حماية حقوقهم كمستهلكين اللجوء للقضاء كلما تعرضوا للغش أو التدليس أو كانوا ضحايا الإشهار الكاذب للسلع. لأنهم يواجهون متاعب مالية في تكاليف التقاضي أولا و لا يحصلون في النهاية سوى على تعويض رمزي زهيد لا يغطي بالكاد ما انفقوه من جهد و مال للحصول على حقوقهم المكفولة قانونا حسب ما ذكر رئيس الجلسة الصباحية الدكتور علي بن سليطان في ختام اللقاء. حسب ذات المتحدث الذي استغرب عدم تسجيل أية قضية في قسنطينة من هذا القبيل فإن القضاة أيضا لا يحسنون معالجة قضايا الغش و التدليس ويصنفونها تلقائيا في خانة الجنح التجارية البسيطة، و التي لا تزيد قيمة الغرامة فيها عن بضعة ملايين سنتيم، و استغرب الأستاذ أن يكون مقدار التعويض عن فقدان الحياة في حادث مرور لا يزيد عن 30 مليون سنتيم قائلا أن حياة البشر في الجزائر بخسة الثمن و لا قيمة لها. و ضرب مثلا عن تعويضات بآلاف الملايير في دول أخرى بعد شكاوي مستهلكين ضد شركات و متاجر باعتهم مواد لم تكن مطابقة. حول موضوع الحماية القانونية للمستهلك تناول متدخلون مواد الالتزام في العقود الإلكترونية و دورها في رضا المستهلك و تنويره قبل التعاقد، و الإلتزام بإعلام المستهلك بشأن المواد الصيدلانية و المستحضرات الطبية و حمايته من الإشهار المضلل أو الكاذب. و قد شارك في النقاش متدخلون من المديرية الجهوية للتجارة بسطيف بينما غاب ممثلون عن مديرية التجارة لولاية قسنطينة دون تفسير واضح و لا سبب مقنع من طرف المنظمين، و قالت متدخلة من جامعة تيزي وزو أن الفساد الإداري يقف أيضا وراء عدم التقدم في القضايا المرفوعة أمام العدالة لحماية المستهلك و تساءلت عن مصير تحقيق قامت به الشرطة القضائية حول مخبر غير شرعي لمراقبة مشتقات الحليب في منطقة القبائل، و لم تتحرك الجهات المعنية بحماية المستهلكين الذين ظلوا لسنوات عدة يستهلكون "ياغورت" غير مطابق للمقاييس رغم أنه يحمل علامة تجارية دولية شهيرة. الملتقى يتواصل اليوم بنقاش حول دور جمعيات حماية المستهلك و القواعد الخاصة التي تحكم عقد القرض البنكي في قانون الاستهلاك و شفافية الممارسات التجارية و التنظيم التشريعي لاستبعاد الشروط التعسفية في عقود الاستهلاك، و الضمان الإتفاقي كآلية لحماية المستهلك.