الجزائر ترصد مليار دولار لترسيم عقد تأميم مركب الحجار إستعادت الجزائر أوائل شهر أكتوبر الماضي السيادة في تسيير مركب الحديد و الصلب بالحجار، بالتوقيع على عقد تنازل الشريك الأجنبي ممثلا في المجمع العالمي " أرسيلور ميطال " عن نسبة 21 بالمئة من الأسهم التي كان يمتلكها في المركب لصالح الطرف الجزائري، الذي تمثله المؤسسة العمومية " سيدار "، و هو الإتفاق الذي إنتزعت بموجبه الجزائر حق تسيير المركب، بعد 12 سنة من حيازة المجمع الفرانكو- هندي على الأغلبية المطلقة في أسهم الشركة، بناء على عقد الشراكة الذي كان قد أبرم بين الطرفين الجزائري و الهندي في سنة 2001، قبل دخول الشريك الفرنسي "أرسيلور " كطرف غير مباشر في التسيير، وفقا للشراكة التي تمت بينه و بين المجمع العالمي " ميطال ستيل " في جوان 2007. تأميم مركب الحجار كان ثمرة سلسلة من المفاوضات المراطونية بين الطرف الجزائري و نظيره الفرانكو- هندي بشأن هذه الإجراءات، خاصة و أن الحكومة الجزائرية كانت قد أبدت إصرارا كبيرا على تأميم المركب، في الوقت الذي كان فيه الشريك الأجنبي قد أبدى بعض التحفظات في بداية المفاوضات، سيما بعد التراجع الملحوظ في الإنتاج، و الإضطرابات التي عرفتها المؤسسة على مدار السنوات الثلاثة الأخيرة، نتيجة الخلافات النقابية، الأمر الذي إنعكس بالسلب على سير العملية الإنتاجية، بصرف النظر عن التوفقات الإضطرارية للإنتاج بسبب الأعطاب التقنية المسجلة من حين لآخر في الورشات و الوحدات الإنتاجية، خاصة بعد غلق المفحمة ، و كذا التوقيف الإضطراري للفرن العالي و المفولذتين الأوكسيجينيتين، لكن الطرفين توصلا في النهاية إلى إتفاق تم برسمه رفع أسهم الطرف الجزائري في مؤسسة أرسيلور ميطال الجزائر إلى 51 بالمئة، مقابل تقليص حصة الشريك الأجنبي من 70 إلى 49 بالمئة، لأن مجمع " سيدار " كان يحوز على 30 بالمئة فقط من رأسمال الشركة، لكن ترسيم عقد التأميم رفع أسهمه إلى 46 بالمئة، و نسبة 5 بالمئة تمثل حصة الصندوق الوطني للإستثمار، و هو التوزيع الذي يراعي مساهمة كل طرف في تمويل المخطط الإستثماري . و راهنت الحكومة الجزائرية من خلال التوقيع على مراسيم التأميم على تفعيل وتيرة الإنتاج، خاصة و أن مجلس مساهمات الدولة أعطى الضوء الأخضر لتجسيد برنامج الإستثمار، الذي رصد له غلاف مالي إجمالي بقيمة مليار دولار، إلتزم بموجبها الشريك الأجنبي بتوجيه 763 مليون دولار للإستثمار في ورشات مركب الحجار و كذا منجمي الونزة و بوخضرة بولاية تبسة، لأن الكمية المنتجة تراجعت إلى أدنى مستوياتها ، لكن عقد التأميم يرمي إلى رفع كمية الإنتاج على مدار 3 سنوات من 500 ألف طن سنويا إلى عتبة 1.5 مليون طن، على أن يبلغ الإنتاج أعلى مستوياته في سنة 2017 بكمية إجمالية تقارب 2.2 مليون طن من الفولاذ السائل سنويا، هذا فضلا عن فتح المئات من مناصب الشغل، بعدما كانت الأزمة التي عاش على وقعها المركب قد زادت من مخاوف 5400 عامل من التسريح الجماعي، بسبب غلق المفحمة نهائيا. قرار تأميم مركب الحجار جاء بعد مراحل عصيبة مرت بها المؤسسة، بسبب الخلافات التي ظلت قائمة بين الشريك المديرية و الشريك الإجتماعي، بخصوص مطالب العمال، قبل أن يتم إحتواء الأزمة منتصف شهر سبتمبر المنصرم بالتوقيع على عقد " صلح إجتماعي " وافقت بموجبه الإدارة على إعتماد زيادة في أجور العمال بنسبة 16 بالمئة، إضافة إلى التوقيع على عقد " صلح إجتماعي "، لكن ذلك لم يكن كافيا لضمان عودة الهدوء إلى المركب، لأن فصلا جديدا من الصراع طفا بين جناحين حول شرعية النقابة، الأمر الذي أدخل المؤسسة في دوامة، حيث أن النزاع على زعامة الفرع النقابي يبقى متواصلا بين جناحي منادي و كشيشي، بعدما كان الإتحاد الولائي قد سحب البساط من تحت قدمي الطاهر شاوش في شهر جويلية الماضي، مما يبقي المركب يسير على وقع الصراع النقابي، دون الشروع في التجسيد الفعلي لبرنامج الإستثمار.