الجزائرية الثالثة تتحوّل إلى قناة وثائقية الطريق إلى نوبل"، "الفوبيا"، " أسرار المتوالية الجينية"، "عبقرية الهندسة و البناء"، "عقول الكترونية"، "عالم الغد " "حضارات خالدة"...عناوين لأشرطة وثائقية بثت في يوم واحد على القناة الجزائرية الثالثة التي لم يفهم المشاهد بعد طبيعة هذه القناة التي يبدو أنها لم تحدد بعد تخصصها الحقيقي أو بالأحرى لم يعرف المشاهد حتى اليوم إن كانت قناة متنوعة أو إخبارية و ثائقية أو للأفلام . فالمتتبع لبرامج الفضائية الثالثة يتفاجأ كل يوم بالكم الهائل للأشرطة و الأفلام الوثائقية المبرمجة لدرجة اعتقاده أن جهاز التحكم عن بعد أخذه إلى قناة متخصصة مثل قناة الجزيرة الوثائقية أو " ناشيونل جيوغرافيك"أ, "ديسكوفري"... و غيرها مع فرق وحيد هو أن القنوات المذكورة تعتمد على إنتاجها الخاص أو من إخراج عربي أو أجنبي لكن دائما لصالحها و ليس كالقناة الجزائرية الثالثة التي تعتمد على 95 بالمائة من الإنتاج المستورد.و إذا كانت الأشرطة الوثائقية تتناول بالتحليل المعمق القضايا التاريخية و العلمية و الفنية و السياحية بالدرجة الأولى، فإن المشاهد يبقى يتطلع دائما لقضايا الساعة و على وجه الخصوص القضايا السياسية و الاجتماعية التي تبقى قليلة جدا مقارنة بالكم الهائل للأفلام الوثائقية العلمية و السياحية المبرمجة يوميا من الصباح إلى المساء ليعاد بثها من جديد و بشكل متواصل تقريبا بعد منتصف الليل. و هو ما جعل القناة أقرب من الوثائقية منها إلى المنوعات، و نفس الشيء تقريبا مسجل بالقناة الأرضية التي لا تختلف كثيرا برامجها عن برامج القناة الثالثة من حيث المبالغة في توزيع و برمجة الأفلام الوثائقية التي رغم أهميتها يبقى لتوقيت بثها و نوعيتها شروط لا بد من التقيد بها.و في الوقت الذي تعاني فيه صناعة الفيلم الوثائقي في العالم العربي من مشاكل وعقبات عديدة، أهمها التهميش الذي تعرفه من قبل دور الإنتاج العربية عكس الفيلم الروائي الذي يظل دون منازع المهيمن على المشهد السمعي البصري العربي لأسباب عديدة، هاهو الفيلم الوثائقي يجد الاهتمام المفرط بالتلفزيون الوطني، الذي عكس باقي الفضائيات العربية التي سكنها هوس معادلة " لا أبث سوى الإنتاج المربح" يمنح الفضاء و الاهتمام بمثل هذا الإنتاج لكن حبذا لو كان من إنتاج محلي يبرز قدرات و كفاءة باحثينا في مختلف المجالات العلمية و التكنولوجية .و قد تناولت مختلف وسائل الإعلام مرارا ظاهرة تهميش الفيلم الوثائقي بالبلدان العربية التي لم تعوّد المتلقي العربي على هذه النوعية من الأفلام، فهو لا يتمتع بثقافة الوثائقي، بل تعود على ثقافة الكلام في حين أن الصفة الأولى للفيلم الوثائقي هي الصورة المعبرة عن نفسها والكلام تكملة لها لا أكثر. و رغم أهميتها و مصداقيتها و معالجتها للمواضيع الحقيقية التي تنطلق من الإنسان و تتفاعل معه، فإنها تعاني التهميش الذي ضاعف عزوف المنتجين و المخرجين عن إنتاج مثل هذه الأفلام و بالتالي تضاعف التعويل و الاعتماد على القنوات الغربية التي بفضل جرأتها و خبرتها في هذا المجال تنجح دائما في تمرير نظرتها الخاصة التي لا تنطبق دائما مع الواقع و التفكير العربي.