أبواب التوبة تبقى مفتوحة وتشدد في مكافحة الفساد كشف الوزير الأول أحمد أويحيى، عن تدابير جديدة في مجال إبرام الصفقات وانجاز المشاريع المقررة في إطار المخطط الخماسي المقبل، بحيث أكد بأن الحكومة لن توافق على رفع تكلفة انجاز أي مشروع إلا في حال إلغاء القطاع المعني مشروعا آخر بنفس القيمة التي سيتم بها زيادة الكلفة المالية. و أكد الوزير الأول في بيان السياسة العامة الذي سيعرضه على النواب الخميس المقبل، بأن أبواب التوبة لا تزال مفتوحة، مشددا على أن ضمان أمن المواطنين يبقى أولوية لدى الحكومة، إضافة إلى تعزيز القدرة الشرائية للمواطنين ومكافحة الرشوة والفساد.يعرض الوزير الأول أحمد أويحيى الخميس المقبل أمام نواب البرلمان بيان السياسة العامة للحكومة، والذي يتضمن حصيلة انجازات الجهاز التنفيذي إلى غاية السداسي الأول من العام الجاري، وتشير الحصيلة التي أعدتها الحكومة والتي حصلت "النصر" على نسخة منها، إلى الانجازات التي تحققت خلال ال18 أشهر الماضية، كما يتطرق إلى ملفات عديدة منها المصالحة، وتعزيز القدرة الشرائية للمواطنين، مكافحة الفساد والتدابير التي اتخذتها الحكومة لوقف الفضائح المالية التي عرفتها البلاد في الفترة الأخيرة، كما يستعرض الانجازات المحققة في مجالات التربية والسكن والتعليم العالي والطاقة وكل القطاعات الأخرى.التقرير الذي جاء في 76 صفحة، تطرق بالتفصيل إلى كل الملفات سواء السياسية أو الاقتصادية، وكذا الملفات التي أثير بشأنها جدل في الساحة الوطنية، على غرار التدابير الحكومية في المجال الاقتصادي، والتي كانت محل سجال بين مؤيد للقرارات التي رسمت إعادة تثبيت دور الدولة في الحلقة الاقتصادية، والمعارضين الذين انتقدوا لجوء الحكومة إلى تقييد مجال الاستثمار .وقد تصدر ملف المصالحة الوطنية، اهتمام الحكومة، وكان أول باب تضمنه التقرير الحكومي، وأشار التقرير إلى تراجع التهديد الذي تشكله الجماعات الإرهابية بفعل "مسار المصالحة الوطنية" الذي أطلقه رئيس الجمهورية، وأكدت الحكومة بهذا الخصوص بأن أبواب التوبة لا تزال مفتوحة أمام المسلحين الراغبين في العودة إلى المجتمع.و بالموازاة مع ذلك، جدد الوزير الأول حرص الدولة على مواصلة مكافحة الإرهاب بكل عزم حتى يتم القضاء نهائيا على الجماعات الإرهابية التي لا تزال تنشط في مناطق مختلفة من الوطن.وأكد بيان الحكومي، بأن القضاء على الإرهاب واجتثاث جذوره، سيتحقق بسرعة أكبر، في حال إذا ما تدعمت الجهود الأمنية مع "تعاون كبير من جانب المواطنين".وقال البيان الحكومي في السياق ذاته، بأن تحقيق الأمن وضمان أمن وسلامة المواطنين، كان ولا يزال من بين أولويات الحكومة، من خلال التدابير التي قامت بها الحكومة لتجسيد هذا الاهتمام على أرض الواقع، بداية من 2005، حيث تضاعف عدد أعوان الشرطة والدرك الوطني، وتكثيف عدد المراكز الأمنية، مشيرا بأن أزيد من 150 منشأة أمنية تم استحداثها العام الفارط، إضافة إلى 60 مركزا أمنيا جديدا منذ بداية العام الجاري.كما تطرق التقرير الحكومي من جانب آخر، إلى محاربة الرشوة، والجهود التي تبذلها الحكومة في المجال الاقتصادي، ويستعرض التقرير المخططات التي اعتمدتها الحكومة في مجال الإنفاق العمومي من خلال المشاريع الاستثمارية الضخمة التي تم اعتمادها منذ المخطط الخماسي الأول، وأشار التقرير أنه بالرغم من ارتفاع الطلب العمومي، إلا أن ذلك لم يترافق مع "زيادة حقيقية في الاستثمار المحلي المنتج".وأضاف التقرير أن الأوضاع المالية الصعبة التي تواجهها الشركات العمومية حالت دون تمكنها من تطوير تنافسيتها واستغلال الفرض التي يتيحها البرنامج الاستثماري الخماسي، كما انتقد التقرير ضعف حصيلة الاستثمارات الأجنبية المباشرة رغم التحفيزات التي منحتها الدولة للمستثمرين، خارج مجال المحروقات، وهي الحصيلة التي كانت وراء إقرار تدابير حمائية جديدة منها إرغام الأجانب على إشراك متعامل وطني في كل المشاريع الجديدة التي ينوون القيام بها.وشدد التقرير على حرص الحكومة على مواجهة كل أشكال التبذير وإهدار المال العام والفساد، عند تطبيق البرنامج الخماسي الجديد لدعم النمو الذي خصصت له الدولة ميزانية ضخمة مقدرة ب 280 مليار دولار إلى غاية 2014، وقال التقرير، بأن الحكومة وضعت جملة من التدابير لمواجهة الفساد، ومنها إلزام المتعاملين بالشفافية في كل معاملاتهم التجارية، من خلال إجبارهم على التعامل بالفواتير وتبرير هوامش الأرباح المطبقة، إضافة إلى إلزام كل المتعاملين بتحيين أوضاعهم تجاه مصالح الضرائب للحصول على الرقم التعريفي الجبائي. كما أشار الوزير الأول، إلى القرار الذي اعتمدته الحكومة مؤخرا، والقاضي بإلزام المتعاملين اللجوء إلى الصكوك كوسيلة وحيدة لتسديد المعاملات التجارية التي تفوق قيمتها 50 مليون سنتيم.كما تطرق التقرير إلى مضمون التعديلات التي أقرتها الدولة على القوانين الخاصة بمكافحة الفساد والوقاية منه، وقال بأن المتعاملين الحقيقيين اشتكوا دوما من الأفعال غير الشرعية والمنافية للقانون التي يقوم بها بعض المتعاملين، وهي الأفعال التي أضرت بالمتعاملين النزهاء وجعلتهم خارج الدائرة الاقتصادية". وتطرق التقرير بالتفصيل إلى التعديلات التي أدخلت على دور ومهام مجلس المحاسبة، ومراجعة قانون النقد والقرض، وقانون مكافحة الرشوة والفساد، إضافة إلى التدابير المتخذة في مجال حركة الأموال وتحويل الأرباح إلى الخارج، وهي كلها تدابير يراد منها ضمان نجاح البرنامج الخماسي المقبل.وأكدت الحكومة على وجود ترشيد النفقات العمومية وعقلنة استغلال المال العام، وأكد الوزير الأول، "بأن الحكومة لم تطلق أي مشروع جديد قبل الانتهاء من دراسته جدواه اقتصاديا وماليا" وأوضح في ذات السياق، بأن تمويل أي مشروع جديد في إطار البرنامج الخماسي لم يتم إلا بعد التأكد من صحة الدراسات والتكلفة الحقيقية للمشروع، وكذا في حال توفر الوعاء العقاري المخصص لاستقبال هذا المشروع.وأكدت الحكومة، بأنه في حال مراجعة تكلفة المشروع وزيادة القيمة المالية المخصصة له، فإنه سيتم بالمقابل إلغاء مشروع آخر بالقيمة المالية نفسها الإضافية التي سيتم منحها، في القطاع ذاته، وهو ما يعنى أن أي قطاع يقدم طلبا لزيادة تكلفة أي مشروع ما، فإنه سيكون مطالبا بتقديم طلب إلغاء مشروع آخر بالقيمة المالية نفسها التي تمثلها الزيادة. وأكدت الحكومة، أنه وحرصا منها على متابعة انجاز المشاريع العمومية ومدى احترام شروط إبرام الصفقات العمومية، تقرر مراجعة نظام إبرام الصفقات، ودعم دور ومهام المراقبين الماليين ودافع الوزير الأول عن الخيارات الاقتصادية التي اعتمدتها الحكومة لمواجهة آثار الأزمة المالية العالمية، وأشار التقرير، أنه بالرغم من تداعيات الأزمة، فإن نسبة نمو الناتج الداخلي الخام عرفت تطورا ايجابيا ب 2,4 بالمائة العام الفارط، فيما سجل ارتفاع معدل التضخم إلى 5,7 بالمائة بفعل سياسة الإنفاق العمومي، وضخ سيولة مالية كبيرة لتمويل المشاريع، إضافة إلى زيادة الأجور، ما أدى إلى توسع التضخم.وتطرق التقرير بالتفصيل إلى نسب النمو المسجلة في كل قطاع، ولا سيما في قطاع المحروقات الذي يمثل أهم مصدر للإيرادات، ويشير التقرير أن ارتفاع وتيرة نشاط القطاع قد يتأجل إلى 2011 بفعل تراجع صادرات الغاز الجزائري نحو أوروبا في الفترة الأخيرة، بالمقابل سجل التقرير وتيرة نمو ايجابية في قطاع الفلاحة، ب 20 بالمائة، البناء والأشغال العمومية ب 8,7 بالمائة.وفيما يخص القدرة الشرائية للمواطنين، يشير التقرير إلى الزيادات التي أقرتها الحكومة في أجور فئات كبيرة من الموظفين خلال الأشهر ال18 الأخيرة، ومست هذه الزيادات أجور الموظفين، والحد الأدنى للأجور بنسبة 25 بالمائة، وكذا زيادة في منح الطلبة"، ويشير التقرير إلى إصدار 40 قانون أساسي خاص و نظامين تعويضيين، إضافة إلى زيادة في منح المتقاعدين والتي مست أزيد من مليون متقاعد. وأوضح التقرير أن التحويلات الاجتماعية عرفت زيادة معتبرة في السنوات الأخيرة بحيث انتقلت من 245 مليار دينار في 1999 إلى 460 مليار دينار في 2005، كما أشار التقرير إلى استحداث 1,5 مليون منصب شغل جديد منها 400 ألف مناصب دائمة وهو ما سمح بخفض معدل البطالة إلى 10,2 بالمائة العام الماضي.