50بالمائة من المشوهين يعانون اليأس و طول انتظار مواعيد العمليات البلاستيكية 50بالمائة من المحروقين يحتاجون لجراحات تقويمية "Chirurgie plastique" التي حتى إذا كانت لا تعيد لهم جسدهم كما كان قبل الحادث و لا تكون لها نفس نتائج الجراحات التجميلية تبقى مطلوبة جدا لما لها من أثر كبير في تحسين نفسية المريض ، غير أن حظ الفوز بعملية تقويمية بقسنطينة يكاد يكون حلما بعيد المنال بالنسبة للكثير من المشوهين الذين يضطرون إما للسفر إلى العاصمة من أجل الخضوع لعمليات زرع للجلد رغم وجود مصلحة مختصة بالمستشفى الجامعي ابن باديس و ذلك منذ 1996، لكنها تبقى دون اعتماد رسمي إلى يومنا هذا.هذا هو واقع مصلحة الجراحة التقويمية بمستشفى ابن باديس و حال الكثير من المصابين بتشوهات ناجمة عن حوادث الحروق الخطيرة التي تتطلب جراحات تقويمية دقيقة حسب درجة الحروق و نسبة إتلافها للأنسجة و الجلد. و خلال قيامنا بهذا الاستطلاع لاحظنا تذمرا و استياء كبيرين لدى المرضى الذين ظهرت على معظمهم علامات اليأس في استعادة و لو 50بالمائة من شكلهم السابق لاسيما المصابين بتشوهات على مستوى الوجه، الرأس و المناطق الظاهرة من الجسم. خضعت لعمليات زرع فاشلة أحلام( 15سنة) خضعت لعملية تقويمية منذ سنوات على يد الفريق الطبي الصيني قالت أنها لم تلحظ فرقا كبيرا بين شكل الندوب قبل و بعد العملية:" تألمت كثيرا قبل أن يلتئم جرحي، و تفاجأت بعدم اختفاء الندوب و لا تقلص مستوى التشوهات، بل ازدادت جروحي على مستوى الفخذ المكان الذي أخذت منه الأنسجة لاستغلالها في عملية الزرع و لحسن الحظ أن العمليات الأولى أجريت على مستوى اليدين و القدمين و صدقوني أن ذلك لم يشجعني على العودة لإجراء جراحات أخرى كانت مقررة على مستوى الخد الأيمن". و أسرت أحلام للنصر بنبرات يائسة أنها فقدت الأمل في استعادة جسمها قبل الحادث. نفس حالة اليأس سجلناها عند عدد من المرضى المحروقين الذين و إن لم يكفوا عن حمد الله على بقائهم على قيد الحياة، لا يستطيعون التغلب على عقدهم و عدم تقبل نظرات الآخرين لتشوهاتهم و تقززهم منها على حد تعبير السيدة صورية الناجية من انفجار قارورة غاز التي لا زالت ندوب الحروق بادية على سائر جسدها رغم خضوعها لعدة عمليات تقويمية، حيث روت صورية أنها بعد عدة سنوات من الحادث لم تستعد بعد ثقتها في النفس بسبب فشل العمليات الجراحية التقويمية و التجميلية في تصحيح بعض التشوهات التي تشعر باستمرار بحزن عميق كلما نظر الآخرون إليها و لم يخفوا انصدامهم من شكلها بل ثمة من يبالغون في تدقيق النظر مع التقزز حسبها و هو ما جعلها تصرف الكثير في عمليات تجميلية بالعيادات الخاصة لكن دون نتائج مرضية على حد تقديرها. جهود تتجاوز الإمكانيات و خلال قيامنا بالاستطلاع لاحظنا استياء كبيرا و غياب الثقة لدى المرضى المحتاجين إلى عمليات تقويمية و تجميلية حيث عرفنا من عدد منهم أن مصلحة الجراحة البلاستيكية لم تعد تستقبل المرضى المشوهين و لا تقوم بعمليات الزرع المعقدة بل اقتصرت خدماتها على العمليات البسيطة و غير الخطيرة في آن واحد، و هو ما اضطر الكثيرين إلى اللجوء إلى العاصمة و العيادات الخاصة من أجل تصحيح بعض التشوهات التي حوّلت حياتهم إلى جحيم، و هو ما نفته رئيسة الأطباء الدكتورة حزمون التي أكدت أن المصلحة تقوم بعمليات جراحية يومية بمعدل 5عمليات في اليوم و تصل أحيانا كثيرة إلى 10عمليات في اليوم الواحد، و قالت أن سبب تذمر المرضى و ادعائهم عدم قبول استقبالهم و إخضاعهم لعمليات تقويمية يرجع دون شك إلى عدم صبرهم و ضجرهم من المواعيد البعيدة التي لا يمكن تلبيتها لكثرتها حسبها مشيرة إلى طاقة الاستيعاب الضئيلة جدا للمصلحة التي تقدر ب12سرير،و توفرها على جراحين اثنين فقط. و أضافت أن المصلحة تتحمل أعباء أكثر من طاقتها و تجري عمليات معقدة تتطلب مكوث المريض فترة معتبرة بالمستشفى و هو ما يحول دون تلبية و إرضاء الجميع، علما و أن قسم يستقبل المرضى من مختلف الولايات المجاورة. و أشادت بالعمليات الناجحة التي حققها قسم الجراحة التقويمية منذ 2002 و أكثرها على المستوى الوظيفي أو إعادة الوظيفة للعضو المصاب التي قدرت نجاحها بنسبة 90بالمائة. كما أعادت الأمل للكثير من المرضى مستشهدة بحالة مريضة بقيت سنتين بين مصلحتي الأمراض المعدية و أمراض النساء و التي عانت من داء "فيرناي"Verneuil" التي تخلصت من أثار المرض بفضل عمليات متكررة أجريت لها بالمصلحة و هي اليوم تستعد حسبها للزواج. مصلحة تمارس أعمالها منذ 1996 دون اعتماد رسمي و علمنا من مصادر مطلعة أن المصلحة لا تتوفر على جهاز للتعقيم autoclave"" علما و أن المصلحة تجري عمليات تقويمية دقيقة مختلفة حتى للثدي و هنا يفرض السؤال نفسه كيف يمكن إجراء جراحات في مثل هذه الظروف و تهديد حياة المرضى، كما تفاجأنا بعدم حيازة المصلحة على اعتماد رسمي رغم ممارستها لنشاطها منذ 1996 اشتغل خلالها طاقم طبي صيني لفترة قبل مغادرته منذ قرابة السبع سنوات.و قد أكد مدير المستشفى الجامعي الدكتور زرمان عدم حيازة المصلحة على اعتماد رسمي رغم فتحها منذ 15سنة و سيّرها الصينيون قبل تكوين أطباء جزائريين مختصين في هذا التخصص الحديث بالجزائر. و قال أن المصلحة استفادت منذ أكثر من شهرين من جهاز "أوتوكلاف" و تتوفر على كل الوسائل كباقي المصالح مؤكدا أنها ليست المصلحة الوحيدة غير المعتمدة داخل هذه المؤسسة الاستشفائية، و الإدارة تسعى لتسوية الوضعية منذ سنوات.و من جهتها قالت الدكتورة حزمون رئيسة الأطباء بقسم الجراحة البلاستيكية أن المصلحة استفادت مؤخرا من جهاز للتعقيم عالي الجودة، و عن سبب تأخر استخدامه ردت أن الأمور التقنية تتجاوزها، موضحة بأن كل العمليات التي أجرتها خضعت للترتيبات الوقائية اللازمة حيث اضطرت في بعض الجراحات إلى فرض ثلاث عمليات تعقيم للأجهزة المستعملة في اليوم، فيما تقوم بعمليات التقويم للمرضى المحروقين بغرفة العمليات بمصلحة الحروق.و قالت أن معظم حالات الالتهاب المسجلة عند المرضى تحصل بعد مغادرتهم المستشفى و قيامهم بتغيير الضمادات في ظروف غير صحية.و مهما تكن المشاكل التي تعانيها المصلحة فإن المريض يبقى المتضرر الوحيد ، علما و أن 50بالمائة من المحروقين حسب البروفيسور جنان رئيس الأطباء بمصلحة المحروقين بذات المؤسسة يحتاجون إلى عمليات زرع و تقويم، بالإضافة إلى المشوهين في مختلف الحوادث الخطيرة و الأمراض المستعصية. و في انتظار تسوية الأوضاع يبقى على المريض المشوّه حلين إما الاستسلام لاحتيال بعض العيادات الخاصة أو التوجه إلى العاصمة و إلا عليه انتظار موعده الذي قد يطول عدة أشهر.