الكثير منا لا يعرف معنى تقويم الأسنان، هذا ما استنتجناه في إطار استطلاع قمنا به في أوساط المواطنين حيث اتضح أن فئة كبيرة منهم صارت تعتبره موضة تلجأ إليها النساء قبل الرجال، وتبقى الأغلبية من الأطفال والمراهقين، في حين توجد فئة قليلة فقط تعرف دلالته، باعتباره فرعا من فروع طب الأسنان، ويتعلق بتقويم الفكين من أجل تحسين مظهر الأسنان المعوجة أوالمتزاحمة وبروز الفك العلوي، حيث يبقى الحل الوحيد لمعالجة هذه المشاكل بالفك هوالتقويم، خاصة أن تشوهات الأسنان والفكين تلعب دورا كبيرا في التأثير النفسي على المريض. وتتفاوت الحالات التي تتطلب تقويم الأسنان بين بسيطة ومتوسطة، وبالتالي يعتمد ذلك على التشخيص وخطة العلاج الموضوعة من قبل أخصائي التقويم. تعتبر الابتسامة جزءا من شخصية الإنسان، وهي أول ما نقابل به الآخرين، واكتمالها لا يكون دون أسنان سليمة ومرصوصة بطريقة منسجمة، فعلاجها وترتيب مظهرها يكون بإخضاعها إلى عملية تقويم، وهذا التخصص أصبح موضع اهتمام الكثير من الناس نظرا لأهميته في إصلاح وتعديل الابتسامة، فعند زيارة عيادات الأسنان،تجدها مكتظة بالحالات التي تبحث عن التعديل والتي أضحت لا تقتصر على الصغار فقط وإنما شملت أيضا فئة الكبار. في هذا الشأن كانت لنا خرجة ميدانية إلى إحدى العيادات الخاصة بطب الأسنان،حيث قادتنا جولتنا إلى العيادة الخاصة للدكتور ''حميتي محمد'' أخصائي تقويم الأسنان بعين البنيان، فكان أن تعرفنا على العديد من الحالات التي تخضع لعملية تقويم الأسنان للكبار والصغار، وكذا مشاهدة وتتبع مراحل كيفية وضع مسامير التثبيت فوق الأسنان. حالات تتطلب عملية تقويم الأسنان في البداية أعطى لنا الدكتور ''حميتي''، التوضيحات الخاصة والتي تتطلب إجبارية الخضوع إلى عملية التقويم، كمشكلة بروز الأسنان التي تعتبر من المشكلات التي تسترعي انتباه العديد من المرضى الذين يرتادون عيادات التقويم لعلاجها، موضحا أنه غالبا ما يكون بروز الأسنان مصاحبا ببروز في الشفاه، الذي يصل أحيانا إلى درجة كبيرة جدا يبقى معها فم المريض مفتوحا ليل ونهار. وعلاج هذه الحالة من العلاجات الصعبة كونه يتأثر بعدة عوامل مختلفة، منها المريض ومقدار رضاه عن مدى بروز أسنانه، وتأثيره على الشفتين، ورؤية الطبيب التي تجعل تحديد طريقة العلاج صعبة أحيانا. هذا وأعطى لنا مثالا على ذلك معالجته لحالات عديدة من هذا القبيل، كحالة سعاد صاحبة ال 25 سنة والتي قدمت من الشراقة، وكانت تبحث عن حل لمشكلتها المتمثلة في ضمور شفتيها وتغير شكلها لدرجة أنها تأثرت نفسيا من ذلك، حيث خضعت لعملية تقويم بالعيادة، بهدف إصلاح سوء إطباق الأسنان الذي كان لديها آنذاك، واضطرت إلى علاجها عن طريق خلع بعض أسنانها، ومن ثم قفل الفراغات بترجيع الأسنان الأمامية وبالتالي حل مشكلة اللاتطابق. وبعد مرور 3 سنوات على هذا العلاج، وبعد مرحلة غلق الفراغات الناتجة عن الخلع، اكتشفت المريضة بأن شكل وجهها قد تغير وأن شفتيها أصبحتا متناسقتين إلى حد كبير. وحالة محمد الطفل ذي ال 12 ربيعا، وتتمثل مشكلته في بروز أسنانه وشفتيه بشكل مزعج إلى حد كبير، وقد قام الدكتور بعلاجه عن طريق خلع 4 ضواحك وتقويم أسنانه. وبعد انتهاء العلاج كان الطفل مختلفا تماما، أصبح طفلا جميلا ذا شخصية جذابة ومرحة ومحبوبة. هذا وأشار الدكتور ''حميتي'' إلى أنه هناك تساؤلات متعددة، وقد تكون طبيعية لدى البعض عن لماذا يحصل تقويم الأسنان، والأسباب عامة وواضحة لدى أغلب من يلجأون إلى التقويم، إذ نلاحظ أن معظم المرضى يعانون من بروز في الأسنان العلوية والسفلية معا، ويعتبرها البعض علامة من علامات الجمال. وفي حالات أخرى ونحن كأطباء واختصاصيين في التقويم، قد ينظر إلى بروز الأسنان بأنه شكل غير مستحب، حيث يتبين ذلك من خلال الفحص، حيث نجد أنه قد يكون في حالة تأخر نمو الفك السفلي وتقدم في نموالفك العلوي بشكل ملحوظ، وقد يكون حجم الفك ضيقا فتلجأ الأسنان إلى التزاحم، مما يؤدي إلى عدم وجود فراغ كافٍ مما يعطي انطباعا بان الأسنان العلوية بارزة جدا، خاصة إذا كبر حجم الأسنان، وهذه النقطة مهمة وتسترعي الانتباه والتشخيص لمثل هذه الحالات، مضيفا أن عامل الوراثة يلعب دورا مهما جدا في شيوع هذا النوع من المشاكل لدى فئة كبيرة من الناس. عشرة بالمائة حالات تتعدى أعمارهم ثلاثون سنة وحسب ما أكده لنا الأخصائي الدكتور حميتي، فإن الوقت المثالي لتقويم الأسنان للصغار هو ما بين 10 و14 سنة من العمر، حيث إن الرأس والفم لايزالان ينموان، والأسنان تكون أكثر قابلية للتقويم، موضحا أن بعض الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 4 و8 سنوات لا يخضعون إلى عملية تقويم الأسنان، لأنه لم يكتمل نموها واستبدالها كلها، مشيرا في نفس الوقت إلى أنه ما بعد البلوغ، أي عندما يكون المريض مكتمل النمو وعظام الفك أيضا، تتوقف الخطة العلاجية الموضوعة بأخذ مجموعة من الأشعة المتتابعة لمعرفة وقت توقف النمو، وكلما تعقدت مشكلة التباعد بين الأسنان كلما طالت فترة العلاج المحددة، وإن كانت بعض حالات التشوه صعبة، في العادة تتطلب مدة أحتاج فيها استخدام التقويم بالتدخل الجراحي، سواء في وقت مبكر أوفترة ما قبل البلوغ. هذا وأشار إلى أنه صادف في عيادته العديد من الحالات لنساء ورجال تتجاوز أعمارهم 30 سنة، أي بنسبة 10 بالمائة، وحوالي 50 بالمائة سنهم تتراوح ما بين 12 و30 سنة. وهو الحال بالنسبة للسيد ''محمد'' من عين البنيان صاحب ال 44 سنة، وهو أب لأربعة أطفال مصاب بداء السكري، خضع لعملية تقويم أسنانه لمدة 20 شهرا، والسيدة خديجة صاحبة ال 35 عاما، خضعت لعملية تقويم أسنانها لمدة عام ونصف، بعد ولادة طفليها، وكانت تعاني من مشكل وجود فراغات بين أسنانها بعد الولادة، وما هي إلا عينة لباقي السيدات اللائي خضعن أيضا لعملية تقويم الأسنان. 200 حالة تخضع إلى عملية تقويم الأسنان بمستشفى مصطفى باشا الجامعي هذا وتشهد المستشفيات العمومية بالعاصمة بأقسام جراحة الأسنان، عملية تقويم لمواطنين تتراوح أعمارهم ما بين 9 و12 سنة فقط. وحسب ما جاء على لسان طبيبة الأسنان ''عبد الله ف '' مختصة في تقويم الأسنان بمستشفى مصطفى باشا الجامعي، فإن الحالات التي تخضع لعملية التقويم بالمستشفى لا تتجاوز 200 حالة، حيث يتم تجديد القائمة كل شهر نوفمبر من كل عام، مشيرة الى أنه أمام النقص الفادح وعدم توفر النوعية الجيدة للمواد للازمة للتقويم، فإن غالبية هذه الحالات المتوافدة نسبة نجاحها قليلة، في حين ومع نقص الوسائل هناك بعض الحالات تشتري كل لوازم التقويم، وتأتي بها إلى اختصاصي التقويم بالمستشفى لتثبيتها لهم. استخدام المثبتات وطريقة تركيبها أحدث التطورات العلاجية للأسنان أضاف الدكتور ''حميتي'' أن أطباء التقويم حرصوا في زمننا الحاضر، على إدخال ''نكهات'' جديدة للتقليل من معاناة مرضى التقويم أثناء العلاج من ألم وطول فترة العلاج وكثرة الأجهزة المستخدمة في الفم، وهذه المثبتات إحدى ''النكهات'' التي أضافت الكثير لمفاهيم طب تقويم الأسنان. فمسامير التقويم المثبتة عبارة عن براغٍ مصنوعة من معدن التيتانيوم يصل طولها إلى 5 ميليمترات، وسمكها 1 مليمتر، موضحا لنا كيفية غرسها فوق الأسنان، مشبها إياها بمتسلقي الجبال عند تسلقهم القمم، حيث تتيح لهم الحركة في أي اتجاه، وتعتبر من أهم طرق علاج تقويم الأسنان للكبار والصغار. هذه الأخيرة أحدثت تغييرا وأنقصت بعض العراقيل التي كان يواجهها الطبيب والمريض خلال مدة العلاج، فالصعوبة كانت تكمن في تحريك الأسنان والضروس في اتجاهات معينه في بعض الأحيان، مثل تحريكها إلى الخلف وذلك عند علاج بروز الأسنان أو تزاحم الأسنان. وكذلك تحريك الأسنان في اتجاه عمودي وخاصة عند علاج العضة العميقة أو المفتوحة. طريقة تثبيتها، حسب المتحدث، سهلة جدا، في البداية يجب أخذ صورة أشعه للفكين، ثم يتم وضع مادة حمضية فوق الأسنان لمدة 30 ثانية، فالمادة الحمضية تعمل على تعريض الثقب الصغيرة المتواجدة فوق السنة أو الضرس، وبالتالي تسهل عملية لصق ''بركات'' شفافة. بعد استعمال وضع المادة اللاصقة، يتم تجفيف هذه الأخيرة بآلة الضوء الأزرق لمدة 10 ثوانٍ، وعند الانتهاء من تركيب ''البركات'' يتم وضع سلك ''لفيلي''، حيث يتم شد الأسلاك الرابطة للأسنان عند كل زيارة للطبيب، مع تحميل بعض الضغط الخفيف على المشابك أو الأربطة لتحريك الأسنان أو الفكين تدريجيا إلى الموضع المرغوب فيه، وتشعر ببعض آلام في الأسنان والفك بعد كل زيارة، ولكن تكون فترة الألم قصيرة، وبعض الحالات تتطلب خلع بعض الأسنان وذلك لفسح المجال ولتحقيق المحاذاة الصحية للفكين. ويكون الموعد الأول بعد تركيب ''البركات'' من 30 إلى 45 يوما، ثم من أسبوع إلى أسبوعين، إلى 21 يوما، ومدة العلاج المحددة تكون من 6 أشهر إلى سنة عند بعض الحالات، ولكن إذا تجاوزت سنتين إلى 4 سنوات فترجع إلى نوعية عظام الأسنان، فهناك حالات تتوفر على عظام سميكة، وأخرى على عظام خفيفة، ناهيك عن عدم انتظام المريض في تتبع مواعيد المحددة مما يؤثر سلبا على المراحل الأولى التي أجريت له. اختصاصيو التقويم يضطرون لشراء الأجهزة من السوق السوداء وبخصوص المواد التي تستعمل في التقويم، أكد ذات المتحدث أنها لا تتوفر بصيدليات العاصمة، وإن توفرت فتكون ذات نوعية رديئة يتم استيرادها من الصين وتركيا، فتباع بمتاجر العاصمة بأثمان رخيصة. معطيا مثلا على مسامير التقويم المثبتة ''البركات''. مشيرا إلى أن هناك نوعين واحدة شفافة وأخرى فضية اللون، مدة صلاحيتها تتراوح ما بين 5 و10 سنوات، وغالبا ما أتصادف ببعض الحالات، حيث المسامير الفضية تصدأ بعد استعمالها، وهذا ما أرغمنا على شراء النوعية الرفيعة المستوردة من السوق السوداء ''الكابة''، وبأثمان باهظة من كل من دولة اليابان، فرنسا، أمريكا، اسبانيا وإيطاليا، حيث يقدر ثمن المسامير ب 4 آلاف دينار والسائل الحمضي 3 آلاف دينار، سلك ''لفيلي'' ذو نوعين دائري ومربع الشكل 4 آلاف دينار، الواحد منه يباع ب 400 دينار. ويقدر مبلغ النوعية الجيدة ب 15 ألف دينار، في حين يقدر المبلغ عند أصحاب هاته المتاجر ب5 آلاف دينار رغم نوعيتها الرديئة. هذا وأضاف بخصوص سعر تقويم الأسنان أنه يختلف من حالة إلى أخرى، وكذا حسب نوعية المثبتات ''البركات''، فالشفافة منها يتراوح سعرها ما بين 44 و50 ألف دينار، أما المثبتات الفضية فسعرها يتراوح ما بين 30 و35 ألف دينار. تجنب أكل الحلويات والساندويتشات للحفاظ عل تثبيت المسامير وللحفاظ على سلامة الأسنان و''البركات'' المثبتة، أعطى لنا الدكتور حميتي اختصاصي تقويم الأسنان جملة من النصائح لا بد أن تتبعها كل الحالات، أولها وجوب التقليل من تناول الأغذية الصلبة كالتفاح، الجزر، والامتناع عن تناول الأغذية غير الصحية كالساندويتشات والوجبات الخفيفة وكذا الحلويات، كمضغ الكراميل والمكسرات كاللوز والبندق وغيرها، معتبرا أن هذه المأكولات يمكن أن تسبب تلف الأسلاك وسقوط ''البركات. مشيرا إلى عدم نسيان عامل تنظيف الأسنان عند كل وجبة، باستعمال الفرشاة الطرية وأثناء الغسل يجب أن يكون تحريك الفرشاة بشكل دائري للحفاظ على صحة الأسنان وانتظامها.