الجبة القبائلية تبقى هي المفضلة في جهاز العروس لدى نساء جرجرة تشكل الجبّة القبائلية أو ما يسمى محليا ب»ثقندورث لقبايل»التي ارتبطت بالمنطقة و تراثها منذ قرون، جزء من هوية نساء جرجرة، فهي تعكس أصالتهن ثقافتهن وتاريخهنّ العريق، و رغم أنّ هذا الزي كان ينحصر فقط بين ولايات تيزي وزو، بومرداس، البويرة و بجاية ، فإنه أصبح اليوم منتشرا عبر مختلف ولايات الوطن من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب، ترتديه النساء في الأعراس ومختلف المناسبات والأفراح ، كما لا تستغني عنه نساء منطقة القبائل في سائر الأيام الأخرى خاصة كبيرات السن. تتماشى الجبة القبائلية مع الذوق العام للزبونات المحبات للتغيير والتجديد على الدوام ، ولعل ما يشد الانتباه فيها ويرافقها دوما " "ثيمحرمث" أو "الفوطة" التي توضع على مستوى الخصر فوق الجبة ويُحيط بها «أقوس لحرير» بمعنى «الحزام الحريري» كما يغطي «أمنديل» أي المنديل الرّأس. وتكون كل هذه القطع التي تتماشى مع الجبة القبائلية مزركشة بألوان متجانسة يزينها على مستوى الحواشي ما يعرف ب»خيط الحنة» بأحجام وأشكال تمتزج بألوان الطبيعة الجبلية التي اقتبست منها. الجبّة ضرورية في جهاز العروس التي تعتبر لوحة فنية أصيلة للتصديرة مع باقي الفساتين التقليدية الأخرى التي تشتهر بها كل ولاية من ولايات الوطن والتي تشكل هويّتها. وقد عرفت الجبة القبائلية مع مرور الوقت عدة إضافات قبل أن تصل إلى ما هي عليه اليوم، إذ أصبحت تضم عدة تصميمات مع اختلاف نوعية القماش المستعمل وحجمه مثلما أكّدته للنصر إحدى مصممات الجبات القبائلية ،التقينا بها في ورشة للخياطة بمدينة تيزي وزو حيث أدخلت عدّة تعديلات على الجبة سواء من ناحية التفصيل أو الخياطة أو تزيين الحواشي ،تماشيا مع العصرنة، إلّا أنّ ذلك لم يمس جوهر وأصالة هذا اللباس التقليدي الأصيل، مضيفة بأن الأذواق والألوان تختلف من فتاة لأخرى ومن سيدة لأخرى، لكن النّساء المتقدّمات في السن يفضلن الجبّة التي اعتدن عليها دون إدخال أي نوع من التغييرات عليها. المهم أن تكون الجبّة على المقاس وبحواش بسيطة و طويلة و محتشمة. ذوق الفتيات صغيرات السن أو المراهقات يختلف تماما .و بهذا الخصوص قالت الحرفية /ن جوهر/ بأنّ الفتيات عادة ما يفضلن أن تكون الجبّة غير ممتلئة وجميلة أو دون أكمام مع إدخال الروتوشات العصرية لإضفاء نوع من الموضة عليها حتّى يبدين في كامل أناقتهنّ في الأعراس، وهو التصميم حسبها الذي لم يكن موجودا إطلاقا من قبل. الجبّة القبائلية حاضرة بقوة في مختلف التظاهرات التي تقام عبر الوطن، إذ يتم عرضها كنوع من التقاليد التي تميّز منطقة القبائل ، وتعرف تجارتها انتعاشا كبيرا في فصل الصيف المتزامن مع موسم الأعراس والأفراح، بحيث يكثر الطلب عليها خاصة مع اختلاف التصاميم وأنواع القماش تماشيا مع الذوق العام للزبونات المحبات للتغيير والتجديد على الدوام.أمّا عن أنواع جبات القبائل الأكثر رواجا في منطقة القبائل توجد «جبة واضية» التي تعتبر أصل الفستان التقليدي القبائلي الذي يحتل حاليا واجهات المحلات الخاصة ببيع الألبسة التقليدية الجاهزة و ارتداؤها يعد إجباريا على العروس يوم الحنّة و تكون مختلفة كثيرا عن الجبة العادية حيث تمتلئ عن آخرها بحواش تزيينية كثيرة ومختلفة الألوان، تضاف إليها الفوطة التي يشترط أن تخاط بنفس صنف ولون الحواشي التي يخاط بها الفستان الذي لا يكاد يظهر القماش الحريري الأبيض فيه لتكون تحفة فنية غاية في التناسق والجمال ،خاصة إذا اكتملت مع طاقم الحلي الفضية. اتخذت العديد من النّساء حرفة خياطة «ثقندورث لقبايل» مهنة لهنّ خاصّة اللواتي يعانين من انعدام الدخل المادي كالمطلّقات أو الأرامل مثلما هو الشأن بالنسبة للسيّدة «و رقية» التي امتهنت هذه الحرفة لأزيد عن 35 سنة من أجل تلبية احتياجات عائلتها بعدما ترملت في سن مبكرة. قالت بهذا الشأن بأنّ الظروف الصعبة التي كانت تعانيها رفقة أبنائها الثلاثة جعلت منها حرفية بامتياز، فأصبحت خياطة متخصصة في الجبة القبائلية وقد اتخذت من هذه الحرفة مصدر رزق ساعدها على تخطي شبح الفقر الذي عانت منه كثيرا وتحوّل مسكنها إلى قبلة للزبونات من مختلف الأعمار و قد دفعتها الإرادة القوية من جهة و الرغبة في الحفاظ على تراث الأجداد من جهة أخرى لمواصلة هذا العمل .فأصبح بإمكانها تحويل قطع القماش إلى تحف فنية رائعة . عن أسعار جبة المرأة الأمازيغية تقول ذات الحرفية بأنها تختلف باختلاف التصاميم و أنواع و أشكال و أحجام الزينة و الزركشة و نوعية القماش المستعمل فيها فهي تتراوح حسبها بين ألفي دج و 2مليون سنتيم. علما بأن الجبّة المصنوعة يدويا تكون الأغلى نظرا للمدّة الزمنيّة التي تستغرقها للانتهاء منها والتي تصل في بعض الأحيان إلى ثلاثة أشهر. ويبقى التمسّك بكل ما هو تقليدي سرّ نجاح الجبّة القبائلية التي تناسب جميع الفئات العمرية والأذواق والطبقات الاجتماعية ،حسبما ما أكّده لنا صاحب إحدى محلات الألبسة الجاهزة.