"الماتادور" يخرج من المونديال بنكسة أدخلته التاريخ عبر أضيق الأبواب شكل الخروج المبكر لمنتخب إسبانيا من مونديال 2014 أكبر مفاجأة ستدون في سجل المنافسة، لأن "لاروخا " أصبحت بعد الهزيمة أمام الشيلي رابع بطل للعالم يجبر على توديع العرس العالمي من أول الأدوار في رحلة الدفاع عن لقبه، بعد كل من إيطاليا، البرازيل و فرنسا. و لو أن هذا "السيناريو" يحدث لخامس مرة في تاريخ نهائيات كأس العالم، لأن المنتخب الإيطالي عايش هذا "الكابوس " في دورتي، 1950، و2010، بينما مر المنتخب الفرنسي بنفس الوضعية في كوريا الجنوبية و اليابان قبل 12 سنة، في الوقت الذي تكبد فيه المنتخب البرازيلي مرارة الإقصاء من أول دور في طبعة 1966، لتكون إسبانيا ثالث منتخب أوروبي يجبر على حزم الحقائب من أول محطة. و لعل ما زاد في "تاريخية " نكسة إسبانيا أنها المرة الأولى في نهائيات كأس العالم التي يدشن فيها البطل مشاركته بهزيمتين متتاليتين، كما أن "الماتادور " لم يسبق له في الدورات ال 14 التي حضر فيها إلى المونديال أن ودع العرس العالمي من مقابلتين، بعد العجز عن الحصول على نقطة واحدة. إقصاء "لاروخا " لم يكن يتوقعه أكبر المتشائمين في إسبانيا، لأن كتيبة العجوز ديل بوسكي تنقلت إلى "بلاد السامبا " في ثوب البطل، وكلها أمل في تجسيد السيطرة المطلقة للكرة الإسبانية على الألقاب بفضل جيل صنع الأمجاد بتتويجه باللقب العالمي في جنوب إفريقيا و كذا تسيده القارة الأوروبية في نسختين متاليتين، ولو أن التفاؤل في دخول التاريخ بالمحافظة على التاج العالمي زاد في قلوب الإسبان بعد إنجازات أنديتها في المنافسات الأوروبية في نهاية الموسم، لأن نهائي دوري أبطال أوروبا كان إستثنائيا، كونه جمع بين عملاقي العاصمة مدريد، فكانت الغلبة للنادي الملكي، كما أن نادي إشبيلية توج بكأس الإتحاد الأوروبي، في إنجازين كانا يوحيان بأن "لاروخا" ستواصل مسيرة التألق التي بدأتها سنة 2007، لكن الهزيمة التاريخية في أول ظهور بالبرازيل أمام هولندا أخلطت الحسابات، رغم أن بعض المتفائلين حاولوا تصنيفها في خانة "كبوة جواد" على أمل التدارك، و بالتالي تكرار "سيناريو " 2010، غير أن منتخب الشيلي الذي حقق أول فوز له على الإسبان في المونديال طرق آخر مسمار في "نعش " المنتخب الإسباني، ليجبر أبطال العالم على توديع الأراضي البرازيلية ومتابعة باقي أطوار المونديال عبر شاشات التلفزيون. نهاية جيل ذهبي بسيناريو درامي عايشته فرنسا قبل 12 سنة هذا و قد أجمع المتتبعون على أن "نكسة " المنتخب الإسباني كانت بمثابة نقطة النهاية لإنجازات صنعها جيل ذهبي لم تشهد الكرة الإسبانية مثله في تاريخها، فأسماء كاسياس، راموس، تشافي، إينيستا، توريس و غيرها ستبقى مدونة في السجل الذهبي للكرتين العالمية و الأوروبية، كونه نجح بفضل إستراتيجية لعب مميزة في المزاوجة بين الإستعراض الميداني و حصد الألقاب، و هذا ببصمة المدرب ديل بوسكي الذي إستثمر في نجاعة "البارصا " و نجومية "الريال " لتشكيل منتخب سيطر به على جميع الأصعدة، إلى درجة أنه تنقل إلى البرازيل بتفاؤل مبالغ فيه فكانت صدمة الإقصاء المذل كبيرة عليه، رغم أنه اعترف بأن هذا المونديال محطة نهاية لجيل صنع الإنجازات، لكنه إنتهى و لا بد من التفكير في مستقبل جديد للكرة الإسبانية. "نكسة " إسبانيا كانت نسخة طبق الأصل لما عاشته الجارة فرنسا في كوريا الجنوبية و اليابان سنة 2002، لأن بطل العالم و القارة الأوروبية أجبر حينها على الخروج من المونديال من أول الأدوار بعد الإكتفاء بالحصول على نقطة يتيمة و من دون تسجيل و لو هدف شرف، و لو أن مسيرة "لاروخا " في البرازيل كانت كارثية، خاصة بعد خماسية هولندا. الصحف الإسبانية تنعي "لاروخا " بعد الكارثة هذا وعبرت الصحافة الإسبانية عن خيبة أمل كبيرة عقب إقصاء "الماتادور "، حيث أوضحت صحيفة "ماركا " على أن بطل العالم لم يتمكن من الصمود في البرازيل لمدة أسبوع واحد، فسقط من السماء في نهاية حقبة ذهبية صنعها جيل إستثنائي، و قد عنونت صفحتها الأولى " نهاية رهيبة لأكثر الحقبات مجدا "، و هو نفس الطرح الذي عالجت به صحيفة "آس " النكسة بتأكيدها على أن الشيلي وقعت على نهاية جيل ذهبي بسيناريو درامي، حيث كان صدر صفحتها الرئيسية بعنوان "كانت أياما جميلة لكنها انتهت"، و قد بادرت الصحيفة إلى نشر صور استعادت بها ذكريات التتويج في مونديال 2010 و كذا بكأس الأمم الأوروبية في نسختيها الأخيرتين، و قد تضمنت الصور المنشورة عناوين فرعية جد مؤثرة، منها "لا تعتذروا، نحن مدينون لكم بالكثير" في رسالة مباشرة إلى اللاعبين، ولو أن الصحيفة ربطت هذه النكسة بتراجع أداء "البارصا " الموسم الماضي. من جهتها اعتبرت يومية " سبورت " الإقصاء بمثابة ضربة قاضية لجيل تاريخي، ملحة على ضرورة الإسراع في إحداث التغيير، بينما صنفت "موندو ديبوتيفو " الإقصاء من الدور الأول في خانة الخروج من الباب الخلفي، مادام العرس الكروي العالمي مر مرور الكرام على الكرة الإسبانية.