أحمد بن زليخة يسترجع اللحظات الأخيرة لسقوط العاصمة روائيا صدرت مؤخرا عن دار القصبة للنشر، رواية جديدة باللغة الفرنسية للصحفي أحمد بن زليخة ، الموسومة ب "نافورة سيدي حسان"، والتي تتناول حدثا تاريخيا مهما ، حيث تروي تفاصيل آخر لحظات التواجد العثماني في الجزائر، العمل الحديث يسلط الضوء على حياة العاصمين في حقبة الاجتياح الفرنسي للمدينة، أين يصور مواقفهم و دفاعهم عنها، ناقلا حالة الإحباط التي لحقت بهم جراء انهيارها بسهولة، ووقوعها في قبضة القوات الفرنسية، مرجعا ذلك للخيانة التي حصلت من داخل قصبة المدينة، هذه المنطقة التي قام الكاتب بتأريخها روائيا. استندت الرواية لوقائع تاريخية أهملتها مناهج التعليم الرسمية،على غرار المدافع التي أمر حاكم قسنطينة الشيخ أحمد باي باختراعها استنادا لمخطوطات إسلامية تشرح عملية التصنيع، و كانت هذه المخطوطات متوفرة في تلك الحقبة، وذلك من أجل تفادي خسارة قسنطينة مثلما حدث للجزائر للعاصمة، وقال أحمد بن زليخة للنصر بأن رواية "نافورة سيدي حسان لا تستمد أحداثها من الفضاء التاريخي وحسب وإنما تجعله فضاء قابلا للخيال والإضافات التصورية، وذلك من خلال تطور الشخصيات وجعلها تتصارع داخل النص السردي". وعنون أحمد بن زليخة كتابه "نافورة سيدي حسان" استنادا إلى المكان الذي يتدفق منه الماء في قلب قصبة العاصمة، ولما كان الماء هو رمز الحياة فالكاتب ربطه بنصه الإبداعي في محاولة من للبحث عن المصدر الرئيسي الذي يستمد منه الجزائريون اليوم الحياة، وذلك من خلال الرجوع الى الموروث الحضاري والإنساني والذي يستمده من تجارب الأجداد. وقد أضاف محدثنا أن العمل الروائي يتطلب مفاتيح خاصة به تختلف اختلافا كبيرا عن الحكايات الشعبية وهذا ما حاول أن يبرزه في سياق أحداث الرواية، معتبرا نفسه من الذين يشتغلون على بناء النص الإبداعي باعتباره مشروع حضاري لديه أدواته الخاصة وتقنياته المميزة له، كما شدد الكاتب على ضرورة ان يتفق الروائي والقارئ على مفاتيح العمل الإبداعي وذلك بغية بلورة مفهوم واضح وإنشاء خارطة طريق بينهما، حيث يسمح هذا الاتفاق للقارئ بأن لا يتيه في دلالات النص الأدبي، شرط أن لا يقيد هذا التوافق حرية التأويل و تفسيراته لرمزيات النص . ابن مدينة قسنطينة أشار إلى رمزية القصبة في روايته والتي تمثل الثكنة في العهد العثماني وهي القلعة الحامية للجزائر، فهو لم يذكر قصبة الجزائر العاصمة بالتحديد بقدر ما حاول أن يرجع إلى أدهان الجزائريين مرحلة انهيار القلعة وسقوطها كونها ترمز ضمنيا لخسارة شعب لتاريخه وحضارته وذلك بسقوط قلعته، ومنه فالنص حاول أن يسترجع الوطن من خلال استرجاع رمزيات تواجده الأدبي في التاريخ. الكاتب نفى تعمده النبش في الأحداث التاريخية التي تناولت اللحظات الأخيرة من سقوط الجزائر العاصمة في يد الفرنسيين، وإنما أقر بأن تناوله لموضوع الخيانة كان بهدف بلورة مفهوم فلسفي أزلي وهو الصراع ما بين الخير والشر، والتناقض الكبير بين المفهومين خلال فترة الحرب حيث نصبح لا نفرق ما بين ماهو صالح وما بين هو مفسد، فالكاتب فند في سياق حديثه مقولة انه حكم على الشخصيات التاريخية و أضاف أنه سعى إلى بعث اللحظة التاريخية في نص تخيلي وجمالي. الكاتب أحمد بن زليخة أرجع أحد أسباب نجاح كتابته الى مدرسة الواقع التي استطاع أن يتكون فيها، وذلك من خلال ممارسته لمهنة الصحافة، هذه الأخيرة التي أفادته من الناحية التقنية و المعرفية، حيث استطاع أن يمتلك نظرة تحليلية حول أمور الحياة المختلفة، وقد لاحظ محدثنا أن غياب عامل التجديد في الأعمال الروائية الجزائرية هو الذي ساهم في ركود حقل الأدب ، داعيا في الوقت ذاته الى معايشة الحدث والكتابة عنه لبناء ثقافة جديدة تبتعد عن المثالية المغرضة.